قضية

مسوؤلية مشتركة بين الأسرة والمدرسة.. مختصون لـ(البلاد) :تعزيز الثقة يقضي على التنمر

جدة – ياسر خليل

في وقت أطلق مجلس شؤون الأسرة، الحملة الإعلامية للتوعية بمخاطر التنمُّر، تحت شعار “مالك حق” بدعم من برنامج تنمية القدرات، أحد برامج رؤية السعودية 2030، وبمشاركة عدد من الجهات المعنية والشركاء، أكد مختصون لـ”البلاد” على أهمية مثل هذه الحملات، كون قضية التنمُّر تعتبر من الملفات المفتوحة التي تتكرر قضاياها بشكل عام في جميع المجتمعات.

وشددوا على ضرورة دور الأسرة أيضًا في توعية الأبناء في كيفية التعامل عند التعرض للتنمُّر، وعدم الاستسلام للمشكلة، وجعل باب الحوار مع الأبناء مفتوحًا دون كلل أو ملل، بمعنى الاستماع إلى قضاياهم والتعامل معها بجدية وواقعية.


بداية يقول المستشار الاجتماعي طلال محمد الناشري: التنمُّر هو سلوك عدواني متكرر يهدف للإضرار بشخص آخر بشكل متعمد، إن كان هذا العدوان جسدي أو نفسي، ويتميّز التنمُّر بتصرف فردي بطرق معينة من أجل اكتساب السلطة على حساب شخص آخر، ويمكن أن تتضمن التصرفات التي تعد تنمُّراً الإساءات اللفظية أو المكتوبة، أو الاستبعاد من النشاطات، أو من المناسبات الاجتماعية، أو الإساءة الجسدية، أو الإكراه، ويمكن أن يحدث التنمُّر في أي مكان يتفاعل فيه البشر مع بعضهم بعضا، ويشمل ذلك المدارس وأماكن العمل والمنازل والأحياء.

وعن أسباب التنمُّر، قال الناشري: لا أحد يولد متنمِّراً، ومع ذلك يمكن لأي شخص تطوير واكتساب سلوكيات التنمُّرفي ظل ظروف معينة، إذ تتضمن بعض الأسباب: تعرض معظم الأطفال الذين يمارسون التنمُّر للتنمُّر من قبل، الانضمام إلى مجموعة من المتنمِّرين سعيًا وراء الشعبية أو القبول من قِبَل الآخرين، أو لتجنب التعرض للتنمُّر، تطوير واكتساب السلوك العدواني والتنمُّر في المنزل أو في المدرسة أو من خلال وسائل الإعلام، الشعور بالتجاهل في المنزل، أو المعاناة من علاقة سلبية مع الوالدين، الشعور بالضعف والعجز، وذلك من خلال حماية الوالدين لهم بشكل مفرط، مما يجعلهم يبحثون عن طرق أخرى لاكتساب القوة وممارسة السيطرة على الآخرين، الغيرة والبحث عن الاهتمام، انعدام الأمن العاطفي والنفسي، وعدم الوعي بالأثر الضار الحقيقي للتنمر على الضحايا.


وحول طرق مواجهة التنمُّرعند الأبناء يختتم الناشري حديثه بقوله: إذا كان الطفل يتعرض للتنمُّر فإنه يحتاج إلى التوجيه والحب والدعم، فمن الضروري الاستماع إليه والتحدث معه، والتأكد من أن الطفل يعلم أنه ليس خطأه، وضرورة تشجيع الطفل على الاستمرار في مشاركة المشاكل مع الوالدين، وتجنب التعليقات السلبية مثل عليه أن يدافع عن نفسه أو يمكنه البقاء في المنزل، عدم تشجيعه على المقاومة، والاقتراح عليه بالابتعاد عن المتنمِّر لتجنبه وعدم إعطائه الأهمية، وإذا تعرض الطفل للتنمُّر في المدرسة، فيجب الحصول على مساعدة المعلم وإدارة المدرسة بأسرع ما يمكن.


من جانبها، قالت أخصائية التربية الخاصة والمهتمة بالشأن النفسي رباب أبو سيف: التنمُّر ظاهرة تجدها للأسف في معظم المجتمعات حيث تظهر سلوكيات التنمُّر لدى الاشخاص البالغين أكثر من الطلاب والمراهقين، ومن مسبباته: الأسرة حيث لها دور كبير في زيادة وانتشار التنمُّر، وذلك بسبب طريقة التعامل الخاطئة مع بعضهم البعض أو مع أبنائهم، واتباع أساليب غير صحيحية معهم مثل الضرب والتعنيف وإلقاء اللوم والخطأ على أطفالهم معظم الوقت، وقد تصل أحياناً للسخرية منهم أمام الأصدقاء والأقارب بهدف الضحك، وبالتالي يكتسب الطفل هذه السلوكيات ويعممها في البيئة المحيطة به، ونتيجة لذلك يعاني الشخص المتنمِّر من بعض المشكلات النفسية الداخلية، مثل عدم الثقة بالنفس، العدوانية، إرضاء النفس من خلال إيذاء الآخرين. كما أن من السببات الأخرى: البيئة المدرسية حيث هناك بعض المعلمين ليس لديهم أساليب صحيحة في كيفية التعامل مع الفروق الفردية بين الطلاب ، و دائماً يهتم بالطالب المتفوق والجرئ ، ويهمل و يتنمَّر على الطالب الضعيف أمام زملائه، وكذلك الألعاب الإلكترونية التي تحتوي على العنف والتشجيع على الضرب والسرقة والقتل أحياناً، مما تسبب في ضعف مهارات التواصل والتفاعل الصحيح مع الآخرين.

واختتمت رباب حديثها بقولها: يجب العمل على المتابعة والتواصل المستمر بين الأسرة والمدرسة، دعم وتعزيز ثقة الطالب بنفسه لمواجهة التنمُّر، تثقيف المجتمع من خلال عمل دورات توعوية للأهل والمعلمين والطلاب، توفير أنشطة للطلاب لتفريغ طاقتهم بطريقة صحيحة، وتفعيل دور الأخصائي النفسي في المدارس ودعمه بشكل مستمر لمواجهة هذه الظاهرة.
وكان مجلس شؤون الأسرة، قد أطلق الحملة الإعلامية للتوعية بمخاطر التنمُّر تحت شعار “مالك حق”، إذ تهدف الحملة التي تستمر فعالياتها حتى 14 فبراير الجاري، إلى رفع وعي المجتمع بمخاطرالتنمُّر وأهمية مواجهته، وتعزيز دور الأسرة في التصدّي له بشكل فعال، كما تستهدف برسائلها التوعوية الفئات الرئيسة وهي: أولياء الأمور، والأطفال، والتربويون، إضافة إلى أفراد المجتمع بشكل عام.


وأكدت الأمين العام لمجلس شؤون الأسرة الدكتورة ميمونة بنت خليل آل خليل: أنّ نشر الوعي بحقوق أفراد الأسرة وواجباتهم، والتوعية بأهمية القضايا الأسرية وسبل معالجتها؛ من أهمّ الأدوار المنوطة بالمجلس، في سبيل سعيه الحثيث لتمكين الأسرة وتعميق تماسكها، والحفاظ على هويتها وقيمها، وتحسين مستوى جودة الحياة لديها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *