اجتماعية مقالات الكتاب

طلاق الزوجة

التفكك الأسري الناجم عن الطلاق الذي يقع بين الزوجين من المشاكل الاجتماعية التي لها حضور قوي في مجتمعاتنا العربية.
عند وقوع الطلاق يشعر كل طرف ان معاناته مع الطرف الآخر قد انتهت فيقوم بإلقاء كل ما يتعلق به خلف ظهره ، غير مكترث للعواقب التي تأتي فيما بعد ، بالنظر للأمر نجد الكثير والكثير من النماذج التي اعتبرت الأطفال جزءا لا يتجزأ من الصراعات القائمة بين الزوجين ليتحول الأبناء من مجني عليهم لجناة، الطلاق لا يأتي من فراغ لكنه المحطة الأخيرة بعد المرور بمحطات صعبة للغاية ليصبح هو الدافع القوي لاتخاذ القرار.

لكن ما الذي يمكن أن يفعله الآباء للأبناء في تلك الحالة خاصة وأن الطلاق يكون للزوجة والأطفال معاً، فنجد تأججا للصراعات بين الزوجين على أعتاب المحاكم للحصول على حق الأطفال مما يجعلهم أكثر عُرضة للأذى خاصة المراهقين منهم، فهو يتحول لشخص معادٍ للمجتمع، غاضب يريد التنفيس عن ما بداخله من غضب فيقوم بتصرفات عنيفة وسلوك غير منضبط لنصبح في النهاية أمام قاتل أو سارق.

الأمر ليس مقتصرا على المراهقين فحسب بل على الأطفال أيضاً فالطفل لا ينشأ فى بيئة سوّيَة وهذا ينعكس بالسلب عليه فيشعر بتشتت خاصة وأنه غير ناضج ولا يدرك ما الذي يدور حوله بينما يشاهد من هم فى عمره ينعمون باستقرار نفسي وأسري في الوقت الذي يكون هو بحاجة للحب والرعاية والاهتمام والتعبير عن مشاعره.

ما يجب أن يعرفه الآباء أن التأثير على الأبناء عند الطلاق ليس أمرا نسبيا أو من الممكن أن ينتهي مع مرور الوقت لأنه يدخل في نشأة الطفل ويكون المسؤول الأول عن سلوكه مستقبلاً خاصة أنه عانى أشد معاناة عند انفصال الوالدين فأصبح الشخص الأكثر عُرضة للأمراض النفسية والمشاكل السلوكية والتعاسة وواجه الكثير من الصعوبات المجتمعية التي جعلته ناقما على كل أسرة مترابطة.

فوضع الطفل في موقف يجبره على الاختيار بين طرف من الطرفين والانحياز له لا يأتي بالسلب إلا على الطفل نفسه، نعاني أشد معاناة من الأفكار العقيمة المترسخة في عقولنا والتي من الصعب تغييرها، فعندما يقرر الرجل ترك زوجته او العكس نجد أن المشاعر الأولى للكراهية بين الزوجين تترجم على الأطفال فيصبح كارها لكل ما يتعلق بالطرف الآخر حتى الأطفال
لا يوجد علاج للحد من ظاهرة التفكيك الأسري سوى الحوار وإعطاء المزيد من الوقت للأبناء حتى بعد وقوع الطلاق لإيصال إحساس لهم بأن الحياة ما تزال مستقرة كما كانت فى السابق بعيداً عن كل تلك الخلافات المشتعلة بين الزوجين وشرح أسباب الطلاق للطفل بعيداً عن التعصب ومشاعر الغضب والسخط من الآخر فتعاسة الطفل وسعادته لا بيد الأم أو الأب وحدهم بل هما الاثنان مسؤولان عنها مسؤولية كاملة.

عند الإقدام على قرار الطلاق يجب وضع الأطفال في الحسبان وترك الغضب جانباً ولا تعتقد أن الطفل سيتقبل الأمر بسهولة فقط لأنه مجبر على ذلك أو حتى مجبرا على العيش به فما أوسع الشوارع التي تضج بالفساد والضياع، أيضاً المشاكل المترتبة اقتصادياً على الأسرة يجب أخذها بعين الاعتبار فالعقاب للزوجة أو الزوج الطفل غير مسؤول عنه، ففقدانه بالأساس لأحد أفراد أسرته كالأم أو الأب تعنى له فقدان حياته بكاملها وليس منزله فحسب.
Nevenabbas88@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *