إعداد – عبدالله صقر
نشرت صحيفة” البلاد” في 24 من يوليو عام 1972م، في صدر صفحتها الأولى موضوعًا، عن إرساء القواعد الأساسية لمشروع صوامع الغلال، وعن ترؤس وزير التجارة لأول اجتماع لمجلس إدارتها؛ حيث تم إنشاء المؤسسة تحت مسمى” المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق” لتتولى إنشاء وتشغيل صوامع الغلال ومطاحن الدقيق ومصانع الأعلاف، وشراء واستيراد الغلال وإيجاد مخزون مناسب منه؛ لمواجهة الظروف الطارئة.
وبعد 30 عامًا، وفي إطار جهود الدولة لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار، جاءت المؤسسة ضمن قائمة المرافق والخدمات المستهدفة بالتخصيص في نهاية العام 2002. وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، يحفظه الله، أدركت المملكة أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به صوامع الغلال في تحقيق وفرة الغذاء للمملكة، وتأمين احتياجات المملكة من القمح والشعير، وتوفير احتياجات المواطنين من سلعة الدقيق، وتحقيق الأمن الغذائي للبلاد، وضمان استفادة مستدامة من الموارد المائية وحماية البيئة من الأخطار الطبيعية. وذلك لتحقيق أهداف برنامج التحول الوطني، واعتمدت خطة المملكة في ضمان استدامة الموارد الحيوية على إشراك القطاع الخاص من خلال الفصل بين الصوامع المستخدمة في تخزين القمح، التي تكون تحت إدارة الدولة والمطــــــاحن المنتجة للدقيق ومصانع الأعلاف، التي يتم بيعها للقطاع الخاص؛ حيث تمثّل شركات مطاحن الدقيق فرصة جاذبة للاستثمار في أحد أكبر أسواق الدقيق بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تتمتع بمعدلات نمو عالية ومغرية للقطاع الخاص لتطوير إنتاجية القطاع والارتقاء بجودة منتجاته، والتوسع في تدشين وتوسعة المزيد من الصوامع والمطاحن، ووضع استراتيجية للأمن الغذائي في المملكة لتطوير برنامج إدارة الخزن الاستراتيجي للأغذية.. وتشجيعًا للقطاع الخاص على الاستثمار، والمشاركة في تحقيق هذا الهدف؛ من خلال خطة شاملة لإعادة هيكلة هذه المؤسسة والنهوض بدورها في منظومة الأمن الغذائي، صدر قرار مجلس الوزراء في 10/11/2015 بالموافقة على برنامج التخصيص لقطاع المطاحن بالمؤسسة بعد تقسيمه إلى أربع شركات مستقلة، وتعديل اسم المؤسسة ليصبح المؤسسة العامة للحبوب،
وفي 1 مايو 2018م أقر مجلس الوزراء استراتيجية الأمن الغذائي في المملكة، والمتضمن 11 برنامجاً تنفيذياً، وأكثر من مائة مبادرة من ضمنها برنامج الحد من الفقد والهدر الغذائي، وبرنامج الاستثمار الزراعي في الخارج، وبرنامج تنفيذي للتغذية ونظام للإنذار المبكر وإدارة حالة الطوارئ، وبرنامج تنفيذي للمخزون الاستراتيجي من الغذاء، كما صدر في سبتمبر عام 2019 م قرار مجلس الوزراء بالموافقة على الخطة الشاملة لإعادة هيكلة المؤسسة، واستراتيجية المؤسسة التي تغطي قطاع الحبوب ومتطلبات الأمن الغذائي بصورة عامة وتتوافق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 والبرامج الاستراتيجية الداعمة لها، كما تم التوسع في تدشين عــــددٍ من المشروعـــــات والتوسعات، بلغت تكلفتها أكثر من 3 مليارات ريال، والتي كــــان أولهـــــا في منتصف العـــــام 2015، حيث تم افتتاح فرع متكامل في محافظة الجموم بمنطقة مكة المكرمة يضم صوامع لتخزين القمح بسعة إجمالية قدرها 250 ألف طن من القمح ومطحنتين لإنتاج الدقيق بطاقة إنتاجية قدرها 600 طن في اليوم لكل مطحنة،
وفي العام 2016م تم تدشين مطحنة بمحافظة الخرج بطاقة إنتاجية قدرها 600 طن في اليوم وبعدها بشهرين تم افتتاح فرعٍ متكاملٍ في منطقة جازان يضم صوامع لتخزين القمح بسعة إجمالية قدرها 120 ألف طن متري ومطحنة لإنتاج الدقيق بطاقة 600 طن قمح في اليوم ، كما دشنت المؤسســـة توسعة لصــــوامع تخزين القمـح في ميناء جدة الإسلامي بسعة 140 ألف طن متري، ودشن خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – خلال زيارته للمنطقة الشرقية توسعة لصوامع تخزين القمح بفرع المؤسسة بالدمام بسعة 140 ألف طن متري، وفرع متكامل بمحافظة الأحساء، يضم صوامع لتخزين القمح بسعة 60 ألف طن متري ومطاحن لإنتاج الدقيق بطاقة 600 طن قمح / يوم، إضافة إلى افتتاح توسعة صوامع فرع خميس مشيط في العام 2017ـ بسعة 80 ألف طن قمح، كما دشن – حفظه الله – خلال زيارته المباركة الى المدينة المنورة مشروع إنشاء المطحنة الثانية بالمدينة المنورة بطاقة 600 طن قمح / يوم ، إضافة إلى افتتاح مشروع مصنع الاعلاف بحائل بطاقة إنتاجية 300 طن يوميًا، كما صدرت الموافقة الكريمة على توقيع عقد إنشاء صوامع تخزينية مع المرافق والخدمات بميناء ينبع التجاري بطاقة تخزينية تبلغ 120 ألف طن.
وفي 23 يوليو 2020م، وقعت الهيئة العامة للموانئ “موانئ” والشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني “سالك” المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة اتفاقية تأجير بمساحة (313 ألف م²) في ميناء ينبع التجاري، وذلك لغرض إنشاء أول وأكبر محطة إقليمية لاستيراد ومعالجة وتصدير الحبوب في المملكة على مرحلتين، بطاقة إجمالية تبلغ (5) ملايين طن سنويًا.
وأسهمت كل هذه الإنجازات في أن تكون المملكة من أكبر الدول امتلاكاً للمخزون الغذائي في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى تقدم المملكة في مؤشر الأمن الغذائي العالمي الذي يصدر سنويًا عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية (EIU) ويقيس الأمن الغذائي لمئة وثلاث عشرة دولة، من حيث: القدرة على تحمل التكاليف، والتأكد من وفرتها، والجودة والسلامة، والموارد الطبيعية والمرونة.
وقد حققت المملكة المركز الثلاثين في المؤشر لعام 2019م، متقدمة مركزين عن العام الذي سبقه، كما جاءت المملكة في المركز الرابع من بين الدول الخليجية والعربية.
واليوم، وبعد ما يقارب 49 عامًا من إنشائها؛ حيث بدأت المؤسسة عملها بفرع واحد وبطاقة إنتاجية لا تتجاوز 135 ألف طن سنويًا، يرتفع إجمالي الطاقة التخزينية المتاحة في المملكة من الحبوب إلى ما يقارب 3.5 مليون طن( ثلاثة ملايين وخمسمائة ألف طن) وذلك من خلال 26 صومعة منتشرة بفروع المؤسسة العامة للحبوب، وصوامع الشركات الأربع.