جدة ــ ياسر بن يوسف
بينما يغط الجميع في النوم، يبقى محمد 54 عاما مستيقظًا داخل بيته أو خارجه، مع زملائه وأصحابه، أو أمام القنوات الفضائية والإنترنت، وحين تسكن الحركة ليلاً استعدادًا للسعي إلى العمل في النهار، يقلب هو ميزان الكون، فيسهر حين ينام الناس، وينام حين يستيقظون. هذه حال الكثير من الأشخاص ينامون نهاراً ويسهرون ليلاً، غير أن مثل هذه السلوكيات تضعف مناعة الجسم بـ” إمتياز ” وتصيبه بشتى الأمراض خصوصا فيروس كورنا الذي يجتاح العالم حاليا حيث تشير دراسة طبية بريطانية إلى أن الأشخاص الذين لا ينامون بالقدر الكافي تزيد لديهم احتمالات الوفاة بسبب أمراض القلب بأكثر من ضعفين، فضلا عن غزو الفيروسات للجسم بسبب ضعف المناعة .
( البلاد) التقت بعدد من الاطباء والمختصين والذين شددوا على ضرورة اعطاء الجسد كفايته من النوم والراحة وتجنب السهر ، إذ أن عدم حصول الجسم على عدد ساعات النوم المطلوبة له انعكاسات سلبية. وقالوا، إنه في ظل جائحة كورونا تغيرت الكثير من السلوكيات الاجتماعية قد تكون منها عادات النوم ، لافتين إلى أن السهر من مؤشرات ضعف مناعة الجسم وبالتالي الإصابة بكورونا . في البداية يقول مدير مركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة البروفيسور سراج عمر ولي إن كل فرد منا لديه جدولة داخلية مخزنة داخل جسده (أي ما يعرف بساعته البيولوجية)، والتي تساعده في النوم ليلًا والاستيقاظ نهارًا.
وقال: في بعض الأحيان قد يتعرض الشخص لمواقف تجعله يتعدى هذه الجدولة الخاصة به والتي قد تبقيه مستيقظًا في أوقات النوم والعكس صحيح -مثلاً- خلال أيام المناسبات، مما ينتج عنه تغيراً في الساعة الحيوية للجسم، والتي تعطي الجسم القدرة على التحول من النوم في ساعات معينة (عادة الليل) إلى الاستيقاظ والنشاط في ساعات أخرى (عادة النهار) فيصبح نهارهم ليلا ًوليلهم نهارًا. وأشار إلى أن سرعة التأقلم مع الوضع الجديد تختلف من شخص إلى آخر، ففي حين أن بعضهم لا يجد أي صعوبة في التغيير السريع في نظام نومه، نجد أن آخرين يعانون من هذا التغير لفترات متفاوتة قد تصل إلى أسبوعين أو أكثر، إذ أنه معروف عند المختصين في اضطرابات النوم أن تقديم مواقيت النوم والاستيقاظ يكون صعبًا جدًا مما يصعب من سرعة التأقلم، بعكس تأخير النوم والاستيقاظ الذين يكون التأقلم معهما أسرع، وقد يعاني أولئك من بعض الأعراض خلال الأيام الأولى مثل قلة النشاط خلال النهار وزيادة النعاس ونقص التركيز، آلام في الجسم، الصداع، تعكر المزاج، نقص في الشهية، آلام في المعدة وحموضة وارتجاع، واضطراب الجهاز الهضمي مما ينعكس سلبا على منتوجهم وحالتهم النفسية.
ويقدم البروفيسور ولي بعض النصائح التي يجب اتباعها لتفادي أو تدارك هذه المشكلة ليعاود الجسم نشاطه كما اعتاد باقي أيام السنة وليتبع بذلك فطرة الله التي فطر الناس عليها وهي تتمثل في مقاومة إغراءات الأنشطة الاجتماعية في أوقات متأخرة من الليل. تغيير ثقافة ارتباط الترفيه الاجتماعي بالتدخين والإفراط في السهر وتناول الكافيين- تجنب إثارة الذهن قبل النوم بساعتين على الأقل بتحجيم التعلّق بوسائل التواصل الاجتماعي، وتقليل الضوضاء وشدة الأضواء.- تناول الأطعمة المحفزة على الاسترخاء والنوم كالموز والحليب والكرز والشوفان والمكسرات والأجبان، مع عدم الإفراط في تناول الطعام مساءً.
ويقول اخصائي نفسي الدكتور طلال محمد الناشري: تتساوى أهمية النوم بالتغذية والتمرين، فهو الوقت الذي يعيد فيه الجسم حزم الناقلات العصبية والمواد الكيميائية التي تخول خلايا الدماغ على التواصل ، كما أن النوم يساعد على تجديد الطاقة والحيوية في الجسم ، والمساهمة في بناء الذاكرة وتخزين المعلومات ، وتقوية جهاز المناعة ، كما يساعد الطفل في اتخاذ القرارات وعدم البلبلة ، ويساعد أيضاً في عملية التمثيل الغذائي في الجسم، ففي ساعات النوم العميق يتم إفراز هورمون النمو والذي يكون في أعلى درجاته، وذلك يساهم إيجابيا في جميع مجالات التطور عند الأطفال.
من جانبها أكدت أخصائية العلاج الطبيعي مها علي سويد، على أهمية النوم ، مبينة أنه في الوقت الحالي وبسبب جائحة كورونا نجد أن كثيراً من الأشخاص لا يستطيعون تنظيم نومهم، فمنهم من لديه اضطرابات في نومه ومنهم من يطيل في ساعات النوم ومنهم من يكتفي بساعات قليلة، لذلك يجب عمل جدول لتنظيم ساعات اليوم بتخصيص وقت ساعات للنوم لا تقل عن 5 ساعات ولا تزيد على 8، بجانب تخصيص وقت الوجبات الصحية وما بينها من سناك كالفواكه والخضار أو الألبان لزيادة مناعة الجسم وتقليل السكريات. ودعت الأخصائية سويد إلى تخصيص وقت لممارسة الرياضة لمدة 45 دقيقة كتمارين الكارديو والاستطالات لتجنب ضعف العضلات وتشنجاتها ولزيادة مرونة المفاصل، إضافة إلى تخصيص وقت للمشي لمن لديه إمكانية في داخل منزله أو داخل الحي بأخذ كامل الاحتياطات الاحترازية لمدة 45 دقيقة تقريباً حتى يستطيع الفرد التنفس بعيداً عن العزلة ولتغيير الروتين إذ إن ذلك يشكل عاملا مهما جداً لتعزيز الصحة النفسية، والسباحة لمن لديه الإمكانية وعمل التمارين المائية مما يساعد على تنشيط جميع عضلات الجسم.