يدرك القائمون على الرعاية الصحية (سواء كانوا من القيادات الصحية او الممارسين الصحيين) أهمية التطبيقات الرقمية في تقديم رعاية و خدمات صحية ذات فاعلية عالية المستوى و مؤثرة تأثيرا ايجاباً علي المستويين الاستراتيجي البعيد و القريب المدى. الى جانب وجود قيادات علي رأس الهرم القيادي الوزاري متمثلة في وزير الصحة و نائبه للشئون الصحية ممن لهم خلفية علمية في هذا الشأن، حيث ان وزير الصحة من حملة شهادة الدكتوراه في علوم الحاسب الالي (و ذلك حسب السيرة الذاتية بموقع وزارة الصحة)، و علي حسب معلوماتي، فإن نائب وزير الصحة هو ايضا من الحاصلين علي شهادة البكالوريوس في الحاسب الالي (رغم خلو موقع وزارة الصحة الحالي للسير الذاتية لنائب وزير الصحة و القيادات الصحية الاخرى بالوزارة! لماذا؟ لا اعلم, و لكن اكيد هناك اسباب جوهرية في ذلك!).
كممارسين صحيين، ندرك تماما ان الانتقال من عالم التطبيقات الورقية (الآلة الكاتبة و النسخ و الفاكس و البرق و المراسل و الصادر و الوارد) الى عالم التطبيقات الرقمية (الحاسب الآلي) يعتبر من ضمن اطار التحديث في الخدمات الصحية، و هو التوجه العام لكل دول العالم في خدماتها الصحية. و يمكن القول ان هذا النوع من التغييرات جاء متواكبا مع متطلبات و معايير الجودة النوعية للرعاية الصحية و التي تتطلب الحفاظ و بشكل عالي الجودة علي السجلات الطبية لمستفيدي الرعاية الصحية، سواء كانت سجلات الرعاية (EHRs) او سجلات طبية (EMRs). هذا التغيير الكبير و الاستراتيجي في الملف الطبي الالكتروني
لمستفيدي الرعاية الصحية و التعامل الرقمي في الرعاية الصحية، لن يكون سهل المنال و التطبيق بين عشية و ضحاها، حيث ان مثل هذا الانجاز هو بحاجة الي العديد من العوامل الجوهرية لإنجاحه مثل البساطة والكفاءة وقابلية التوسع والمرونة والأمن الي جانب ارتفاع التكلفة المادية لبناء مثل تلك البنية التحتية في مساحة شاسعة تغطيها الرعاية الصحية. الى جانب التعامل مع انظمة تطبيقية عديدة (HCI) و ذلك لمساعدة مؤسسات الرعاية الصحية (المستشفيات و المراكز الصحية) على تلبية المتطلبات واللوائح اللازمة لتقديم الرعاية الصحية بسرعة وفعالية وأمان.
ملف التطبيقات الرقمية في الرعاية الصحية، ملف ضخم المحتوي و شائك سواء كان في محتوياته للبنية التحتية او الميزانية المالية لبناء تلك البنية التحتية. و الوصول ايضا الى تطبيقات يمكن من خلالها لجميع الممارسين الصحيين بمختلف المنشآت الصحية التعامل معها بكل يسر الى جانب الطرف المستفيد من الرعاية الصحية ليس بالأمر السهل. و يمكن القول: إنه بالدعم الكبير الذي تتلقاه الخدمات الصحية من قبل الحكومة بقيادة خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله و رعاه، وولي عهده الأمين، استطاعت وزارة الصحة في تحقيق الكثير من الانجازات في هذا الملف الشائك و الوصول بالتطبيقات الرقمية المختلفة الى حيز الوجود بآلية سهلة و سلسلة الى ايدي المستفيدين سواء كانوا من المرضى او من مختلف الممارسين الصحيين في القطاع الصحي.
باختصار، ندرك تماما ان التطبيقات الرقمية في عالم مثل عالم الرعاية الصحية (المعقد جدا) سيكون ركيزة اساسية في تطور الجانب الخدمي للرعاية الصحية و مثال ذلك تطبيق (موعد). و لكن في المقابل، لا بد ان ندرك انه ليس الجوهر الاساسي في الرعاية الصحية، الجوهر الرئيسي (حسب رأيي المتواضع) في بلوغ اعلى درجات الرضا لدى المستفيد هو ما يلمسه و يراه من قبل الممارس الصحي (بجميع الفئات و المستويات المهنية). الممارس الصحي (مهما كانت مهنته) هو الجسر الرئيسي بين المستفيد و بلوغ الرضى بما يقدم له (قاعدة رئيسية من قواعد تجربة المريض).