في عالم الأعمال اليوم الذي يتسم بوتيرة تغير متسارعة، تحول دور المديرين من مجرد مُشرفين على المهام ،إلى موجهين وممكنين يعملون على إرشاد موظيفهم لتحقيق إنجازات استثنائية. فهذا التحول نحو التدريب والتوجيه ليس اتجاهاً عابراً فقط، بل هو فلسفة جديدة تُعيد صياغة مفهوم الإدارة وتُعزّز دور الموظفين كشركاء فاعلين في رحلة النجاح لأي شركة.
أؤمن إيمانًا راسخًا بأن التوجيه (Coaching) يعدّ أسلوباً أكثر فاعلية من الإدارة التقليدية. لطالما آمنت بأهمية القيادة بالقدوة وتقديم المشورة والإرشاد للموظفين عند الحاجة. مؤخرًا، قرأت مقالًا رائعاً لبريان أوكونيل يتناول بدقة الفرق بين النهجين. وتُؤكّد دراسة حديثة أجرتها مؤسسة غالوب، شملت 1.2 مليون موظف في 22 مؤسسة حول العالم، على التأثير التحولي للتوجيه والإرشاد في مكان العمل. وتُشير الدراسة إلى أن المديرين الاستثنائيين يُعطون الأولوية لتفاعل الفرد والفريق، ويرون أنفسهم ليسوا شخصيات سلطوية بل أداة لتيسير وتعزيز نجاح الموظفين. ووفقًا لغالوب، فإن الغالبية العظمى من القادة والمديرين – سبعة من كل عشرة – يعتبرون الآن تطوير المواهب مسؤولية أساسية، ويتجهون بشكل متزايد إلى التدريب كطريقة مفضلة لتعزيز النمو الإيجابي للموظفين.
إذن، ما الذي يميز التوجيه والإرشاد عن الإدارة التقليدية في مكان العمل؟ يقدم شون ماكفيت، الرئيس التنفيذي لشركة MTD Training، إجابة واضحة تتمثل في أن الإدارة تركز على المهام والعمليات، بينما يركز التوجيه على التطوير والتغيير السلوكي. يدرك المرشدون الناجحون إمكانات موظفيهم ويوظفون تقنيات الاستجواب لتشجيع الاكتشاف الذاتي
وحل المشكلات.يؤكد هذا النهج، كما تسلط الضوء عليه مارغو ماكليمانز من Coaching Without Borders GmbH ، فعاليته بشكل خاص للموظفين ذوي الخبرة الذين يبدعون وينمون مهاراتهم عندما يتمتعون باستقلاليه ويجدون أنفسهم في مواجهة تحديات مختلفة.
علاوة على ذلك، يضع الموجهون الفعالون توقعات واضحة ويرحبون بالحلول المتنوعة، ممّا يعزِّز بيئة من الثقة والتعاون. إنهم يمنحون الأولوية للاستماع النشط، والسعي لفهم وجهات نظر ودوافع موظفيهم بعمق.
تؤكد أنيتا أنثونج، الرئيس التنفيذي لشركة Talaera، على الفارق بين التوجيه والتدريب التقليدي: فبينما ينقل التدريب المعرفة، يعزز التوجيه والإرشاد القدرة على التعلم، مع التركيز على التطوير بدلاً من التعليم. يُمكّن هذا النهج الدقيق الموظفين من استكشاف مسارات متعددة للنجاح، وغرس إحساس بالملكية والتحفيز.
يُعد تحدي التفكير التقليدي جانبًا رئيسيًا آخر للتوجيه والإشراف الفعال. تؤكد مارسيا رينولدز، مؤسسة Covisioning، على أهمية تعطيل المعتقدات المتأصلة ورعاية ثقافة التفكير النقدي. من خلال تشجيع الموظفين على التشكيك في الافتراضات واحتضان التغيير، يقوم المرشدون بتمكينهم من اتخاذ قرارات مستنيرة وتحقيق النتائج الفعالة. وخلاصة القول، يمثل التوجيه والإشراف نقلة نوعية في كيفية تنمية المؤسسات للمواهب وتعزيز مشاركة الموظفين. إنه يتجاوز الهياكل الهرمية التقليدية، ويضع التركيز على التمكين والتعاون والتعلم المستمر. وفي ظل تطور القوى العاملة العالمية، فإن تبني دور المدير كموجه ليس مجرد خيار استراتيجي – إنه أمر ضروري لإطلاق العنان لإمكانات الأفراد والفرق على حد سواء. من خلال الاستثمار في التوجيه والإرشاد، يمكن للمؤسسات زراعة ثقافة النمو والابتكار والتميز، مما يضمن استمرار نجاحها في عالم دائم التغير.
jebadr@