قضية

التقنيات الحديثة أبعدت الطلاب عن الأنشطة التفاعلية.. مختصون:إجازة المدارس ضائعة بين الأجهزة الإلكترونية

جدة – ياسر خليل

يرى مختصون أن 70% من أوقات الطلاب والطالبات خلال إجازة المدارس ضائعة وراء الأجهزة الإلكترونية، إذ إنهم لا يحسنون إدارة الوقت فيهدرونه في أشياء غير مفيدة.

وقالوا لـ”البلاد” تزامناً مع قرب إجازة المدارس وعيد الفطر، إن التقنيات الحديثة أبعدت طلبة المدارس عن الأنشطة التفاعلية كممارسة الرياضة والزيارات الخارجية ، إذ وجدوا مع العالم الافتراضي كل وسائل التواصل والترفيه.

بداية يقول أستاذ واستشاري غدد الصماء وسكري الأطفال بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة البروفيسور عبدالمعين عيد الأغا: الإجازات بشكل عام عند طلاب المدارس تجعلهم في حالة راحة وسكون، لكونهم يقضون أوقاتهم دون وجود أي مسؤوليات أو ارتباطات كالذهاب إلى المدرسة في اليوم التالي، وفي ظل وجود الأجهزة الإلكترونية وتعدد تطبيقات الألعاب فإن قضاء إجازة المدارس وغيرها من الإجازات أصبح من الأمور الممتعة عند الكثيرين، والواقع في هذا الأمر أن الترفيه مطلوب ولكن عندما يتجاوز عن حده فإنه يصبح غير مجديًا ويكون على حساب صحة الفرد والمسؤوليات الأخرى.

وقال البروفيسور الأغا، إن تنظيم الوقت مهم جدًا في حياة الفرد وتحديدًا طلبة المدارس وخصوصًا أيام الإجازات، فالواقع الذي نمر فيه الآن أن الأجهزة غيّرت الكثير من المنظومة الاجتماعية والأسرية داخل البيوت ، حتى معظم الأبناء معزولين عن العالم الخارجي لكونهم سخروا حياتهم وراء العالم الافتراضي.
ونصح الأغا جميع الطلاب والطالبات باستثمار الوقت وعدم تجاهل الأنشطة التفاعلية كالرياضة والرحلات والحرص على الغذاء الصحي وإعطاء الجسد كفايته من الراحة والنوم .


ويقول استشاري الأطفال الدكتور نصرالدين الشريف: جميع الطلاب والطالبات ينتظرون الإجازة المدرسية بفارغ الصبر، لكونها تمنحهم الكثير من الراحة والحرية في قضاء أوقات مفتوحة مع الأجهزة والألعاب، إذ إن هيمنة التقنيات والأجهزة الإلكترونية أدت في وقتنا الحاضر إلى تراجع جودة الحياة عند معظم الأطفال اليافعين والمراهقين، فمعظم الأسر بدأت تلمس الآن أن أبناءها يقضون ساعات طويلة جداً وراء هذه الأجهزة أكثر من أي وقت مضى سواء في الألعاب أو مشاهدة اليوتيوب، والتصفح، ومخاطبة الأصدقاء مع تجاهل كل الوسائل البديلة الأخرى التي تساعدهم في استثمار أوقاتهم بالشكل الصحيح.
وتابع: للأسف أن قضاء الطلاب والطالبات كل أوقاتهم وراء الأجهزة أدى إلى تراجع تفاعلهم مع الأسرة والمجتمع، وانخفاض مستويات الذكاء الاجتماعي، وازدياد حالات فرط الحركة، قلة التركيز، وانخفاض مستويات الدراسة والتحصيل العلمي، بجانب أمور متعلقة بالصحة مثل السمنة المفرطة، فقدان الشهية التام، التدخين، العنف الجسدي واللفظي، وكل هذه الأمور يجب مواجهتها لا تجاهلها.


وشدد الشريف على عدم السماح للأطفال باستعمال الأجهزة الإلكترونية في غرف النوم، مع أهمية زرع وغرس أهمية الوقت وكيفية إدارته بالشكل الصحيح في نفوسهم، فتنظيم الوقت يترتب عليها نجاح جميع الأمور الأخرى، وهذه مسؤولية الأسرة في المتابعة والتوجيه.


وفي السياق يؤكد المستشار الاجتماعي طلال محمد الناشري: من أهم أسباب زيادة جلوس طلاب المدارس ومنهم الأطفال بمختلف مراحلهم التعليمية أمام الأجهزة أيام الإجازات هو تعدد الأنشطة الإلكترونية وزيادة التطبيقات، وكثرة المحتوى التقني، وهو ما جعل معظم الأطفال واليافعين يقضون جل وقتهم مع هذه الأجهزة، ولا يجدون وقتًا أو يتجاهلون الأمور والأنشطة الاجتماعية الأخرى، ومن هنا تأتي أهمية تقنين ساعات استخدام الأجهزة الرقمية.


وأشار إلى أن تقنين استخدام الأطفال للأجهزة ينعكس إيجاباً على الأطفال في عدة أمور أهمها: الحد من القلق والتوتر والاكتئاب، إذ كشفت الأبحاث وجود علاقة إيجابية بين استخدام التكنولوجيا بشكل مكثف والقلق، تعزيز العلاقات الاجتماعية والأسرية، فقضاء كل الوقت وراء الأجهزة الذكية يشكل تهديدًا لبناء علاقات واقعية جيدة والحفاظ عليها، زيادة إنتاجية الفرد، فتجنب استخدام الأجهزة فترة من الزمن، يحفز الفرد على إنجاز مهماته بشكل أفضل، النوم الصحي، فمعروف أن هوس التكنولوجيا أصبح ملازمًا للفرد حتى في غرفة نومه، وهذا يسبب له الكثير من الأضرار النفسية والصحية والاجتماعية، فإعطاء الجسم كفايته من ساعات النوم والراحة ينعكس إيجابًا على الصحة، وتجنب معظم الأمراض ومنها السمنة، إذ أوضحت دراسة أن بعض الأطفال والأشخاص يكونون أكثر ميلًا لتناول الطعام أثناء التحديق في الوسائط الرقمية، وهو ما يمكن أن يمنعهم من تناول الطعام بوعي، ويعزز عادات الأكل غير الصحية مثل الإفراط في تناول الطعام ما يصيبهم بزيادة الوزن.

وخلص الناشري إلى القول: الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال حسمت الجدل الدائر حول مدة استخدام طلاب المدارس للأجهزة الذكية ومشاهدة التلفزيون والألعاب الإلكترونية، محددة أقصى مدة بالساعتين يوميًا مع التأكيد على دور الآباء في وضع حدود لأطفالهم حول استخدام الأجهزة الذكية، وضرورة مطالبتهم بالابتعاد عنها خلال أوقات تناول الطعام، ووضع الهواتف بعيدا عن غرف النوم، لتعزيز صحة الأطفال البدنية والعقلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *