نؤمن بقضاء الله وقدره، ونؤمن بأن الموت نهاية كل حي. لكن موت النبلاء الأعزاء يحدث في القلوب ألماً وفي النفوس حزناً على من أحببناهم لرفيع خلقهم وطيب معشرهم وجميل تعاملهم وحسن تعاونهم ولحميد صفاتهم وجليل أعمالهم.
فقبل أيام ودعنا إلى رحمة الله الدكتور فهد بن جابر الحارثي مدير التعليم الأسبق بمنطقة الباحة والذي ارتبط اسمه بتعليم الباحة كما ارتبط تعليم الباحة باسمه رحمه الله تعالى. فقد جاءها شاباً يافعاً، تربوياً ناضجاً وإدارياً نابهاً وفوق ذلك قيادياً بارعاً حرّك بوعيه عجلة التعليم بالمنطقة لينطلق بها بحكمة واقتدار، محققاً التطوير الكمي والنوعي! يفتتح مدرسة هنا ويدشن مشروعاً هناك، محركاً مفاصل العمل بشكل إيجابي وبمهارة عالية.
يزور المداس ويشرف على النشاطات والمهرجانات التي كانت تقام في فترة إدارته بكل تألق. يتابع حملات محو الأمية وتعليم الكبار في البادية والقرى البعيدة ،يتعامل مع المواقف بذكاء ويعالجها بهدوء وحكمة. قادر على التأثير في النفوس والعقول لحسن منطقه وعمق خطابه وروعة أسلوبه. يستقبل المراجعين ببسمته المعهودة وكلماته الودودة فيخرج المعلمون والموظفون من مكتبه تحملهم القناعة ويحملون الحماس للعمل الجاد. لم يكن مديراً فقط بل قائداً تربوياً من الطراز الأول. يدفع الهمم ويدير الرجال فيتفانون في العطاء وحسن الأداء، حتى حققت منطقة الباحة في فترته سمعة كبيرة ونجاحاً باهراً على مستوى المملكة وكانت محل إشادة وثناء.
فالطلاب في مقدمة اهتماماته بحرصه على حسن تعليمهم وجودة تدريبهم وسلامة تربيتهم وأهمية توجيههم وسعيه لتوفير البيئة التربوية المناسبة لهم. يشجع المتفوقين ويحفز المتحمسين ويدعم المتميزين.
إلى جانب اهتمامه بمساعدة الطلاب الأيتام ومساندة المحتاجين. من واقع إحساسه النبيل وأبوته الحانية وإنسانيته العالية يشير للوزارة بتخصيص مكافآت خاصة لظروف بعضهم بما يمكّنهم من مواصلة دراستهم وعدم انقطاعهم عن مدارسهم. ومن أجل ذلك وغيره ظل محفوراً في الذاكرة بحروف بيضاء مطبوعاً في قلوب الجميع بكل الحب لحسن سيرته ونقاء سريرته. تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.