حوار

السياسة الحكيمة لخادم الحرمين وولي العـــــهد تحقق الخير والنماء لأمتنا العربية

حاوره في الخرطوم : محمد الجهني

وأنا في طريقي إلى لقاء رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبدالله حمدوك كنت أعي جيداً انني بصدد التحاور مع رجل دولة حظي بإجماع لم يسبق له مثيل وبسقف تطلعات مرتبط أساساً بسجله السياسي الناصع وخبرته الاقتصادية المتعددة وعلاقاته الدولية عالية المستوى على الصعيدين الأممي والأفريقي.. وفي نفس الوقت أدرك أن هذه المزايا تلقي على كاهله صعابا وتحديات جمة. ولذلك كانت المحاور والتساؤلات تتقافز في ذهني وتتسابق أيها أطرحها اولاً، لكنها بساطة وطيبة السوداني – حاكماً أو مواطناً – سهلت مهمتي فما ان أصبحت في مكان اللقاء حتى بادرني بالحديث عن هذه العلاقة ذات الخصوصية التي تربط بين الشقيقتين المملكة العرية السعودية والسودان معلناً انه سيعمل من أجل زيارة المملكة في القريب العاجل بعد التنسيق والتحضير من قبل اللجان المختصة..

وحين سألته عن تصوره لتوطيد وتعزيز دعائم هذه العلاقة قال: ظلت المملكة العربية السعودية في قلب ووجدان السودانيين.. ومع اختلاف أنظمة الحكم في السودان لم تبخل المملكة في الوقوف مع الشعب السوداني في أزماته ومنعرجاته وأضاف : نتطلع – والسودان يعود للاسرة الدولية والإقليمية – الى تعزيز العروة الوثقى مع الأقربين لنا والمملكة في مقدمتهم وذلك بتقديم وشرح ما انجزه الشعب السوداني وتطلعه لأهدافه بدعم ومساندة الأشقاء في المملكة سواء عبر التعاون والاستثمار الاقتصادي لتحقيق المصالح المتبادلة او عبر دعم المبادرات السلمية المشتركة في المنطقة العربية وفي منطقة البحر الأحمر.

وعن رؤيته للمملكة وحاضرها قال: ظللنا نتابع ما يجري من توجهات واصلاحات في المملكة العربية السعودية تحت القيادة الحكيمة والرشيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان.. هذه السياسات الحكيمة لاشك سوف تعود بالخير والنماء على امتنا العربية والإسلامية.

وأشاد حمدوك بمساعي المملكة الحميدة لدرء كوارث السيول والفيضانات.. واعرب عن تطلعه للدعم السعودي للإصلاحات الجذرية والهامة للإصلاح الاقتصادي ومعالجة الخلل في الميزان التجاري. وتواصل الحوار حول مصير حزب المؤتمر الوطني (حزب البشير) فقال : لم يصدر حتى الآن ما يفيد بحظر او حل الحزب وبعد سقوط نظامه تم التحفظ على العديد من رموزه وقياداته ويواجه بعضهم تهماً في المحاكم وفي مقدمتهم الرئيس المخلوع.. كما يوجد اجماع كامل وسط قوى الثورة بانه لا مكان لحزب المؤتمر الوطني ورموزه ضمن هياكل السلطات الانتقالية. ورداً على سؤال حول ما اذا كان الرئيس السابق عمر البشير سيحاكم على تهم الفساد المالي فقط .. قال اعلم انه توجد هناك تهم أخرى قبلتها النيابة في طور التحقيق ومتى ما أكملت عليها التحقيق سيقدم للمحاكم في تلك الجرائم. وهذا هو نص الحوار الذي اتسم بالشفافية والصراحة والمكاشفة.

•دولة الرئيس.. نهنئكم بداية بانتقال السودان السلس من الفوضى إلى الدولة بحفاوة صاحبت اختياركم رئيساً للوزراء..
واسمحوا لنا أن نسألكم عن تصوراتكم لـ “السودان الجديد” بشكل عام، وبما يتماشى مع سقف التوقعات للشعب السوداني الذي عانى كثيراً خلال العهد السابق”؟

•• أشكر تقديركم لشعب السودان ولانتفاضته المجيدة. لقد جاءت ثورة السودان بتطلعات وآمال عراض، عبر عنها شعار (حرية سلام وعدالة)، وهي واعية بأزماته المتعددة والمعقدة، وبتحديات الانتقال التي تواجه بلدنا. واجبنا هو تحويل الشعارات الى خطط وبرامج عمل تعمل على تنفيذها كافة مؤسسات الدولة خلال الفترة الانتقالية. ويمكننا اعادة بناء السودان وتجاوز تحدياته الجثام بقوة إرادة شعبنا العظيمة. لا نزعم ان الفترة الانتقالية تملك العصاة السحرية لاخراج السودان من ازماته وتحدياته العميقة، ولكنها كافية للوقوف في بداية خط اعادة البناء والانطلاق نحو السلام الشامل والنهضة والتقدم الاقتصادي والانتقال الى رحاب الديمقراطية.

