مقالات الكتاب

بطولات من ورق

غالبًا ما نكون حكامًا سيئين على عواطفنا ورغباتنا، فنحن نكذب على أنفسنا، ونفعل ذلك لسبب واضح واحد، وهو أن نشعر بتحسن، قد لا نعرف بالضبط ما الذي نكذب على أنفسنا بشأنه، ولكن من الآمن، أن نفترض أن جزءًا مما نعتبره حقيقة، اليوم ربما لا يكون أكثر من مجرد دفاع ضدّ معنى أعمق من المؤلم قبوله من خلال الكذب على أنفسنا، فإننا نرهن احتياجاتنا طويلة الأجل من أجل تلبية رغباتنا قصيرة الأجل، لذلك يمكنني القول إن النمو الشخصي هو مجرد عملية تعلم كيفية الكذب على نفسك بشكل أقل، علي سبيل المثال إعتقاد كل منا أن حياته ستكون أفضل عندما يختار ما يناسبه من العمل أو الزواج أو السيارات، لقد تم إعدادنا من الناحية التطورية لنعيش في حالة من عدم الرضا البسيط، وهذا أمر منطقي من الناحية البيولوجية، فالقرود التي لا تشعر بالرضا مطلقًا عمّا لديها بالفعل، وترغب في المزيد هي التي نجت وتكاثرت بشكل أكبر! إنها استراتيجية تطورية ممتازة، ولكنها استراتيجية سيئة للسعادة، إذا كنا نبحث دائمًا عن ما هو قادم، يصبح من الصعب جدًا تقدير ما هو موجود الآن، بالتأكيد يمكننا تغيير هذه الأسلاك قليلاً من خلال التكييف والسلوكيات المكتسبة والعقليات المتغيرة، لكنها جزء ثابت من الحالة الإنسانية، شيء يجب أن نستند إليه دائمًا، لكن ماذا يعني ذلك؟ يعني أن تتعلم كيفية الاستمتاع به، تعلم الاستمتاع بالتحدّي والتغيير، والسعي لتحقيق الأهداف العليا، فهناك مفهوم خاطئ كبير في عالم المساعدة الذاتية، وهو أن الرضا عن اللحظة الحالية، والعمل من أجل المستقبل أمران متناقضان إلى حد ما، لكن الأمر ليس كذلك، فإذا كانت الحياة عبارة عن عجلة، فإن الهدف ليس الوصول إلى أي مكان بالفعل، بل إيجاد طريقة للاستمتاع بالركض، يقول الناس إنهم يريدون بدء عمل تجاري، لكنهم لا يسعون لذلك، فلو أرادوا ذلك، لكانوا قد خصصوا الوقت اللازم لذلك، والتزموا به، الناس مفتونون بفكرة أهدافهم، وليس بالحياة المؤلمة التي تأتي مع تحقيق أهدافهم. فاختيار الانشغال، هو اختيار استثمار للوقت، وأنت تستثمر وقتك في الأشياء التي تهمك، فإذا كنت تعمل 80 ساعة في الأسبوع، فهذا شيء تريده أكثر من كل الأشياء الأخرى، التي تقول إنك تريد القيام بها، أنت لا يمكنك تغيير الناس، لكن يمكنك فقط مساعدتهم على تغيير أنفسهم، إن التبرير القائل بأنه إذا كان بإمكانك فعل شيء لجعل شخص ما يرى طريقك، ورؤية مسارك، هو عادةً نتاج تعلق غير صحي بشخص ما، فغالبيتنا يخبر نفسه بأن هناك شيء خاطئ، أو مختلف في داخلي، وهذه الكذبة هي حجر الزاوية للعار الشخصي، والاعتقاد بأن هناك شيئًا ما فينا خاطئ، أو غير كافٍ بطبيعته. ومن الآثار الجانبية المؤسفة لوجود مجتمعات قوية تضم مئات الملايين من الناس، أننا نشجع حتمًا على مقارنة أنفسنا بالمعايير الاجتماعية التعسفية، إذن لماذا نتمسك بالاعتقادات بأننا أقل من البشر؟ ولا نستحق نفس الحب والنجاح الذي يستحقه الآخرون من حولنا، ولا نتخلَّى عن هذه الاعتقادات في مواجهة الأدلة، التي تثبت العكس؟ الإجابة هي نفس السبب، الذي يجعلنا نتمسك بأي معتقد، لأنه يجعلنا نشعر بأننا مميزون، وإذا كنا أدنى بطبيعتنا، فإننا سنلعب دور الضحية، وهذا يضفي على حياتنا هدفًا نبيلًا مريضًا، إن حياتنا لا تتحدَّد إلا من خلال أفضل التخمينات، وهي عملية مستمرة من التجربة والخطأ، فقط قم بتحسين حياتك، لتعزيز معناها، فهذا هو مقياس النجاح.

NevenAbbass@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *