يعدّ غياب الضوء المرئي ظلامًا ،وليس بمقدور البشر تمييز الألوان بشكل واضح في حال ازدياد الضوء ووصوله إلى أعلى مستوياته كما هو الحال في انخفاضه إلى أدنى مستوياته ووصوله إلى العُتمة، و التي لايمكن تحديد درجة أي لون في المحيط الخارجي مع القدرة على لمس المادة .
و لكن ماذا لو أنً هذه الألوان تساوت في الحيط الداخلي للشخص؟ محيطه الخاص به بينه و بين ذاته و أصبح في سطوح دائم أو في ظلام دامس؟
في الحقيقة أن كل فرد منا لديه بوصلة خاصة بها و ميزان للتوازن الذاتي ،فحينما يعتقد الفرد اعتقادات يتحيز بها لذاته ،فإنه يصبح أقرب للغرور و الأنانية و على النقيض حينما يظل محبطًا لفترة طويلة، فإنه يصبح أقرب لظلام المشكلات النفسية.
وقد يتهرّب الأفراد من مواجهة الظلام الذي يسكن داخل عقولهم و تفكيرهم ، بمحاربة الآخرين و بالتقليل من شأنهم وتسفيه أحلامهم و تكسير مجدافيهم بسبب عدم قدرتهم على معالجة المشكلات الخاصة بهم ، ومن خلال عدم قدرتهم ،فإنهم يحققون انتصاراً وهميًا لذواتهم حينما يحطمون الآخرين، و بلا أدنى شك فإن انتصارهم ماهو إلا هزيمة مؤجلة تنتظرهم في طريقهم.
كما ان التركيز على الآخرين، لن يمنحهم سوى سدوداً كبيرة بينهم و بين عملية تفكيرهم الصحي ، سدودًا تهدمهم و لا تبني أي علاقة صحية مع ذواتهم و مع الآخرين كما أنهم يتمادون بإظهار الإزدراء على الآخرين و التعامل بعنف معهم ،لأنهم في ظنهم أنهم سيصبحون الأفضل بهذه الطريقة، والتي لا تجني لهم سوى انعدام الثقة بالنفس، والضرر الجسيم لذواتهم.
إن مواجهة بقع الظلام للفرد تتم وفق تقنيات عديدة و هذه التقنيات تعتمد على الممارسة المستمرة وأهمها مواجهة التحدّيات الذاتيه و معرفة مناطق الضعف و تنميتها و تطويرها من خلال البحث و التعلم و تطبيق العلم، كما أن إداراك عدم وجود أفراد مثاليين بشكل كامل ، بل إن الجميع يبحثون لمرحلة الوصول إلى المثالية و ليس هناك أجمل من فرد تجاوز عقباته ذاته و برز وسطع في مجتمعه.
fatimah_nahar@