اجتماعية مقالات الكتاب

إنهم يخالفون تعليمات الوزارة

أزعجوني .. أتعبوني .. أفرح بعودتهم للمدرسة.. لا أريد أن أسمع صوتاً.. هذه الجمل نسمعها دائماً تتردد على ألسنة أهل الطفل، بل إن كثراً منا سيؤكد أنه قالها يوماً.. ولكن نتناسى جميعاً في غمرة شكوانا من الطفل، المعلم وهو المربي الثاني له بعد والديه الذي يتحمل أبناءنا منذ دخولهم بوابة الروضة وحتى خروجهم منها، وهذه المهمة الثقيلة التي لا تعني مجرد الحرص على الطفل طوال هذه الساعات ولكن التعليم والتربية والتقويم واكتشاف طاقاته واطلاقها واكسابه السلوكيات التوعية وتدريبه على التعايش مع المجتمع من خلال زملائه والتفاعل معه..

ولأن الوزارة تدرك هذه المهمة الثقيلة وأهميتها وخطورة عدم الاضطلاع بها على أكمل وجه، حددت نصاب كل “معلم روضة” بـ 15 طفلا فقط حتى يتمكن المعلم أو المعلمة من القيام بكل هذه الواجبات، بالإضافة الى الحفاظ على سلامة أطفال الفصل، وما أصعبها من مهمة.. والوزارة بهذا التحديد تدرك أن مهمتها التربية قبل التعليم، وأنها معنية بصناعة النشء وأجيال المستقبل.. ولاشك أن هذه التعليمات هي ثمرة دراسات تربوية وسلوكية ونفسية وصحية وليس مجرد أرقام عشوائية..

الطامة الكبرى أن تأتي بعض المناطق لتجبر المعلم على نصاب 20 طفلاً ضاربة بعرض الحائط مصلحة الطالب أولاً، وتمكين المعلم والمعلمة من أداء رسالته على أكمل وجه، ثانياً مخالفة بذلك تعليمات الوزارة.. ولا تضع هذه المناطق في اعتبارها عدم توفر الإمكانات اللازمة من أدوات وأثاث وغياب البيئة التعليمية والتربوية التي تتناسب مع زيادة العدد.

ولأن المعلم أو المعلمة يدرك أبعاد ومقاصد هذا التحديد كما وضعته الوزارة فإنه يحاول إقناع الإدارات بالمنطق العلمي السليم واذا فشل فإنه يرفض زيادة النصاب بالإكراه ، إلا أنه يقابل بالتهديد من مكتب الاشراف بالحسم من درجات الأداء الوظيفي.. وعندما يطالب المعلم بقرار أو تعميم وزاري يلزمه بزيادة النصاب يقمع بردود من قبل: هذا أمر من مكتب الاشراف وعليكم التنفيذ.

ونتج عن هذا الوضع تعطيل تجهيز الفصول وكذلك قوائم أسماء الأطفال وتوزيعهم مما أدى الى بقائهم في صالات الانتظار، وهو ما تسبب في سخط الأهالي، ولاشك، أنهم على حق.

الغريب أن مكاتب الإشراف تبرر هذه المخالفات بأنها قامت بزيادة الفصول واختيارها أوسع.. وتتناسى أن هذا هو الوضع الطبيعي الذي يجب أن يكون.. انها تقول: ان الأماكن تتسع لأطفال أكثر وتتجاهل أن طاقة المعلم لا تتسع.

وسأظل أتساءل: هل يستطيع الأهل تحمل أطفالهم خمس ساعات متواصلة؟ المعلم يستطيع، لكن حين نثقل كاهله بزيادة الأعداد وضيق الأماكن.. فماذا نتوقع من نتائج؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *