تخيل أن تعيش في منزل غير مستقر على وشك الانهيار؛ الأسطح تهتز والأرضيات تتذبذب ويميل نحو الهدم الكامل؛ مجرد الاضطرار لتخيل مثل هذا السيناريو أمر مخيف أليس كذلك؟
إنه تمامًا ما يفعله الصمت بداخلك حين تمارسه في أوقات لم يكن يجب أن تصمت فيها؛ صمت المرأة وجع وصمت الرجل حسرة؛ فليس من الأمور الجيدة أن نمارس الصمت في كل الأوقات؛ فبين الحين والآخر نحتاج للشرح والتحدث عن ما يجول بداخلنا من مشاعر متضاربة وأفكار قد تحمل العديد من الأمور غير الصحيحة وغير الموضحة والتي تزيد من حجم الفجوة بين الزوجين يومًا تلو الآخر؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر الصمت من أجل تمرير موقف لا يرضى عنه أحد الأطراف بالعلاقة؛ في ظاهره قد يبدو انتصاراً لطرف على حساب الآخر لكن باطنه حالة مروعة من الغضب والسخط يفسرها الطرف الثاني بأنها قبول لأمر غير مقبول؛ وبدلاً من التصريح بذلك يلتزم الصمت كنوع من العقاب على خذلانه أو سوء اختياره ويقرر من داخله أنه قد حان وقت المغادرة ووضع حد بينه وبين شريكه ليجعله لا يشاركه أفكاره مرة أخرى.
عدم الشعور بالأمان والإهانات المتكررة والنقد المستمر والشك والغيرة وتجنب المودة كلها أمور السكوت عنها أمر في غاية الخطورة على الطرفين؛ فالنساء عادة ما يعتقدن بأن الرجل مطلوب منه الاهتمام والتقدير والإحتواء وتقديم الدعم دون الحاجة لأن يقدم له نفس المقدار من تلك الأشياء بوصفه الطرف الأقوى في العلاقة والأجدر على حمل المسؤولية؛ وهذه من المفاهيم الخاطئة تمامًا فالرجل يحتاج للدعم والاحتواء أكثر من المرأة على عكس المفهوم السائد؛ فيقرر الصمت عن تلك الأمور والتي من وجهة نظره لا تطلب؛ لينتج عنها تراكمات تعزل الطرفين عن بعضهم البعض روحياً وفكرياً ونفسياً؛ ليس شرطاً أن يكون جسدياً فإعطاء الأولولية لا يقتصر على التغذية الجسدية بين الرجل والمرأة فحسب؛ فهي مجرد أمر مكمل لعلاقة الشريكين فقط؛ لكن الأولوية تكمن في الحماية العاطفية وعدم المساس بها حتى لا يضطر أي طرف منهم للذهاب بعيداً بحثاً عن طرف آخر يحتويه؛ أعباء الصمت تضع ثقلاً وفروضا غير مرغوب فيها لاستمرار العلاقة تحولها لعلاقة فاترة تشبه في أعبائها من يحاول أن يمشي على قشر البيض دون أن يكسره؛ فينكسر الاحترام والود والوضوح ويقرر كل طرف الصمت لتتصاعد الأزمة وتصل لطريق مسدود يجعل كل طرف في معزل عن الآخر ويرحل وهو غارق في تخيلات مع آخرين دون محاولة للإلتفاف لشريكه أو حتى بذل أي جهد لإنجاح العلاقة وإعادتها لمسارها الطبيعي من جديد.
Nevenabbas88@gmail.com
NevenAbbass@