المحليات

مخلفات المباني .. تشوه بصري يخنق الأراضي البيضاء

جدة ـ مهند قحطان

عند مرورك بجوار أي مخطط جديد أو بناية تحت التشييد في مدينة جدة تجد مخلفات البناء وكتل الأسمنت في الهواء الطلق، الامر الذي يشوه المنظر، ويتسبب في انتشار القطط والفئران، فضلا عن النفايات الطائرة، التي تكتم الأنفاس، وليس هذا الامر فحسب بل إن ركام الأبنية يشوه المشهد البصري في عدد من الساحات خصوصا في الأحياء الطرفية بعروس البحر الأحمر، ورغم تحذيرات أمانة جدة والبلديات الفرعية من رمي المخلفات في الأحياء فإن بعض أصحاب المباني والمقاولين يعمدون إلى رمي المخلفات دون مبالاة منهم بما تسببه من أذى لسكان الجوار ومن تلوث للبيئة.

“البلاد” التقت بعدد من المواطنين الذين أكدوا أن ركام المباني يشوه المشهد البصري داعين الجهات المختصة بمراقبة الشاحنات التي ترمي مخلفاتها من ركام البناء في وسط الأحياء السكنية وتشديد العقوبة بحق السائقين والمقاولين المخالفين، لافتين في الوقت نفسه إلى أن مخلفات البناء أضحت عنوانا لتشويه أحياء جدة، فلا يخلو حي من أكوام تلك المخلفات والتي تحتوي على مواد قد تتسبب في أضرار صحية للسكان رغم الأنظمة واللوائح التي وضعتها الأمانة للحد من رمي مخلفات البناء، ومن أهمها عدم إدخال التيار الكهربائي للعقار إلا بوجود شرط نظافة المبنى وما حوله من مخلفات البناء.

وقال بدر بن عبد المحسن إنه منذ سنوات والتلوث يحيط بنا من كل جانب وبدون رقيب، حيث إن مخلفات البناء طاول ارتفاعها في بعض الأماكن هامات المباني مما يوحي بوحشة المكان داعيا الجهات المختصة بسرعة اتخاذ اللازم وإنهاء هذه المعاناة، وأضاف من حقنا التمتع بأجواء نظيفة.

وأضاف للأسف أصبحت المخلفات المتراكمة داخل الأحياء السكنية ثابتة وحتى عند إزالتها ينتج عنها بعد ذلك غبار كاتم للأنفاس وأصبح من الصعب تحديد ما إذا كانت مخلفات بناء أو مخلفات أطعمة وما شابه لحجمها الكبير.


سوق سوداء
لافتا بدر إلى أن المخلفات المتراكمة أصبحت سوقا سوداء حيث يعاد تدويرها من قبل العمالة المخالفة للنظام، فدائما ما نشاهد عمالة مجهولين يجمعون بقايا هذه المخلفات ولا نعلم إلى أين تذهب أو أين تستخدم، كون مدينة جدة معروفة بجمالها ونظافتها ولهذا لابد من حملات مكثفة للمحافظة على نظافتها.

تطاير الغبار
من جهته أوضح لؤي الأنصاري أن مخلفات البناء باتت أمرا لا يطاق خصوصا عند تقلب الأجواء، حيث نعاني من تطاير الغبار وبعض المخلفات، لاسيما أن هناك عمالة تقوم برمي المخلفات على الطرق وداخل الأحياء وبجوار المباني ودون خوف من مسؤولية تلاحقهم.

وأضاف أنه وفي الفترة الحالية تراجعت مستويات البناء العشوائية وارتفعت المعايير للمقاوليين وتقلصت مشاكلهم الى حيث بدت ان تختفي العشوائية والمخالفات، كما أن هناك تطوّرا ملموسا نراه حولنا في تقنين هذا النشاط وجعله اكثر حيوية ونظاما صديقا للمجتمع. سابقا حين كنت احاول ان اوقف سيارتي بجوار منزلي اجد ما لا يقل عن هضبتين من الاسمنت والرمل قد أتى بها مقاول جارنا مؤخرا لبناء دور اضافي في منزله او لترميم غرفته، ايضا حين كان ابناء جارنا الآخر يلعبون الكرة امام المنزل وانا أعبر من امامهم رأيت احدهم وقد اجهش بالبكاء بسبب مسمار اخترق قدمه وهو يلعب بسبب مخلفات البناء واهمال المقاولين وعشوائيتهم في العمل ورمي مخلفاتهم الى ابعد من محيطه.

التزام المقاولين
وأضاف الأنصاري أن هناك الكثير من المشاكل التي تضاف لما ذكرته وهذه ابسطها واولها ولكن، نرى مؤخرا ما نراه من تطور في الالتزام من المقاولين بالاشتراطات المطلوبة منهم في البناء، فمثلا في حيّنا مؤخرا قرر احد جيراننا بهدم مبناه التجاري المهترئ المخيف المظلم الذي بات مخبأ للقطط والحيوانات والحشرات والفئران، وحين قرر البدء في إزالة المبنى احاط المبنى من جميع الجهات بسور حديدي ابيض وكان العمال يقومون بعد انتهاء العمل بتنظيف الشارع الفرعي والرئيسي من الغبار والمخلفات واضيف واشيد أيضا باستخدامه لحاويات المخلفات الخاصة بالمباني حيث لم نشعر الا وقد انتهى بهدم مبناه كاملا.

حلول مؤقتة
من جهة أخرى أكد أبو يزن الزهراني أنه وبالرغم من الأنظمة واللوائح البلدية للحد من رمي مخلفات البناء إضافة إلى تجريم هذه الممارسات قانونيًا من خلال العقوبات والجزاءات المنصوصة إلا أن الوضع ما زال يراوح مكانه في الحي الذي نقطنه، وأذكر أن هناك مقاولا ترك مخلفات البناء دون رفعها، الأمر الذي دفع ببعض سكان الحي إلى إيجاد حلول مؤقتة لرفع معاناتهم، من بينها استئجار شاحنة متخصصة لرفع الأنقاض والمخلفات وردم الأرض على حسابهم الشخصية، أما البعض الآخر فلا يزال على قائمة الانتظار على أمل تدخّل الجهات المسؤولة، ووضع حلول عاجلة تُعيد لهم أهمية حيهم السكني.

وأشار الزهراني إلى أن أكثر ما يخشاه أهالي مخطط حي الفهد يتمثل في تأخر تدخّل الجهات المعنية، كون وجود هذه المخلفات قرب المباني قد يؤدي إلى مشاكل صحية لأبنائهم، وتكدسها بين المباني يسهل عملية تكاثر الحيوانات الضالة مثل الكلاب والقطط، إضافة إلى استغلال هذه المخلفات من قِبَل مجهولين في محاولة الصعود عليها لتسلق أسوار المنازل والدخول إليها.

وأكمل حديثه بقوله ” اعاني طيلة الفترة الماضية من وجود مخلفات مبان على جانب منزلي، وأذكر أنه حينما شهدت جدة هطول أمطار خلال الفترة الماضية، فإن الروائح غير المستحبّة المنبعثة من تلك المخلفات انتشرت في الحين ما اضطرني إلى إزالة تلك المخلفات بنفسي، وكذلك ردم بعض من الأرض على حسابي الخاص.


غرامة مالية
من جهته أكد المواطن محمد المالكي أن مشكلة رمي مخلفات البناء في الأحياء الطرفية يعد بمثابة سيناريو متواصل لذا فإن الضرورة تقتضي إلزام صاحب العقار بغرامة مالية في حال وجود مخلفات تشوه المنظر العام ولو فرضت غرامات لما شاهدنا تلك المخلفات بعد كل بناء وننتظر من الامانة إزالة التشوه البصري من الأحياء التي تعاني من مخلفات البناء، داعيا في الوقت نفسه بضرورة أن تقوم امانات المناطق بالضغط على المقاولين لإبعاد تلك المخلفات أولا بأول عن الأحياء، وتفادي ما تخلفه من أضرار جسدية على السكان،والأولى قبل ان تفرض غرامات سواء على المقاول أو المالك أن يبدأ صاحب البناء بتنظيف ما خلفه البناء حتى يكون المكان نظيفا.

لانريد التخلص من تلك النفايات بطرق تقليدية باستئجار عمالة لإبعادها عن المساكن خوفا من تكاثر الزواحف تحتها في شتى الأحياء ما يؤثر على سلامتهم ويسهم في نشر الأمراض بل نريد أيضا استثمارها وإعادة تدويرها لاستخدامها في أغراض أخرى، لافتا إلى أن الدولة وضعت انظمة وقوانين صارمة ولكن لا نرى عقوبات من المشرفين من البلديات على الأحياء السكنية التي تحتوي على مخلفات المباني.

إزالة مخلفات بناء ولوحات إعلانية
رفعت بلدية أبحر الفرعية التابعة لأمانة محافظة جدة خلال الفترة الماضية 750 طناً من مخلفات البناء بالتنسيق مع الإدارة العامة للنظافة والمرادم، وأزالت 700 لوحة إعلانية عشوائية على الطرق الرئيسية وداخل الأحياء.

يذكر أن الجولات الميدانية لفرق البلدية شملت تنفيذ 34 زيارة على المحال التجارية، أسفرت عن إغلاق 12 موقعاً، وإنذار 29 محلاً مخالفاً، كما قامت البلدية بمعالجة 20 موقعاً تأثرت برمي الدمارات ومخلفات البناء والهدم، مشيرة إلى تواصل أعمال النظافة في نطاق الفرع لتشمل تنظيف البرحات والأراضي الفضاء، وتنفيذ أعمال مكافحة حشرية لـ1200 موقع، وذلك بالتنسيق مع الإدارة العامة لصحة البيئة.

” البلاد” تواصلت مع امانة جدة التي أشارت بدورها إلى أنها احالت الاستفسارات الى البلدية أو الجهة المسؤولة لمعرفة ما هي غرامات رمي المخلفات وما هي الجهة المسؤولة عن رفع هذه المخلفات، ولكن لم تصل الإجابة عن الأسئلة حتى تماثل الصحيفة للطبع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *