اجتماعية مقالات الكتاب

عیسی سند

زارني ذات عام ، صديق ضالعي ومعه صديقه الذي قاوم المدّ الاشتراكي خلال حكم اليمن الديمقراطية.
أنا لا أذكر اسمه لكني أذكر أنه قال للجنود: دعوني في قريتي لا تتدخلوا في شؤون قريتي ولن أتدخل في شؤون القرى الأخرى. فقبلوا هذه المعادلة منه. أذكر أني قلت له: عليك بالخطوة التالية وهي مكافحة القات. فضحك صديقي وقال: هذا الرجل داعية لكن مصدر رزقه هو من مزرعته التي يزرع فيها القات.

ولما زارت مجلة العربي صنعاء قبل ستين سنة ،كان عنوان استطلاعها هو: القات الحاكم الأول في اليمن. وكانت ربطة القات في الماضي بقيمة حزمة الملوخية أو أكثر قليلا. لكن ربطة القات تدريجيا أخذت ترتفع من شلنين إلى عشرة شلنات إلى أن وصلت في أيامنا هذه إلى ألفي ريال يمني فصاعداً ، وباءت كل محاولات مكافحة القات بالفشل الذريع لا سيما وأن معظم علماء الدين في اليمن كانوا يخزِّنون يومياً إلا
من رحم الله.

والحمد لله أن حزمة الملوخية لم ترتفع إلا بأقل من عشر معشار ارتفاع ربطة القات. وفي البيوت المبتلاة بالتخزين ، تقوم الحرب بين العائلة ورب العائلة. فالأب يريد أن يحضر مجلس القات أو يكون المجلس عنده ، والزوجة والأطفال يريدون ملابس للعيد أو احتياجات معيشية ضرورية فتبدأ المساومة داخل
البيت ، وقد تنتهي المساومات بأبغض الحلال وهو الطلاق.

وزاد الطين بلة أن مزارع القات غزت مزارع المحاصيل الأخرى من البن والحبوب والموز والعنب والبرتقال، فضلاً عن الملوخية الشبيهة ببعض أنواع القات وغيرها من المنتوجات لأن سلعة القات رائجة جداً . وعليها إقبال شديد. وثالثة الأثافي غسل أغصان القات بالكيماويات لتسّريع نموه ممّا يزيد من نسبة السرطان لدى الموالعة (المدمنين).
وكثير من الناس هناك تحت خط الفقر. وكان بعض الموالعة (المدمنين) يتحايلون على تدبير ثمن القات بشراء أكثر من ربطة فيحتفظون لأنفسهم بواحدة ويبيعون الباقي بربح يساوي قيمة ما يستهلكونه.

وتأتي جمعيات خيرية لمعاونة البيوت الفقيرة فتطلب الزوجات منهم أن لا يدفعوا المعونات نقداً بل عينية من رز وزيت وسكر وحليب وما إلى ذلك من مقاضي البيت خشية أن يستولي الأب المولعي على النقد ليشتري به القات.

وقبل سنوات ظهر عيسى سند على ساحة التواصل الاجتماعي وهو مدرس من محافظة لحج مديرية الصبيحة وقد أخذ على عاتقه مكافحة آفة القات وبقوة. وموقعه يحكي عن المآسي الواقعة في اليمن بسبب القات كما يحكي عن قصص التائبين التي نجح أصحابها في الخروج من مستنقع إدمان القات،. وكيف أخذت حيواتهم في المنحنى السار البهيج للزوجات وأطفالهن الذين كانوا محرومين من طيبات الحياة بسبب التخزين.
أنا لست أعرفه معرفة شخصية ولكني أقول له جزاك الله خيراً على نشاطك الرائع.

aljifriM@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *