إن قضايا الأطفال وتنشئتهم وتحقيق طموحاتهم في عصر المعلومات هي في صدارة أولويات المختصين في مجالات الطفولة، حيث أضحى الارتقاء بمنابر الطفولة الثقافية وتدعيم آلياتها أمراً مهماً للوصول إلى إعداد الطفل ذهنياً واجتماعياً ليتسنى له مجاراة التقدم العلمي والمعرفي والاضطلاع بدوره المنشود في المستقبل مساهماً في تنمية مجتمعه ووطنه.
إن صحافة الأطفال هي إحدى الوسائل لتعليم وتثقيف الطفل وتوسيع معارفه، وباختصار فإنها تنحصر في قسمين، الأول من إنتاج الأطفال أنفسهم حيث تقوم مجموعة منهم تحت إشراف مختصين بإعداد وإخراج صحيفتهم، والأخرى وهي الأهم والأكثر انتشاراً وهي الصحافة التي يكتبها المختصون الكبار ليقرأها الأطفال والتي هي المقصد في هذا المقال.
ومن أهم فوائد صحف الأطفال على سبيل المثال أنها تفتح مداركهم لتعلم موضوعات أدبية وعلمية وغيرها وتتناول كافة شؤونهم وتغذي موهبة الخيال لديهم وتعزز فيهم القيم الإيجابية وتزيد من معارفهم وخبراتهم وتنمي عنصر المشاركة والإبداع لديهم ، فضلاً عن أنها تشبع حاجاتهم الثقافية وتنمي في دواخلهم السلوك الاجتماعي المعتدل بجانب أنها تجعلهم قريبين من قضايا مجتمعهم ووطنهم، كما أنها توفر لهم عنصر التسلية وتدربهم على التذوق الفني والجمالي، أي أنها وسيلة تربية وتوجيه وإعلام وإمتاع واكتساب قيم وأفكار.
إن اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة تنص على: “يحق للأطفال الحصول على المعلومات من شبكة الإنترنت والإذاعة والتلفزيون والصحف والكتب وغيرها.
وعلى البالغين أن يتأكدوا من أن المعلومات التي يحصل عليها الأطفال غير ضارة وعلى الحكومات تشجيع وسائل الإعلام على نشر المعلومات من مصادر مختلفة، وبلغات يتمكن جميع الأطفال فهمها”. إن دولة مثل اليابان لها تجربة رائدة في مجال صحف الأطفال حيث تضطلع مؤسسات النشر والمدارس والمواطنين فيها بتحبيب القراءة للأطفال وتبسيط الأخبار والموضوعات لهم سواء كانت اجتماعية أو ثقافية أو رياضية وغيرها ونشرها في صحف الأطفال التي تضيف شروحات وتفاسير من جانب مختصين على تلك المواد ليفهمها الصغار بكل يسر.
لقد حان الوقت لقيام صحافة خاصة بالأطفال بالمملكة حيث يمكنها أن تكون عنصراً مسانداً لأدوار الكتاب المدرسي وخطط التعليم العام في تربية وتثقيف الأطفال وترسيخ هويتهم الثقافية وتعزيز ارتباطهم بمجتمعهم ووطنهم، على أن يتم إعداد المواد الخاصة بهم من قبل متخصصين على إلمام تام بأبعاد هذا المجال من كُتاب وعلماء نفس وتربويين وصحفيين وغيرهم، ذلك أن الطفولة هي كل المستقبل المرجو فما أحرانا بالعناية والاهتمام بهذا المستقبل وبنائه حضارياً على أسس علمية سليمة.
باحثة وكاتبة سعودية
J_alnahari@