أنا مجرد جندي

•سقف التوقعات المرتفع مرتبط أساساً بسجلكم السياسي الناصع وخبراتكم الاقتصادية المتعددة، وعلاقاتكم الدولية عالية المستوى على الصعيد الأفريقي.. إلى أي مدى ستوظفون ذلك في تلبية حاجة السودان إلى معالجة عاجلة للأزمات التي فجرت الثورة.
•• أنا لست سوى جندي انتخبته الثورة السودانية لخدمة آمال الشعب السوداني، وكل خبراتي وعلاقاتي، والخبرات المتنوعة لطاقم مجلس الوزراء، كلها مكرسة لتحقيق اهداف وتطلعات الثورة، ونلتزم في ذلك بالإرادة والالتزام والتضحيات التي قدمها السودانيون من اجل واقع ومستقبل أفضل. سيسعى الطاقم الوزراي وكل مؤسسات الدولة للانفتاح وتوظيف علاقاتنا الخارجية لتحقيق برنامج الفترة الانتقالية. وبالفعل بدأنا في الاتصالات بالحكومات والمنظمات الاقليمية والدولية لدعم عملية الانتقال واعادة البناء في السودان.

معايير الاختيار

•دعونا نبدأ من التشكيل الوزاري حيث رفعتم شعار “حكومة كفاءات” كإطار عام .. بأي نسبة تحقق ذلك في التشكيل وهل نجا من المحاصصة في ظل ما تردد عن مطالبات بتمثيل بعض التيارات داخل الحكومة؟
•• لقد اخذ تشكيل الطاقم الوزاري وقته الكافي وعكس روح الثورة في القيام بتمرين ديمقراطي واسع وعريض، قادته قوى الحرية والتغيير بجدارة وشارك فيه الشعب السوداني عبر مختلف المنابر. بالفعل تمكنا من تثبيت مبدأ الكفاءة في معايير الاختيار، واضفنا له معايير عكست التنوع الاقليمي وتمثيل الشباب والنساء، ليجد كل السودانيين صورتهم ورمزية ثورتهم في الحكومة.


السعودية لم تبخل يوماً في الوقوف مع السودان في أزماته ومنعرجاته
سنعمل مع المملكة على تحقيق السلم والأمن في المنطقة العربية والبحر الأحمر
لا تحفظات ولا مطالب للحركات المسلحة سوى تلبية استحقاقات السلام


السلام أحد ركائزنا

•حسب الوثيقة الدستورية فإن نصف العام الأول ستكون الأولوية فيه لتحقيق السلام وإيقاف الحرب.. ما تصوركم لتحقيق ذلك؟
•• تحقيق السلام هو احد الركائز، وهو المفتاح لكافة قضايا الانتقال الاخرى. وبالفعل بدأنا عملنا اللصيق مع مجلس السيادة في ملف السلام وفي التشاور حول تشكيل المفوضية الخاصة به، واستمرت اتصالاتنا مع قيادات قوى الكفاح المسلح، بالاضافة لتوجيه اعضاء مجلس الوزراء بوضع البرامج اوالخطط الخاصة بتحقيق السلام. وقد قمت بزيارة ناجحة الاسبوع الماضي لدولة جنوب السودان تثمينا ودعما لدورها في القيام بدور الوساطة في عملية السلام، وما اثمر عنه دور جوبا في توقيع اعلان المبادئ الخاص بانطلاقة عملية السلام منتصف الشهر القادم.

تاريخ طويل من المظالم

•تردد أن بعض الحركات المسلحة لها تحفظات ومطالب.. هل هذا صحيح؟ وما هي ماهية هذه التحفظات، وكيف يمكن في تصوركم التعامل مع هذا الملف؟
•• السودان ظل في حالة حرب مع نفسه لثلاثة عقود، وهذا تاريخ طويل وعميق من المظالم، دفع ثمنه المواطنون في مناطق الحروب، وأولى خطوات السلام هي دفع الاستحقاقات المتعلقة بالسلام سواء المباشر منها المتعلق بضحايا الحروب، او تلك المتعلقة بابرام الاتفاقيات والإشراف المباشر وقيادة عملية تنفيذها لمن سيقوم بالتوقيع عليها. ليست هنالك تحفظات او مطالب خاصة للحركات المسلحة، بقدرما هو تاكيد على ان التلبية الصادقة لاستحقاقات السلام تعني الاستجابة لجذور الحروب والمظالم، ووضع الاساس المتين للسلام العادل الشامل والدائم.


لا مكان لحزب البشير في المرحلة الانتقالية ولم يصدر حتى الآن قرار يحظره أو حله
المملكة كانت ولازالت في قلب ووجدان السودانيين
السودان يسعى لتحقيق طموحاته بدعم ومساندة الأشقاء في السعودية
السودان غاب قسرياً عن الأسرة الدولية وتم تغييب دوره


السودان غاب قسرياً

•الالتزامات الإقليمية والدولية للسودان.. ما هي الرؤية التي سوف تكون هادياً وموجهاً لها؟
•• لقد غاب السودان قسريا عن الأسرة الدولية والإقليمية لمدة طويلة، وغيبت مع ذلك أدواره الريادية في دعم السلم والأمن الإقليمي والدولي، وعلاقات تبادل المنافع القائمة على الاحترام وتعزيز المصالح المتبادلة. ستكون المرحلة القادمة أساساً لحقبة جديدة من التعاون ياخذ سوداننا فيه مكانه الطبيعي كطرف فاعل في الاسرة الدولية بوضع مصالحنا الوطنية في قلب سياستنا الخارجية للمساهمة في تحقيق السلام و الاستقرار الداخلي والخارجي، وبحث فرص التعاون والتكامل الاقتصادي.

تركة مثقلة

•‎علاقات الجوار الإقليمي للسودان تتباين وتتشابك وتتداخل خطوطها.. هل من مؤشرات لكيفية إدارة ملف العلاقات الخارجية؟
•• لقد ورثنا تركة مثقلة من العلاقات غير المستقرة، فاقدة للبوصلة الوطنية وتغييب للدور الإيجابي للسودان مع جواره الإقليمي. خطوتنا الأولى هي التصالح والعودة الى علاقات ايجابية بناءة مع كل دول الجوار، وفقا للمصلحة الوطنية للسودان. تعكف وزارة الخارجية على وضع الرؤية الوطنية بما يتماشى مع برنامج الحكومة الانتقالية، وبما يعكس ويحقق الأهداف الكلية للثورة السودانية.

دعم المملكة مشهود

•علاقة السودان الشقيق مع المملكة العربية السعودية تكتسب أهمية خاصة للدولتين والشعبين.. ما هي رؤيتكم لتوطيد وتعزيز دعائم هذه العلاقة الأزلية؟
•• ظلت المملكة العربية السعودية في قلب ووجدان الكثير من السودانيين، ومع اختلاف نظم الحكم في السودان لم تبخل المملكة في الوقوف مع الشعب السوداني في ازماته ومنعرجاته. نتطلع والسودان يعود للاسرة الدولية والاقليمية بعد ثورته المجيدة الى تعزيز العروة الوثقى مع الاقربين لنا، والمملكة في مقدمتهم، وذلك بتقديم وشرح ما انجزه الشعب السوداني في ثورته، وتطلعه لتحقيق اهدافها بدعم ومساندة الاشقاء في المملكة، سواء عبر التعاون والاستثمار الاقتصادي لتحقيق المصالح المتبادلة، او عبر دعم المبادرات السلمية المشتركة لتحقيق الامن والسلم والتعاون الاقليمي في المنطقة العربية وفي منطقة البحر الاحمر.


هدفنا تفكيك مفاصل الدولة العميقة بلا ثأر ولا عداءات شخصية
استعادة الأموال والأصول المنهوبة عمل لن يتم بين ليلة وضحاها
لا نملك عصا سحرية وواجبنا تقديم السودان الجديد المختلف
نسعى لتفاهمات مع صندوق النقد والبنك الدولي تناسب ظروفنا


يحزننا ما يحدث في اليمن

•‎لديكم التزامات مع محيطكم العربي.. من هذه الالتزامات مشاركة السودان في تحالف دعم الشرعية في اليمن.. كيف ترون هذا الالتزام؟
•• ظل الشعب اليمني على مدى التاريخ قريبا من الوجدان والشعب السوداني، بل والكثير منهم يمثلون جزءا من النسيج الاجتماعي والسكاني السوداني. يحزننا ويؤلمنا ما يواجهه اشقاؤنا في اليمن السعيد من حروب وازمات ناتجة عنها، ولن نآلو جهدا، والسودان الان يستعيد دوره الاقليمي، من المساهمة الفاعلة في جلب السلام والاستقرار لليمن الشقيق عبر طرح والمساهمة في المبادرات السياسية العاملة من اجل جمع الفرقاء اليمنيين ووصولهم لاجماع يصون وحدة وكرامة وسيادة بلدهم. وسنستعيد في ذلك بما للسودان في عصوره الذهبية من تجارب ناجحة في جمع الفرقاء وتحقيق المصالحة كما تم في قمة الخرطوم في 1967 بتحقيق وحدة الصف العربي مجددا عقب حرب النكسة وفي تحقيق المصالحة بين القادة العرب الملك فيصل بن عبدالعزيز والرئيس جمال عبدالناصر.

استعادة الأموال المنهوبة

•‎لاشك أن هناك خطرا كامنا يتمثل في “الدول العميقة” في السودان والمرتبطة في بعض شخوصها وتوجهاتها بالنظام السابق.. كيف ستتعاملون معها؟
•• تفكيك الدولة العميقة هو احد أهداف ثورة ديسمبر في السودان. في ذلك، لسنا منطلقين من عداءات شخصية او للثأر من هذا او ذلك، فسيادة حكم القانون هو المبدأ والمعول الأساسي في تحقيق هدف الثورة؛ وستتكامل جهود مجلس الوزراء والمفوضيات المستقلة والمجلس السيادي، وقبل كل ذلك المجتمع المدني والإعلام السوداني وأدواره المتعددة في تفكيك كافة مفاصل الدولة العميقة، كما سنسعى في ذات الجهد الى التعاون الدولي في تحقيق العدالة واستعادة الاموال والاصول المنهوبة. كل هذا عمل لن يتم بين ليلة وضحاها وسيتطلب مجهودات شاقة.

علاقة تاريخية

•‎‏‎ علاقة السودان بأثيوبيا وعلاقتكم شخصياً بها.. كيف ترون سبل تعزيز هذه العلاقة مع أديس ابابا التي كان لها دور كبير من خلال وساطتها الناجحة لحل الأزمة في السودان؟
•• علاقة السودان بأثيوبيا علاقة تاريخية تمتد لقرون وتتصل شعوبنا بأواصر عديدة، ونعتقد أن مستقبل بلدينا والاقليم يعتمد على مستقبل التعاون الاقليمي. تمر الجارة إثيوبيا بحقبة تغيير وإصلاح سياسي يقوده الأخ أبي أحمد، مع طفرات اقتصادية كبيرة. وقد أتيح لي ان أكون قريباً من هذه التجربة، بالإضافة إلى تشابه حالتي السودان وإثيوبيا في عمليات الانتقال الجارية. كل هذه العوامل، ودور إثيوبيا الحريص في دعم عملية الانتقال للحكم المدني في السودان بعد نجاح ثورته، يجعل العلاقة بيننا في مرحلة متقدمة في تعزيز التعاون والتنسيق، وتوسيعه ليشمل مصلحة كل الإقليم ودول الجوار من اجل تعزيز السلم الإقليمي والتكامل الاقتصادي.


لدينا تاريخ طويل من المظالم دفع ثمنه المواطنون في مناطق الحروب
ورثنا تركة ثقيلة من العلاقات غير المستقرة فاقدة للبوصلة الوطنية
الرئيس السابق سيحاكم على تهم أخرى غير الفساد المالي وقبلتها النيابة


التحلل من تركة العهد البائد

•‎العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة شابها الفتور حيناً والقطيعة أحياناً بسبب ملفات الإرهاب والمحكمة الجنائية.. ما هو المأمول لتحسن هذه العلاقات وما هي الاستراتيجية التي ستبنى عليها المعالجات وصولاً إلى علاقات سوية؟
•• ظل السودان مكبلا بعشرات القررات الدولية من عقوبات واتهامات بسبب سياسات وممارسات وجرائم النظام البائد. الان بعد ذهاب ذلك النظام علينا واجب التحلل من تلك القيود والعقوبات وتقديم السودان الجديد المختلف عما سبقه خلال العقود الثلاثة الماضية. ندرك أنه علينا مواجهة تركة النظام السابق، وأولى الخطوات تتمثل في التقديم الباهي لثورتنا وما قامت من اجله للعالم حتي نقدر على اعادة الاندماج مع العالم، يساعدنا في ذلك تبني سياسة خارجية بناءة تعتمد على التواصل والحوار والتعاون البناء لتحقيق المصالح المشتركة، للشعوب.

إسعاف ونمو الاقتصاد

• ‎تتوفر للسودان مزايا نسبية للاستثمار.. هل من مؤشرات تعزز من تعافي الاقتصاد السوداني بتصدير المنتجات في مجال الزراعة والإنتاج الحيواني والمعادن وخاصة الذهب؟
•• يقوم وزير المالية الخبير الاقتصادي الدكتور ابراهيم البدوي بوضع الخطط والبرامج الاقتصادية اللازمة، مستندا في ذلك على البرنامج الاسعافي والسياسات البديلة التي قام بتطويرها تحالف الثورة السودانية ممثلا في قوى اعلان الحرية والتغيير، وسوف يقوم في القريب العاجل مع طاقم وزارته ووزارات القطاع الاقتصادي بتقديم تلك الخطط والبرامج سواء على المستوى الاسعافي او نمو الاقتصاد الكلي، بما فيها تعزيز وتوسيع فرص الاستثمار المختلفة.

مساعي حميدة للمملكة

•تواجه السودان أزمة سيول وفيضانات حادة.. هل من حلول لتحجيم هذه المخاطر؟ وهل من دعم ومساندة ومؤازرة مطلوبة من أشقائكم العرب؟
•• بسبب تدمير البنى التحتية خلال عهد النظام السابق الذي اشرت له مسبقا، ظلت السيول والفيضانات من ازمات السودان السنوية. في اليوم التالي لاداء القسم رئيسا للوزراء كان علىَّ زيارة المتضررين من هذه الازمة المتكررة، وبحث السبل الاسعافية للتعامل معها الى حين وضع المشاريع المستقبلية لمنع حدوثها. الاشقاء من دول الجوار، والمملكة السعودية من ضمنهم، كانوا هنالك في مساعيهم الحميدة لدرء اثار هذه الكوارث، وسنعمل ان ياتي العام المقبل دون ازمات وكوارث متعلقة بالفيضانات والسيول.

سأزور المملكة قريباً

• هل من الوارد في أجندتكم زيارة قريبة لبلدكم الثاني المملكة العربية السعودية؟
•• سنعمل من اجل ذلك في القريب العاجل بعد التنسيق والتحضير من قبل اللجان المختصة في البلدين.

هذا دور مفوضية محاربة الفساد

• وضعتم مكافحة الفساد وتحقيق الإصلاح أحد أولويات حكومتكم.. ما هي آليات ذلك؟
•• ستقوم مفوضية محاربة الفساد واستعادة الأموال العامة بالتنسيق مع الأجهزة العدلية ووزارة المالية بوضع اطار لمحاربة الفساد، هذا اضافة للدور المجتمعي والاعلامي ومن قوى الثورة السودانية . ولكن بشكل عام، فان الاصلاح القانوني واصلاح مؤسسات الخدمة المدنية ورفع فعاليتها سيساهم في محاربة بنية الفساد الهيكلي.

• هناك حديث حول ملفات فساد واعتقال نافذين من العهد السابق وتقديم المتورطين إلى محاكمات عادلة.. هل من معلومات حول هذا الملف؟
•• نعمل على تكملة التعيينات بالمؤسسات العدلية، خاصة الجهاز القضائي والنيابة العامة، حتى تتمكن هذه الاجهزة من وضع استراتيجايتها المستقلة في التعامل مع ملفات الفساد والجرائم المقترفة من قبل عناصر النظام السابق. وهنالك دور مجتمعي اعلامي هام في هذا الخصوص متعلق بمشاركة الراي العام والشفافية المطلوبة في التعامل القانوني مع كافة هذه الملفات.

دعم سعودي

• قلتم إن السودان بحاجة إلى مساعدات خارجية بـ 8 مليارات دولار خلال العامين المقبلين لتغطية فاتورة الواردات واستعادة الثقة في العملة.. على من تراهنون في توفير هذا الدعم الخارجي؟
•• سوف نقوم بإصلاحات هامة وجذرية تستهدف في المقام الأول معالجة الخلل في الميزان التجاري وذلك سوف يؤدي الى تحقيق قدر من الوفورات. أيضا نستهدف جذب الاستثمار الأجنبي ومدخرات السودانيين بالخارج وأيضا نتوقع الدعم من الاشقاء وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية وبقية الاشقاء.

تفاهمات دولية

• ‎هل ستلجأون الى صندوق النقد؟
وماذا لو فرض عليكم شروطا من قبيل خصخصة مؤسسات عامة حيوية؟
•• نحن أعضاء في هذه المؤسسات ( صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) وبكل تأكيد سوف نتعامل معهم ونستطيع ان نصل الى تفاهمات إيجابية تراعي مصالح شعبنا وماهو مناسب مع ظروفنا.

أولويات الزيارة

• إلى أين وصلت محادثاتكم مع أمريكا لرفع السودان من قائمة “الدول الداعمة للإرهاب”.. وهل ستستثمرون علاقات الأشقاء مثل المملكة مع واشنطن في دعم هذا المطلب؟
•• بدأنا الحوار مع الادارة الامريكية فيما يتعلق برفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للارهاب، استنادا على التغيير الجذري للواقع وللنظام الذي كان متهما بذلك الدور. سأتوجه الى الولايات المتحدة الامريكية خلال سبتمبر الجاري، وستكون قضية رفع اسم السودان من تلك القائمة على صدارة اجندة الحوار مع الادارة الامريكية. ايضا نتطلع الى دعم الاشقاء العرب والافارقة في دعم مساعينا في هذا الاتجاه.

لا مكان لحزب البشير

• حزب المؤتمر الوطني كحزب وموجود مثل بقية الأحزاب والتنظيمات السياسية.. هل سوف يتم حظره أم سيظل موجوداً على الساحة السياسية؟
•• لم يصدر حتى الان من قوى الثورة ومن السلطات الانتقالية ما يفيد بحظر او حل حزب المؤتمر الوطني بعد سقوط نظامه. تم التحفظ على العديد من رموزه وقياداته، ويواجه بعضهم تهما في المحاكم، وفي مقدمتهم الرئيس المخلوع. كما يوجد اجماع كامل وسط قوى الثورة بان لا مكان لحزب المؤتمر الوطني ورموزه ضمن هياكل السلطات الانتقالية.

تهم أخري

• رئيس الجمهورية السابق عمر البشير.. كيف هو وضعه في المعتقل؟ وهل يعامل مثل غيره من المعتقلين؟ وهل سيحاكم فقط على تهم الفساد المالي فقط أم ستشمل محاكمته الجرائم السياسية التي ارتكبها؟
•• دعني اوضح بداية وجود مبدأ الفصل بين السلطات واستقلالية اجهزة النيابة والقضاة عن الجهاز التنفيذي. ولكنني اعلم انه بالاضافة للتهم المتعلقة بالفساد المالي للرئيس السابق، توجد هناك تهم اخرى قبلتها النيابة وفي اطار التحقيق حولها، متى ما اكتملت عملية التحقيق سيتم تقديمه للمحاكمة في تلك الجرائم. اذا تم قبول اية بلاغات ضده او ضد آخرين من النظام السابق ستتم محاكمتهم. ان من أولوياتنا تثبيت سيادة حكم القانون والعدالة والمحاسبة على كافة الجرائم التي ارتكبها رموز النظام البائد كما جاء في قلب شعارات ثورة ديسمبر.

فخور بالاجماع

•لقد وجدت إجماعا لم يسبق له مثيل ألا يضع ذلك على كاهلكم صعابا وتحديات جمة؟
•• أفخر بهذا الاجماع بمقدار فخري بالثورة السودانية العظيمة، وسأكون وزملائي وزميلاتي في الوزارة جنودا ملتزمين في خدمة السودان في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة من الانتقال. بالتأكيد التحديات كبيرة، لكن بالعمل الجماعي ودعم ومساندة قوى الحرية والتغيير وجحافل الثورة والشعب السوداني سنتمكن من العبور بالوطن الى رحاب الاستقرار والنمو والتطور.

سياسات حكيمة

• دولة الرئيس.. كيف ترون المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان؟
•• ظللنا نتابع ما يجري من توجهات واصلاحات في المملكة العربية السعودية تحت القيادة الحكيمة والرشيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، هذه السياسات الحكيمة لا شك سوف تعود بالخير والنماء على أمتنا العربية والإسلامية.

حمدوك.. منقذ الاقتصاد الإفريقي في وجه تحديات الخرطوم

نزل اسمه برداً وسلاماً على المكتوين بنيران الفوضى، فوسط لهيب شائعات اختطاف الحراك وتحويله لصالح الدولة العميقة، برز اسم د. عبدالله حمدوك على قائمة المرشيحن لتولي منصب رئيس الوزراء في الفترة الانتقالية المحددة بـ3 أعوام، ما خلف ارتياحاً واسعاً وسط أطياف الشعب السوداني المختلفة.

القبول الذي وجده الرجل الأول في الحكومة الجديدة، نابع من حزمه وصرامته في تطبيق أعلى معايير الجودة على الوزراء الـ20 الذين اختارهم أخيراً ليقودوا دفة العمل التنفيذي على مدى سنوات الحكم الانتقالية، فضلاً عن سيرته الذاتية المشرفة، فمع نزاهته، نهل من معين العلم ما يكفي لقيادة أمة، فرئيس الوزراء البالغ من العمر 63 عاماً، حصل على شهادتي الدكتوراه في العام 1993 والماجستير في العام 1989 في علم الاقتصاد من كلية الدراسات الاقتصادية بجامعة مانشستر في بريطانيا، ونال البكالوروس في العام 1981 من جامعة الخرطوم.

عبدالله حمدوك المولود في قرية الدبيبات في جنوب كردفان، وتذوق مرارة اليتم في صغره بفقد والده منذ وقت مبكر، لم يجلس علي كرسي رئاسة الوزراء لمجرد حصوله على المؤهلات العلمية فقط، بل لتشربه بالخبرات العملية في العالمية والإقليمية والمحلية، إذ كان خبيراً اقتصادياً وخبيراً في مجال إصلاح القطاع العام، والحوكمة، والإندماج الإقليمي وإدارة الموارد، وإدارة الأنظمة الديمقراطية والمساعدة الانتخابية، وأنقذ اقتصاد الكثير من الدول الإفريقية من الانهيار، ونهض بأخرى من تحت ركام الفساد.

فيما بدأ مسيرته المهنية في العام 1981، عندما انضم للعمل في وزارة المالية حتى العام 1987، بعدها غادر البلاد متوجها إلى زيمبابوي للعمل في شركة “ديلويت آند توش”، التي تقدم الخدمات الاستشارية والإدارية، حتى 1995، منها انتقل لشغل منصب الأمين العام للجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، وأصبح كبير المستشارين الفنيين في منظمة العمل الدولية في جنوب أفريقيا وموزمبيق حتى عام 1997، وخلال الفترة بين 1997 و2001، عين حمدوك في بنك التنمية الأفريقي في ساحل العاج، ثم انضم للجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة في أديس أبابا حتى 2003، وتبوأ مناصب عدة إلى أن أصبح نائبا للأمين العام التنفيذي للجنة، وعمل بين عامي 2003 و2008 في المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية بصفته مديرا إقليميا لأفريقيا والشرق الأوسط.

ولم تتوقف مسيرته المهنية الاقتصادية عند هذا الحد، بل عاد حمدوك ليشغل منصب كبير الاقتصاديين ونائب الأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية لأفريقيا منذ العام 2011، قبل أن يعينه الأمين العام للأمم المتحدة السابق، بان كي مون، اعتبارا من 1 نوفمبر 2016 في منصب القائم بأعمال الأمين العام التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، وذلك لمدة عام واحد، ثم تولى منصب كبير الاقتصاديين ونائب الأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية لأفريقيا وظل فيه حتى العام 2018، فيما شغل منذ 2018 حتى لحظة تعيينه رئيساً للوزراء، منصب كبير المستشارين في بنك التجارة والتنمية، الذي يتخذ من أديس أبابا مقرا له.

ولأن الاجماع عليه كبيراً حتى من مناصري النظام البائد الذي اختاره وزيراً للمالية غير أنه اعتذر، يتوقع المراقبون أن يعيد حمدوك للاقتصاد السوداني عافيته، وللسودان ريادته السياسية بين الدول الأخرى، متسلحاً بالعلم والخبرة، والنزاهة، وقوة الشخصية، بينما يتساءل البعض هل ينجح في مواجهة التحديات.

هل تعيد “اللاءات الـ3” عافية الاقتصاد؟

عُرف بـ”سلة غذاء العالم”، غير أن الفساد جرف أخضره ويابسه، فالسودان الغني بتنوع موارده الطبيعية، عاش سنوات من القحط وضيق العيش، ليس لشيء سوى تفشي الفساد والمحسوبية في أجهزة الدولة خلال عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، إذ انهار اقتصاده وتدنت عملته مقابل الدولار والعملات الأخرى، وأصبح إنسانه يعاني شظف العيش، كمن ينظر إلى الماء وهو ظمآن.

أرض النيل والخيرات، التي تبلغ مساحتها من 1.865.813 كيلو متر مربع بعد انفصال جنوب السودان، يقال بصيغة المبالغة “من خصوبتها لو زرع إنسان سينبت”، إلا أن ما ضربها من فساد كان أقوى من كل خصوبتها وعذوبة نيلها الممتد على مساحة 1700 كيلو متر من الجنوب إلى الشمال ويغطي حوضه 2.5 مليون هكتار، وأنهارها الأخرى البالغة حوالي 13 نهراً مابين دائم وموسمي.

نيل، وأرض خصبة، لم تنتجا سوى الجوع والفقر في عهد المخلوع البشير على الرغم من أن القطاع الزراعي يستحوذ على الجزء الأكبر من نشاطات السكان، ويأتي بعده القطاع الصناعي، إذ يشغل القطاع الزراعي ما نسبته 80% من حيث القوى العاملة.

وتشيرُ الدلائل الاقتصادية إلى أن الاقتصاد السوداني شهد حركة ملحوظة من النمو والازدهار في 2008؛ نتيجة ارتفاع نسبة إنتاج النفط بالتزامن مع ارتفاع اسعاره أيضاً، إلا أن فساد النظام حينها أقعد السودان إلى سنوات، فمدخلات البترول دخلت خزانات المسؤولين بدلاً من دعمها لخزينة الدولة، وبالتالي قصُت أجنحة التحليق بالاقتصاد السوداني في فضاء القوة، وبدأ بعدها الاقتصاد بالتراجع تدريجياً، فأدخل ذلك عدداً كبيراً من السكان في دائرة الفقر.

وفرة المياه والأراضي الصالحة للزراعة وحتى وجود المعادن، مثل الذهب، الحديد، الفضة، الكروم، النحاس، المانجنيز، الماجنزايت، الرخام والجرانيت، وغيرها لم يشفع للاقتصاد السوداني المواجه بحملة فساد شرسة أقعدته عن ركب التطور.
ومن يقرأ بأن السودان احتل المرتبة الثالثة في إنتاج السمسم بعد الهند والصين، وأدرج في قائمة الدول الأكثر إنتاجاً لمحصول الذرة، سيعرف حينها أن المشكلة الاقتصادية في المقام الأول “أزمة ضمير”، وفقاً لمراقبين، قالوا إن مسؤولي الحكومة السابقة فضلوا الكسب الشخصي على رفعة الاقتصاد، ما سلب البلد خيراتها.

ومابين فساد سابق، وعهد مليء بالتفاؤل بعودة العافية إلى جسد الاقتصاد السوداني، تبقى أعين السودانيين متيقظة لحماية العهد الذي قطعه العسكر والمدنيون على انفسهم بأن “لا محسوبية.. لا فساد.. لا مجاملة”.

(البلاد) في قلب السودان

منذ اللحظات الأولى لتشكيل الحكومة السودانية، وقبل ذلك تأسيس وتسمية أعضاء المجلس السيادي، عاشت (البلاد) الصحيفة تفاصيل الحدث لحظة بلحظة، وفي الخرطوم التقت بالقيادات التي فتحت صدرها لصحيفة عربية هي الأولى من حيث الحظوة.

في السودان يجمع الشباب على أن المستقبل أضحى زاهراً، ويشع في الأجواء أملا جديدا لحياة أفضل قائمة على التنمية المنتظرة.

وفي السودان تتجلى المواقف، فينحاز السودانيون لعروبتهم، وهناك يهتفون بفرح، ويتطلعون لمستقبل السودان بعيداً عن التحزبات، لا هم لهم سوى الارتماء في أحضان محيطهم العربي.

في السودان بزغ فجر جديد فتوافقت الآراء وانساقت خلف استراتيجية قوامها التنمية واستغلال ثروات دولة بحجم قارة.
ليظل أبناء السودان كما عهدناهم، أوفياء صادقين مثابرين يحفظون الود ويقفون في خندق واحد مع أبناء الأمة العربية ويتخلصون من إرث جثم كما أكدوا على صدورهم زمن طويل.

في السودان تلهج الألسن بالدعاء والتبجيل لمن وقف إلى صفهم بصدق وحب ونبل، ولهذا حملوا (البلاد) الصحيفة -في أكثر من موقع – تقديرهم وحبهم وودهم للمملكة العربية السعودية قيادة وشعباً.

البلاد جاءت هنا لتحاور الجميع بدءا من رئيس المجلس السيادي ورئيس وأعضاء الحكومة وقيادات الحرية من أجل نقل الصورة الحقيقية للانتقال السلس بالسودان من الفوضى إلى الدولة إضافة إلى تطلعات أبناء السودان لشكل وهيئة المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *