اجتماعية مقالات الكتاب

هل التدفُّق الإخباري منافسة بين وكالات الأنباء؟

هذا السؤال يتبادر إلى ذهني منذ قيامي بزيارة محطة تلفزيون (BBC) بي بي سي ، وجريدة (التايمز) البريطانية،أنا وزملائي في دورة الإدارة والإنتاج والإخراج التلفزيوني في كلية طومسون بجلاسكو عام ١٩٧٦-١٩٧٧م.
سألت المرافق لنا في المحطة: لماذا لا تعرضون أخبار موسم الحج بشكل يتجاوز الدقيقتين من إجمالي النشرة الإخبارية التي تستمر لمدة ٣٠ دقيقة؟

أجاب: نحن مهتمون بنقل الحقيقة!
لم أفهم ماذا يقصد، ولكن كما يقال: “ليس بعد الكفر ذنب”، فهو كافر بالإسلام حتى لو كان مسيحيًا، والقاسم المشترك في تغطية أخبار الحج عندهم ،هو المال، فلا يهتمون بالخبر بقدر اهتمامهم بتلقي الأموال، ولكنهم يقدمونه بشكل مبسّط ومحدود، على الأقل هذا ما رأيته في المحطة. وبالمثل، صحيفة (التايمز) ليست محايدة، ولكن جريدة (الجارديان) محايدة وتنشر معلومات طيبة عن الحج ،وتساهم في تعزيز العلاقات بين بريطانيا والمملكة العربية السعودية.

في الواقع، تختلف الأخبار بين الدول المتقدمة والدول النامية، ففي الدول المتقدمة، يهتمون في الدرجة الأولى بأخبار العنف والجريمة والانتخابات السياسية، خاصة انتخابات الرئاسة، ومن الغرابة أن لا تُعرض ولا تنظر أخبار المخترعات العلمية بشكل وافٍ، في حين يتوسع الإهتمام بها في الدول النامية، ويعود ذلك إلى ما يسمى بالإشباع في الدول المتقدمة، الذي ينتج عنه التلوّث البيئي في النشاط الصناعي ، وظهور ظاهرة السحابة السوداء، على سبيل المثال، في ولاية كولورادو الأمريكية.

وهناك أيضًا إنتقادات للإعلام الغربي ،ومحاولته محاربة اللغة العربية الفصحى، فإذاعة ألمانيا وأمريكا قامتا بإعداد برامج إذاعية باللهجتين السودانية والتونسية، ولكنهما فشلتا في ذلك، فهاتان اللهجتان صعبتا الفهم، وبذلك انتصرت الفصحى خاصة في نشرة أخبار إذاعة لندن حيث كان المذيع العربي “منير شما”، مذيعا جيداً باللغة العربية فهو لم يفسد الفصحى ويذيع بالعامية المستهجنة. والمندوحة في استعمال اللهجة العامية كالكويتية والسعودية في المسلسلات والعروض المسرحية، فهذا الأسلوب يتماشى مع ذوق الجمهور ، ولكن مداومة الصحافة أن تنهج هذا المنهج.

واللغة العربية لايمكن هزيمتها ومحو فصاحتها ، فهي لغة أهل الجنة، ولغة كتاب حفظه الله للأبد ، بمعدل استباقي قدره ٣٠٠ كلمة يومياً. وبالطبع لاتتمتع اللغات الأخرى بخاصية الإشتقاق ،والمجال واسع للحديث عن ذلك، ولابدّ من الإشادة بقناة العربية لوصولها إلى الولايات المتحدة الأمريكي للعرض باللغة العربية كما سبق نشره.
وإذا كان التعليم باللغة الإنجليزية ، ضرورياً كالطب والصيدلة والهندسة، فهو ليس كذلك بالنسبة للتاريخ والجغرافيا والعلوم الدينية.

عموماً، للترجمة دور فعّال في القضاء على لغة الهجين كما يطلق عليها بعض الباحثين، وقد تم عرض نماذج منها في مقالة سابقة.
وما توفيقي إلا بالله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *