وتكشفت الأقنعة المزيفة التي ترتديها إسرائيل، ومن بعدها الولايات المتحدة الأمريكية بادعاء الحفاظ على حقوق الإنسان وعدم التمييز العنصري. لكن أحداث غزة الأخيرة بيّنت عوارهم وكشفت مخازيهم، وأثبتت أنهم أبعد ما يكون عن الإنسانية الحقة بهمجية الفعل ووحشية التصرف. والشاهد في ذلك الأرواح الفلسطينية المزهقة، والدماء المسالة؛ والأشلاء الممزّقة؛ والأسر المشتّتة؛ والمساكن المهدّمة؛ والبنى التحتية والفوقية المحطّمة.
مشاهد تبكي منها العيون وتتفطر لها القلوب، إلّا قلوب الجبابرة المتغطّرسين الذين يستهويهم القتل، وتسرّهم مناظر الدمار والخراب كخراب أنفسهم المشوّهة، وأنّ كل ما يدّعونه من أجل حقوق الإنسان شعارات وهمية لا أساس لها في الواقع، وإنما يفصّلونها فقط بما يخدم مصالحهم، دون اكتراث بالرأي العام العالمي، وغير عابئين بانتقاد بعض المنظمات الدولية. لأنهم وجدوا أنفسهم فوق القانون، يبررون ما يرغبون ويمارسون الإبادة الجماعية والتهجير القسري متجاوزين كل التعاليم والأعراف الدينية والدنيوية باستهداف الأبرياء العزل من الأطفال والشيوخ والنساء واستخدام الأسلحة المحرمة لتزيد أعدادهم على عشرات الآلاف من القتلى والمصابين معظمهم من الأطفال هذا غير ما لحق بالآخرين من تأثير نفسي عنيف. في الوقت الذي يستعدّ فيه العالم ليوم الطفل في أواخر هذا الشهر.
وهي لاشك جرائم حرب فظيعة مكتملة الأركان ومن المؤكد أن الضمير العالمي اليقظ لن يتجاهلها وإنها ستدفع بالمجرم “نتن ياهو” إلى المحاكمة العادلة على تلك الجرائم القبيحة التي تستدعي رصدها وتوثيقها وتقديمها للمحاكم الدولية لتتحمل إسرائيل مسؤوليتها كاملة ومعها شريكتها في الظلم والإبادة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تقودها إدارتها الحالية إلى مستنقع الظلم والفساد. هذه الإدارة التي تزعم وقوفها مع الحق لحماية الأبرياء من سكان أوكرانيا ، نجدها تقف بقوة مع الباطل ضدّ سكان غزة بمعايير مختلّه وتبريرات معتلّة تبرهن زيغهم عن الحق وبعدهم عن العدل وركونهم إلى الاستبداد، ليصبغوا دولتهم بصبغة الدولة المستبدة الظالمة أمام المجتمع الدولي. وقد يعلمون أو لا يعلمون أن الجنوح إلى الظلم يشكل أحد أهم أسباب السقوط للدول عاجلا أم آجلا. وفي التاريخ ألف عبرة وعبرة، لكن الإدارة الأمريكية المنحازة علناً للممارسات الهوجاء ،ستفقد ثقة العالم الخارجي كما ستفقد ثقة الداخل الأمريكي والذين عبروا عن عدم قبولهم لهذا الانحياز الظالم من خلال مظاهراتهم في شوارع عدد من المدن الأمريكية ضد الطغيان. ولعل ما صرح به الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيرش” بأن أصل معاناة الشعب الفلسطيني هو الاحتلال الغاشم وأن ما يقومون به لا يبرر لإسرائيل القتل الجماعي وأن لا أحد فوق القانون.
ولكم أن تتخيلوا الاستهداف الإسرائيلي بأعّتى الأسلحة للمستشفيات، هذا غير المدارس والجامعات والمساجد وأماكن العبادات. وقد أراد الله أن يفضح سوء فعلهم وحقارة صنيعهم أمام العالم عندما ضربوا مستشفى الشفاء بزعم أن هناك أنفاق ومخازن للأسلحة،
لتتضح الصورة جليّة بأن ادعاءهم باطل كما هي ادعاءاتهم الكاذبة من قبل، وأن هدفهم القتل الجماعي لا غير، بعيداً عن أدنى معاني الإنسانية.
وعلّمنا التاريخ بأن للظالم يوماً وإن طال المدى وأن إعانة الظالم مشاركة في الظلم، والله فوق الجميع.
alnasser1956@