أطفالنا فلذات أكبادنا تمشي على الأرض، وهبنا الله إياهم، وهم مصدر سعادتنا وعنوان مستقبلنا، يستحقون منا كل رعاية واهتمام حتى يبلغوا سن الرشد فيزفون إلى الوطن وهم شباب واعدون ، فيهم من الخير الكثير وفي ثقافتهم العلم الغزير ، ومن طموهم الشيء الكبير . ولكن ما هو الواقع الحقيقي الذي يعيشه الأطفال في أيامنا هذه ؟
لقد أصبح هناك مخاوف وقلق شديد على حال الطفولة التي تنتهك يومياً على مذابح الكبار، فمن طفل في الشارع يعاني التشرد والضياع ، ومن طفل مورست ضده أبشع أنواع الظلم والتعذيب ، إلى آخر دُفع به إلى العمل تحت وطأة الحاجة والفقر، فحرم من التعليم والذهاب إلى المدرسة ، إلى آخر استغلت طفولته من قبل جماعات إرهابية دربته على حمل السلاح وقتل الأبرياء ،
وهناك في مكان آخر نرى أطفالاً اتخموا بالرفاهية ، فقلّ عطاؤهم وضعف انتاجهم وأصبحوا مجرد مستهلكين للتكنولوجيا الحديثة ، يتناولون الوجبات السريعة ويتسلون بالأطعمة الضارة ، الأمر الذي شتت تركيزهم وأصابهم بسمنة مفرطة ، أثرت سلباً على نشاطهم البدني ومسيرتهم الدراسية.
علينا أن نحمي أبناءنا من ملوثات العصرنة وتحديات الغزو الفكري على كل ما هو قيم وأصيل ، وأن نسعى جاهدين وبواسطة وسائل الإعلام المختلفة أن نبث لهم البرامج المتنوعة التي تثري ثقافتهم المعرفية وتسمو بذائقتهم الفنية . والمطلوب منا كأولياء أمور ومربين أن يكون لنا دوراً متميزاً في متابعة برامجهم اليومية من جد ولهو، وفي ترشيد استخدامهم للأجهزة الالكترونية ،
وتوجيههم نحو ممارسة الأنشطة الرياضية ، وقد يكون من الضروري جداً ونحن في حضرتهم أن نحترم وجودهم بيننا ، فنتوقف عن الثرثرة في الجوال والتغول في مطالعة رسائله وفيديوهاته ، وأن نحد من الجعجعة في الحديث والصراخ في التعبير ، فليس لهم ذنب فيما يحدث بين الكبار من مشاكل وانتهاكات ، فهم الأجدى بالحوار ، والأحق باللعب ، والأولى بسرد القصص والحكايات .
يقول الشاعر بدوي الجبل عن الطفولة في إحدى قصائده ” البلبل الغريب ” :
يا رب من أجل الطفولة وحدها…… أفض بركات السلم شرقاً ومغرباً
وصن ضحكة الأطفال يا رب إنها… إذا غردت في موحش الرمل أعشبا