متابعات

سهى الوعل لـ«البلاد »: الدراما العربية تسير للخلف

جدة – صالح سالم

ما أن ينتهي شهر رمضان من كل عام حتى يتجدد الجدل المعتاد حول محتوى المنتوج الدرامي الذي تقدمه العديد من القنوات المحلية والفضائية على المشاهد العربي، فنجد على صفحات الصحف وبمواقع التواصل الاجتماعي وفي الجلسات العائلية٬ أنه بات سؤال الجودة والاحترافية محل نقاش محتدم يطرح إشكالية جمهور يبحث عن صورة تشبهه في الشاشة التي يساهم في تمويلها٬ وتشبع نهمه لمشاهدة أعمال تتحقق فيها تلك المعادلة الناجحة بين الأثر الترفيهي والمنفعة والترقية الفنية متسائلين من يقف خلف منتوج تلفزيوني هزيل كل عام يتم انتقاده ربما من حلقاته الاولى هل هم كتًّاب الدراما التلفزيونية أم كتّاب الرأي وعواميد الصحف الذي خيل لنا أحياناً أن واحداً بين كل عشرة منهم يجيدون الكتابة فكّراً.

“البلاد” استضافت الإعلامية والناقدة الفنية سهى الوعل للحديث عن أشهر اعمال رمضان من منظور فني، كتابة ومحتوى خاصة في ظل أزمة كورونا التي قضى معظم الناس أوقاتهم خلال فتره منع التجول في المنزل أمام شاشات التلفزيون مما يعكس ذلك على النسبة العالية من المشاهدين الذين يقيمون هذه الاعمال من خلال مشاهداتهم اليومية.

فقالت في البداية الدراما مهمة ليس فقط خلال أزمة كورونا بل في كل وقت، المفترض أن تقدم التسلية لكن بقدر كبير من المسؤولية، فالتلفزيون يدخل كل بيت ويسلي كل الأسرة وشاشة التلفزيون ليست كشاشة السينما تذهب أنت لها وتستطيع اختيار ما تشاهده حسب فئتك العمرية، وبينت الوعل أن الدراما يجب أن تقدم قيمة حتى وإن كانت للتسلية، في الماضي كنا نستمتع كثيراً بمشاهدة (ليالي الحلمية) و (المال والبنون) و (هوانم جاردن سيتي) لكن كانت هذه الأعمال تغذي اللاوعي فينا بطريقة غير مباشرة بقيم جميلة نفقدها في دراما اليوم، حتى في السعودية والخليج، عندما كنا نشاهد (الشاطر حسن) و (خرج ولم يعد) و (يوميات بو عليوي) كانت الأسرة بكافة أفرادها تجتمع على عمل ممتع ولكن تخرج منه أيضاً بقيمة .. اليوم ربما بسبب انتقال كتاب السينما للدراما، وانتقال كتاب الرأي وعواميد الصحف للكتابة الدرامية فقدنا الروائيين الحقيقيين وفقدت الدراما ثراءها بغيابهم.

وقت العرض
وفيما يتعلق بأهمية وقت عرض الاعمال التلفزيونية الرمضانية قالت:
وقت عرض العمل مهم جداً وما يسبقه من إعلان أهم، على سبيل المثال مسلسل (مخرج 7) حظي بأهم توقيت فشاهدته شريحة عريضة رغم انتقاداتهم اللاذعة للعمل، مع ذلك تقرأ انتقاداتهم وتراهم يكتبون عنه كل يوم، حلقة بحلقة، التوقيت الجيد فرضه عليهم كمشاهدين ولا مفر من متابعته حتى مع هذا القدر من التحامل على العمل، في المقابل لديك على مستوى الوطن العربي مسلسل كـ (فرصة تانية) الذي حظي أيضاً بتوقيت عرض جيد جداً وحملة إعلانية مكثفة، ما فرض العمل على قوائم مشاهدة الناس في البيوت رغم انتقاداتهم الكثيرة له، ورغم هذا الضعف لكن حظي بنسبة متابعة لا بأس بها، بينما عمل جميل كـ (محمد علي رود) في الخليج أو (ليالينا 80) في الوطن العربي حظيت بمشاهدة أقل والسبب توقيت العرض والحملة الدعائية غير المكثفة للعمل .. مع أنهما لو كانا حظيا بنفس القدر من الاهتمام في التسويق وموعد العرض لكانا تغلبا على الأعمال المذكورة سابقاً من ناحية نسب المشاهدة.

