البلاد ـ نجران
تتمتع منطقة نجران بمقومات زراعية ومناخية ساهمت في إنتاج الحمضيات بأنواعها المختلفة لتشكل رافِداً اِقْتِصادِيّاً وقيمة غذائية مهمة. وازدهرت زراعة الحمضيات عام 1982م بعد إنشاء مركز أبحاث البستنة في منطقة نجران، الذي كان له دور بارز في نشر زراعة أشجار الحمضيات دائمة الاخضرار ذات الثمار الجيدة الحمراء والوردية والبرتقالية والصفراء الذهبية في مناطق المملكة، ومنها منطقة نجران التي أصبحت إحدى مناطق زراعة الحمضيات ذات الجودة العالية في المملكة، نظير ما تتمتع به المنطقة من أجواء مناخية معتدلة طوال أيام السنة، وتربة خصبة ومياه عذبة بجودة عالية تتلاءم ونمط الري المناسب لزراعة الحمضيات.
ويقوم المركز بإجراء البحوث والدراسات وتدريب الكوادر الوطنية والمزارعين وأبنائهم، ونشر الوعي الزراعي السليم، ونشر زراعة الحمضيات في منطقة نجران وجميع مناطق المملكة التي تجود بها زراعة الحمضيات وتزويدهم بأصناف وأصول مدروسة مما كان له الأثر الكبير في ازدهار زراعة أشجار الحمضيات بالمنطقة مثل الليمون، البرتقال، اليوسفي بمختلف أنواعها، الكمكوات “ذو قشرة ناعمة وملساء، ثمرته بيضاوية صغيرة، برتقالية اللون، تشبه ثمار البلح، ينبت في عناقيد، ينضج في أوقات مختلفة، غالِباً ما تكون أشجاره حاملة للزهر والثمر معظم أشهر السنة، يؤكل بقشرته”، القريب فروت، وتقدر المساحة الإجمالية المزروعة بالحمضيات في منطقة نجران بأكثر من 1005 هكتارات تنتج ما يقارب 25000 طن سنوياً، وتبلغ أسعار كرتون الحمضيات الصغير من 25-35 ريالاً حسب النوع والحجم، وذلك خلال موسم الإنتاج الذي يتوافق مع المهرجان السنوي للحمضيات من كل عام.
وتنظم منطقة نجران سنويا منذ العام 1427 هـ، مِهْرَجاناً خاصاً للحمضيات، يهدف إلى التعريف بأنواع الحمضيات التي تشتهر بها المنطقة، ونقل وتبادل الخبرات والتجارب الزراعية بين المزارعين والمختصين لتطوير منتجاتهم الزراعية، وتنويع مصادر الدخل، وتوسيع النطاق التسويقي وجذب القوة الشرائية، وإتاحة الفرصة للمزارعين والمستثمرين للالتقاء وتبادل المنافع والخدمات، في ضوء ما تمتلكه المنطقة من إمكانيات ومقومات زراعية واقتصادية وسياحية وفرص استثمارية زراعية جاذبة للزوار والمستثمرين، وتعريفهم بما هو جديد في مجال زراعة الحمضيات، علاوةً على الأبحاث الطبية الحديثة التي أثبتت فوائد الحمضيات الغذائية والدوائية، وقدرتها على محاربة الأمراض الفيروسية، لأنها غنية بالفيتامينات والألياف الضرورية لصحة الإنسان، وخاصة فيتامين سي c.
وأكد مدير عام البستنة بمنطقة نجران المهندس سالم بن محسن بالحارث أن الجهود متواصلة لزيادة معدل الإنتاج ومساحة الرقعة الزراعية المخصصة لزراعة الحمضيات، بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 في دعم الأمن الغذائي، والحفاظ على المياه، وتحقيق الاستدامة الزراعية.
وأوضح المهندس بالحارث أن مركز أبحاث البستنة بنجران، ومن خلال الخبرات الموجودة والشراكات الدولية في مجال الحمضيات قد أجرى العديد من التجارب البحثية لانتخاب أفضل السلالات التي تجود تحت ظروف المملكة المناخية، وتم إنتاج ما يزيد عن 2 مليون شتلة تم زراعتها وتوزيعها على مناطق المملكة المختلفة.
كما يقوم المركز بتزويد أصحاب المشاتل الخاصة بالمنطقة بقدر حاجتهم من الطعوم، لضمان جودة إنتاجهم، وتوعية المزارعين وإرشادهم للحفاظ على سلامة أشجار الحمضيات، وتوفير البيئة الملائمة لزراعتها في موسمي الربيع والخريف في أشهر فبراير، ومارس وأبريل وسبتمبر وأكتوبر في درجات حرارة تتراوح ما بين 13-30 درجة مئوية كدرجات مثلى وبحد أقصى أقل من 42 درجة مئوية للحد المقبول، مع توفر التربة الخصبة ذات الجهد الهيدروجيني PH من 5-7، والري الملائم بأن تكون نسبة الأملاح الذائبة الكلية في المياه المخصصة لسقي الحمضيات لا تزيد عن 450 جزءاً من المليون، إضافة إلى الطرق المثلى لاستغلال الموارد المتاحة والحرص على تدفئة أشجار الحمضيات في فترات الصقيع حسب الطرق المعروفة، ومنها تغطيتها بأكياس بلاستيكية مخصصة وكذلك حرق بقايا المخلفات النباتية لإنتاج دخان كثيف يغطي الشجيرات الضعيفة، ويحميها وكذلك الحرص على سقي النبات في ساعات الصباح الباكر، وفي درجات الحرارة المرتفعة وتظليل النباتات منها، وذلك بزراعة الأعلاف الخضراء مثل البرسيم حول الشجر وطلاء جذوع الأشجار بمحلول الجير لتقليل الأضرار المباشرة لأشعة الشمس على سلامتها، وزراعة مصدات الرياح دائمة الخضرة ذات الجذور عمودية النمو، حتى لا تزاحم أشجار الحمضيات على الماء والغذاء بفترة تتراوح ما بين عام إلى عامين قبل زراعة أشجار الحمضيات، والتنبه إلى ضرورة المحافظة على مستوى توازن رطوبة التربة للحصول على ثمار ذات جودة عالية، وبحث وحل المشكلات التي تواجه المزارعين.
ويتبع للمركز عدة جهات بحثية من ضمنها بنك الأصول الوراثية الذي يحتوي عدداً كبير من شجر الأمهات، توضع في قوالب متخصصة، لاستنبات شتلات أشجار الحمضيات من براعمها، في ظروف بيئية ملائمة عالية الدقة في إطار نظام المحميات الزراعية المطور.