جدة : رانيا الوجيه – مها العواوده
أضحت منصات التواصل الاجتماعي ليست سوقاً مفتوحة لمشاهير السوشيال ميديا للتربح بالإعلانات وترويج السلع وتسويقها، بل الأخطر انها تحولت إلى أداة للخداع والغش عن جهل حينا ومع سبق الاصرار احيانا كثيرة. ويستغل المشاهير ومدَّعو الشهرة ما سبق لهم ان زعموه من كثافة المتابعين في نشاطهم الترويجي.
ومع تغليب حسن النية لا يضع بعض المشاهير معايير ذات قيمة لاختيار المنتج المعلن عنه وقد يتضرر الكثيرون بسبب المنتج فبعضها مغشوشة أو مقلدة أو لها اضرار جانبية، وقد يعمد المعلن الى إخفاء العيوب والسلبيات عن المنتج وتحسين صورته فيظن المتابع بأن المنتج هو الأفضل، فضلاً عن أن مشاهير آخرين هدفهم الربح المادي ويسوقون لسلع وبضائع مضروبة ما يضعهم تحت طائلة التحقيق والمساءلة. في المقابل، يعمل قليل من المشاهير على تسويق وترويج منتجات لا تشوبها شائبة الغش والتقليد ويحرصون على التأكد من جودة ما يعلنون عنه.
وبعد أن أصدرت هيئة الاعلام المرئي والمسموع عقوبات بحق بعض المخالفين من مشاهير السوشيال ميديا شددت وزارة التجارة على منع المشاهير من الاعلان ومنافذ البيع أيضا كما أن المحاكم الجزائية أصدرت عقوبات جنائية على المخالفين. ويؤكد خبراء الإعلام ان ما يقوم به بعض مشاهير السوشيال ميديا مع غياب التأهيل المهني واستشعار المسؤولية الوطنية، يوقع الضحايا في الفخ ، فضلا عن انتهاك خصوصية الآخرين والتحريض على التفلت من احترازات كورونا وغيرها.
جريمة معلوماتية
المستشار القانوني المحامي دكتور خميس بن سعد الغامدي يحذر من جرائم المعلوماتية التي يقع فيها بعض مشاهير التواصل الاجتماعي وغيرهم من مستخدمي التقنية، يخضعون للقوانين التي تنظم سلوك المستخدم للتقنية، ويعتبر ان هؤلاء أكثر عرضة للتعامل مع تلك القوانين بحكم ارتباطهم الوثيق مع وسائل التواصل الاجتماعي في كثير من جوانب حياتهم، العملية أو الشخصية. ويقول: سأحاول أن القي إضاءة ولو كانت خافتة على بعض مواد قانون جرائم المعلوماتية التي يمكن أن يواجهها مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي الذين يتجاوزون القوانين .. ويتابع: بداية لابد أن يعي هؤلاء المشاهير وأي مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي أن نظام جرائم المعلوماتية يحكم تصرفاته إذا استخدم أي برامج أو أدوات معدة لمعالجة البيانات وإدارتها، ويشمل ذلك الحاسبات الآلية، والشبكات الخاصة والعامة سواء التي ترتبط بالإنترنت أو لا ترتبط. كما يجب أن يعي أن ذلك يشمل الرسائل، أو الأصوات، أو الصور وكل ما يمكن تخزينه، ومعالجته، ونقله، وإنشاؤه بوساطة الحاسب الآلي أو أي جهاز إلكتروني ثابت أو منقول سلكي أو لاسلكي، ويشمل هذا جهاز الجوال الشخصي. فمتى قام مستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بأي فعل سواء كان تسجيل صوت أو مقطع فيديو أو أخذ صورة باستخدام الجوال أو الحاسب الآلـي أو الـشبكة المعلوماتية فإنه سيكون خاضعا لمواد قانون الجرائم المعلوماتية إذا وقع فيما يخالف مواده.
قضايا التشهير والاحتيال
ويستطرد الغامدي: ومن أهم تلك الأفعال التي تعد مخالفة لهذا القانون استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل يكون فيه مساس بالحياة الخاصة للآخرين بتصويرهم أو تسجيل أصواتهم دون إذنهم، أو التشهير وإلحاق الضرر بهم، حيث يعاقب من قام بأي من هذه الأفعال بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وبتتبع بعض المقاطع التي تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي نجد ما يقوم به بعض المشاهير في وسائل التواصل الاجتماعي بتصوير الحياة الخاصة لبعض من يعرفونهم دون إذنهم، ويزداد الأمر مخالفة إذا كان من يتم تصويره ليست له إرادة قانونية معتبرة مثل الأطفال أو المصابين بأمراض عقلية، حتى ولو أذن بالتصوير، وغالبا يقوم بذلك مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي لزيادة متابعيهم أو لتسويق سلعة ما. ويتشدد الأمر إذا مارس مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي تلك الأفعال وفيها شيء من التغرير بالقصر ومن في حكمهم، واستغلالهم. كما أن بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يقوم بانتحال صفة غير صحيحة بشكل يؤدي إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو على سند، أو توقيع لهذا السند، وهو أمر يعتبره القانون احتيالا ويعاقب عليه بالسجن مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على مليـوني ريـال، أو بإحدى هاتين العقوبتين. ويدخل في هذا ما يقوم به بعض مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي من إعلانات لسلع غير حقيقية أو يعلنون عن مواصفات غير حقيقية لسلعة ما، مما يؤدي إلى زيادة عدد المشترين لتلك السلعة.
ولابد أن يتنبه مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي الى أن أي تسريب لأي بيانات خاصة من خلال تغريدة أو إعلان في السناب أو في غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي يترتب عليه عقوبة بالسجن مدة لا تزيد على أربع سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين. ويزداد الأمر سوءا إذا قام مستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بتصوير أو تسجيل مقاطع فيديو أو صوتيات تمس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، إذ ستكون عقوبته بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايـين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين. ويستحق هذه العقوبة سواء كان هو من قام بإعداد تلك المادة المسجلة أو قام هو فقط بإرسالها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل يستحق تلك العقوبة ولو قام فقط بتخزينها عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحـد أجهـزة الحاسب الآلي التي منها الجوال، حتى وإن لم يرسلها أو ينشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ويدخل في هذه العقوبة من يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لنشر ما يعد ترويجا للمخدرات، أو المؤثرات العقلية، أو ينشر طرق تعاطيها، أو يسهل التعامل بها.
زيادة الشهرة
ويواصل الغامدي بقوله: من المؤسف أن بعض مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي يسعى لزيادة شهرته فيقوم بلقاءات مع شخصيات تحمل أفكارا تمس أمن المجتمع واستقراره فينشر أفكاره خلال ذلك اللقاء، مما يعرضه للعقوبة بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات وبغرامة لا تزيد على خمسة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين. ويزداد الأمر سوءا لو قام مستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بأي عمل يؤدي لتسهيل الاتصال بقيادات المنظمات الإرهابية، أو أي من أعضائها، أو تـرويج أفكارها، أو تمويلها.أو يقوم بنشر كيفية تصنيع الأجهزة الحارقة، أو المتفجرات، أو أي أداة تستخدم في الأعمال الإرهابية.
سلاح ذو حدين
وتقول غادة ناجي طنطاوي رئيس مجلس إدارة مجلة متخصصة وخبيرة إعلامية: للأسف أننا كمجتمع عربي نجهل أن الإعلام هو أقوى سلطة رابعة في أية دولة في العالم حيث من خلال الاعلام يمكن أن تقوم ثورة أو حرب وبالإعلام من الممكن أيضا قد تكون هناك فتنة، أو العكس فهو سلاح ذو حدين ، والكارثة العظمى وقعت عندما خرج بعض الأشخاص من مشاهير السوشيال ميديا من يطلقون على أنفسهم إعلاميين أو شخصيات مؤثرة بلا هدف، بالرغم من أن مهنة الإعلامي لا تحتاج بالضرورة الى خريجي اعلام طالما هناك موهبة ومهارات في الحديث وطلاقة اللسان والكتابة والحضور والكاريزما وغيرها من فنون الإعلام، وأيضا يجب أن يكون من يمتهن مهنة الاعلام على درجة عالية من الثقافة والوعي والإلمام بالعادات والتقاليد الخاصة بالمجتمع وإحترام خصوصيات الاخرين والاحساس بالمسؤولية فيما يقوم بنشره. والامر الاخر ظهور شخصيات وألقاب جديدة مثل السنابي فلان أو ينسب لنفسه لقب «إعلامي»، ويجب قبل وضع القوانين والعقوبات التي ستساعد كثيرا في الحد أو تنظيم كل ما يقوم به مشاهير التواصل الاجتماعي على المجتمع والإعلام أن يقوموا بتوعية هؤلاء بأن كل ما يقدمونه هو لا يضره وحده بل أيضا يضر صورة وطنه في نظر المجتمعات الأخرى وبالتالي يجب معرفتهم وتوعيتهم بالعواقب التي سيواجهونها في حال قاموا بنشر كل ماهو مخالف للقوانين والأنظمة ومعادٍ للعادات والتقاليد في مجتمعه.
غسل أموال
وأوضح المستشار القانوني سليمان حلواني ان حكاية مشاهير السوشيال ميديا بدأت من خلال برامج التواصل الاجتماعي التي أتاحت للأشخاص بوسائل مختلفة ومن خلال خصائصها التصوير والنشر ومشاهدة العامة ومتابعتهم لهذه الحسابات وأصحابها بهدف متابعة يوميات المشهور وما يقوم به في حياته اليومية والأماكن التي يزورها والأشياء التي يقتنيها. وبعد زيادة أعداد المتابعين لدى المشهور يصبح محتواه الذي يتضمن الإعلانات التجارية للشركات والأشخاص الراغبين الترويج لمنتجاتهم وخدماتهم بمقابل مالي أو دعم، وأحيانا دون مقابل من بعض المشاهير حيث أصبح الإعلان من خلال أحد مشاهير السوشيال ميديا أحد أهم وسائل الإعلان والانتشار في عصرنا الحديث وكلما زاد عدد المتابعين زادت قوة الايهام بجودة الخدمة من ناحية رقي المنتج والعلامة التجارية وبالتالي ارتفع المقابل المالي للإعلان. ويعدد من المخالفات القانونية التي قد تأتي من بعض نجوم السوشيال ميديا بجهل منهم بماهية ما يقومون به أنهم قد يقعون ضحايا لبعض أصحاب الأموال غير القانونية والتي تحتاج إلى جسور تجارية لتمر من خلالها تلك الأموال ليتم تنظيف وتقنين هذا المال ويشرع تضخم الحسابات البنكية لتلك الجهات من خلال هذا المشهور للتمويه عليه من خلال الدخول في شراكات تجارية مع المشهور تحت غطاء الإعلانات ومن أبرز أسباب وقوع بعض المشاهير في هذه المخالفات عدم وجود رقابة مباشرة على المشهور وانتظار وقوع حدث معين يقود للتحقيق وفتح الملفات وعدم وجود تقنين وتنظيم لمحتوى المشهور وترخيص يمارس بموجبه عمل الدعاية والإعلان لأنه من الأساس كان ظهوره عشوائيا، فعمله عشوائي يؤدي إلى ارتكاب المخالفات الموجبة للعقوبات.
مواد دوائية
ويضيف حلواني: من المخالفات التي يقع فيها بعض المشاهير ويجرمها نظام الإعلام المرئي والمسموع في المادة الثالثة والرابعة والخامسة منه وهي الإعلان والترويج للمواد الدوائية والمكملات الغذائية غير المرخصة وعدم الحصول على ترخيص لممارسة النشاط الإعلامي وبث محتوى يتضمن معلومات كاذبة تفتقر للموثوقية والمصداقية وتعدياً على حياة الغير الخاصة وعرض محتوى مخل بالآداب العامة وإظهار العري واللباس غير المحتشم والترويج للدخان ومنتجاته بأية وسيلة حتى لو كان الاستعمال والنشر للتباهي او الترويج لذلك.
ويذكر من العقوبات التي نص عليها نظام الاعلام المرئي والمسموع لقاء تلك المخالفات في مادته السابعة عشرة عقوبة او أكثر من غرامة مالية لا تزيد على عشرة ملايين ريال أو الإيقاف عن المزاولة لمدة ستة أشهر أو إلغاء الترخيص مع أن بعض المشاهير ليس لديهم ترخيص .. ومما تضمنته ذات المادة هي شمولية العقوبة بالتنفيذ المعجل ومضاعفة الغرامة حال تكرار المخالفة أو استمرارها أو عدم تصحيحها.
ومن المخالفات التي يتضرر منها الآخرون بسبب بعض مشاهير السوشيال ميديا هي ما نصت عليه الفقرة الرابعة والخامسة من المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية والتي تضمنت تجريم المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بالكاميرا أو ما في حكمها والتشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات كتصوير الأشخاص دون إذنهم في أحد الإعلانات التجارية ونشر المقطع المصور على حساب المشهور دون مبالاة بالخصوصية للأشخاص وعقوبة هذه المخالفة سنة سجن وغرامة خمسمائة ألف ريال أو إحداها. ومن المخالفات أيضا ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية المتضمنة إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام أو القيم الدينية أو الآداب العامة أو حرمة الحياة الخاصة أو إعداد ذلك أو إرساله أو التخزين عن طريق شبكة التواصل الاجتماعي والشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي يوجب عقوبة تقدر بسجن لا يزيد على خمس سنوات وغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال أو إحداها على سبيل المثال تصوير مقطع يتضمن فيه ما سبق من المخالفات ونشره عبر وسائل التواصل.
ومن المخالفات المنتشرة مؤخرا والتي يقع فيها بعض من المشاهير وبعض الشركات هي مخالفتهم للإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية أثناء عمل وتصوير الإعلان والتسبب في تجمهر الكثير من العامة أثناء التصوير أو افتتاح مكان معين.
لذلك يجب على مشاهير السوشيال ميديا التقيد بالتعليمات والأنظمة وعدم مخالفتها حتى لا تترتب عقوبة عليهم كما يجب على الجهات المعنية تشديد الرقابة على المشاهير وعلى حسابات بعضهم البنكية ومراقبة محتواهم الإعلامي وتقنين وتنظيم عملهم وترخيصه إن إستوجب حتى تتحقق المصلحة العامة ويعاقب المخالف منهم ويرتدع الباقي ويستقيم كل من في هذا المجال.
رصد التجاوزات
اكدت وزارة التجارة لـ «البلاد» على أهمية التزام المنشآت التجارية والأسواق بمنع أية ممارسات تتسبب في تزاحم العملاء داخل أو خارج المنشأة، ومنها منع دعوة المشاهير والمعلنين للمنشآت التجارية
وأوضحت الوزارة أن المسؤولية تقع على عاتق المنشأة التجارية، وفي حال رصد أي تجاوز يتم إيقاع أقصى العقوبات النظامية بحق المخالفين، وتكون عقوبة المنشأة والمسؤول عنها وفق جدول العقوبات الصادر من وزارة الداخلية.
كما تقوم الوزارة بإحالة المعلنين المخالفين إلى الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع لاتخاذ الإجراءات النظامية بحقهم.