جودة البرامج والمسلسلات
وعن البرامج والمسلسلات الرمضانية قالت:
برنامج الاعلامي عبدالله المديفر (الليوان) فهو في مقدمة البرامج، أبارك له هذا النجاح عاماً تلو الآخر، أما من ناحية المسلسلات فلا يمكن وصف أي عمل خليجي بالجيد مقارنةً مثلاً بمسلسل (الاختيار) أو (الفتوة) أو (100 وش) والتي تفوقت من كافة النواحي ولا يمكن القول عنها سوى أعمال ذات جودة عالية.

إرهاصات متكررة
وحول الأخطاء التي صاحبت بعض مسلسلات رمضان قالت :
المشاهد العربي أصبح يريد من صُناع المحتوى الدرامي، أن يحترموا شخصيته وثقافته، فهو يريد أن يجد معالجة لكثير من الإرهاصات والمشاكل التي يجدها في الواقع. ومن وجهة نظره، فإن بعض المسلسلات لهذا العام شابها بعض الأخطاء في الكثير من المَشاهد، حيث طفت على السطح مشكلة دخول رمضان واستمرار تصوير بعض الأعمال مما تسبب في طبخ هذه الأعمال سريعا، كورونا لم تكن سبباً لأن هذه المشكلة تحدث من سنوات ولم يتعظ منها أحد، أيضاً ضعف السيناريو والحبكة والمونتاج والأفكار خاصة في الأعمال الخليجية، بشكل عام كانت المنافسة عربياً جيدة ومتفوقة وتجاوزت المنافسة في الخليج بمراحل كثيرة.
مسلسل (أم هارون) ضعيف جداً، فقير من كافة النواحي، السيناريو والحوار أضعف مافي العمل رغم قوة الفكرة والتي كان من الممكن أن يخرج منها عمل جداً مهم فخرج عمل (هش)، الصورة تأتي ثانياً حيث كانت فقيرة لا تشبه بيئة الخليج في الأربعينات ولا يوجد بها سوى أبطال العمل وكأنهم يعيشون وحدهم في عالم موازٍ ولا يوجد غيرهم، والإخراج طبعاً يأتي ثالثاً لأنه زاد العمل ضعفاً بسبب رؤية المخرج الضعيفة للأسف وقد يكون السبب جهله بحقيقة البيئة الخليجية في الماضي وطبيعة الحياة فيها، ولو أنني وحتى اللحظة لا أفهم كيف تجاوزت حياة الفهد عن القصة الضعيفة وقبلت أن يكون العمل مجرد سكتشات حب وعلاقات متداخلة وصراعات تمثيل بارد.

مسلسل (البرنس) تسبب في حالة لا يمكن التغاضي عنها، رغم أن القصة غير مبررة درامياً ومعظم الأحداث مبالغ بها ولا يوجد أي تذاكٍ في العمل بل كل شيء مقدم بشكل مباشر، الشر والخير والخطيئة.. لكن بالطبع لا يمكن إنكار نجاح العمل على المستوى الجماهيري.
الصادم بشأن (البرنس) هو تقبل المشاهد له بهذا الحماس ، وليس المشاهد البسيط فقط، بل كبار المثقفين والصحفيين الذين كانوا يتغزلون بالعمل ويصفونه بالقوي والمحبوك يومياً على صفحاتهم رغم بعض الأفكار التي تم دسها في المسلسل غير المفهوم كيف أصبح من الطبيعي أن تدخل البيوت عبر المسلسلات بهذه السهولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *