الدولية

أنقرة وطهران.. أطماع مشتركة في الأراضي العربية

البلاد – رضا سلامة

تتلاقى الأجندة الإيرانية – التركية عند التمدد والأطماع في الأراضي العربية، وفي سبيل ذلك يرتكب الطرفان كل صنوف الانتهاكات داخل عدد من الدول، من بينها سوريا التي تعد نموذجًا يكشف عن سياسات الدولتين الخبيثة، إذ كشفت تقارير حديثة عن القمع التركي والتجنيد الإيراني للسوريين لاستخدامهم في تنفيذ أجندتهم بالمنطقة.
واتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، أمس (الأربعاء)، تركيا وفصائل سورية موالية لها باعتقال 63 مواطنًا من شمال شرق سوريا ونقلهم بطريقة غير شرعية إلى أراضيها لمحاكمتهم “تعسفياً” بتهم قد تصل عقوبتها إلى السجن مدى الحياة. وكشفت المنظمة عن وثائق، بينها سجلات النقل والاستجواب ولوائح الاتهام وتقارير طبية، تفيد بأن السلطات التركية وفصيل مسلح سوري تابع لها، اعتقلا السوريين بين أكتوبر وديسمبر 2019 في رأس العين في شمال شرق سوريا، مبينة أن المعتقلين، وهم (أكراد وعرب)، نقلوا إلى الاحتجاز في تركيا، حيث وجهت إليهم السلطات تهمًا بموجب قانون العقوبات التركي، رغم أن الجرائم المزعومة ارتُكبت في سوريا.

وتظهر الملفات التركية الرسمية وفق المنظمة، أن التهم شملت مزاعم بتقويض وحدة الدولة والانتساب إلى منظمة إرهابية، وتستند بشكل أساسي إلى ادعاءات غير مثبتة بأنّ المحتجزين لديهم علاقات مع وحدات حماية الشعب الكردية. وقال نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة، مايكل بَيْج، إنه يُفترض بالسلطات التركية باعتبارها سلطة احتلال أن تحترم حقوق الشعب بموجب قانون الاحتلال في شمال شرق سوريا، بما في ذلك حظر الاحتجاز التعسفي ونقل الناس إلى أراضيها. وحكمت محكمة الجنايات العليا في شانلي أورفة التركية في أكتوبر 2020، على خمسة من الموقوفين بالسجن مدى الحياة، ونقلت هيومن رايتس ووتش عن والد أحدهم قوله: حُكم على ابني بالسجن لمدّة 36 عامًا. وعلى الجانب الآخر، تستمر إيران بتجنيد السوريين لصالح الميليشيات الموالية لها، وعلى رأسها “حزب الله” اللبناني، سعيًا لترسيخ وجودها ضمن الأراضي السورية، حسب ما أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أكد انضمام حوالي 18 ألف شخص مؤخرًا لهذه الميليشيات.

ويواصل قادة القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها عمليات التجنيد لا سيما في الجنوب السوري ومنطقة غرب الفرات، وذلك بسلاح الإغراء المالي واللعب على الوتر الطائفي، وتتم هذه العمليات في مدينة الميادين وباديتها وضواحيها ومنطقة البوكمال وغيرها بريف دير الزور غرب نهر الفرات. ويتم التجنيد ضمن ما يعرف بـ”سرايا العرين” التابع لـ”اللواء 313″ الواقع شمال درعا، بالإضافة لمراكز في منطقة اللجاة ومناطق أخرى بريف درعا، وخان أرنبة ومدينة البعث بريف القنيطرة على مقربة من الحدود مع الجولان المحتل. ووفقاً لإحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن تعداد المجندين في صفوف الإيرانيين والميليشيات الموالية لها في الجنوب السوري ارتفع إلى أكثر من 9600 شخص، كما ارتفع إلى نحو 8350 عدد الشبان السوريين ممن جرى تجنيدهم مؤخراً ضمن منطقة غرب نهر الفرات في ريف دير الزور.

إلى ذلك، دعا 40 عضوًا في التجمع البرلماني للمجلس الأوروبي، إلى مراجعة سياسة دولهم تجاه إيران واتخاذ تدابير وسياسات فعالة لوقف انتهاكات النظام الإيراني في الداخل والإرهاب الذي يمارسه في الخارج. وأعرب هؤلاء البرلمانيون (من 21 دولة أوروبية) في رسالة، إلى رئيس التجمع البرلماني للمجلس الأوروبي (PACE) ريك دايمس، عن “مخاوفهم البالغة بشأن حالة حقوق الإنسان في إيران”، وأضافوا “على مدى أربعة عقود، ظل النظام الإيراني يضطهد شعبه بوحشية ويمارس العنصرية في تجريد المواطنين من حقوقهم الفردية والاجتماعية، حيث كانت النساء والشباب والأقليات هم الأكثر تعرضاً للقمع الحكومي الممنهج”، مشيرين إلى أن “السياسة الداخلية المرتكزة على القمع وتصدير الإرهاب والتطرف إلى الخارج كانت أساس استراتيجية بقاء النظام الإيراني على مدى عقود، مستغلا بذلك سفاراته في أوروبا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *