لايؤدي الكذب على وسائل التواصل الإجتماعي إلى تعزيز القيمة الاجتماعية المتصوّرة لشخص ما عبر الإنترنت فحسب، بل أصبح من السهل القيام بذلك على نحو متزايد يوماً تلو الآخر، فلا تقتصر الأكاذيب على الإنترنت على الأكاذيب الشخصية فقط ، بل تطور الأمر لإعداد المؤامرات السياسية والمعلومات الطبية المضلِّلة والدعاية التسويقية الزائفة، ومع تزايد قوة وسائل التواصل الاجتماعي، إزداد المؤثرون ، وهؤلاء ليسوا مجرد مشاهير فقط، بل وصل الأمر ليشمل حتي الأشخاص العاديين الذين يقومون بمشاركة المحتوى ويقدمونه بشكل توصيات أو معلومات أو توجيهات يقومون منها ببناء عدد كبيرمن المتابعين، فالمؤثر هو الشخص الذي يمكنه التأثير على قرارات متابعيه بسبب علاقته بجمهوره ومعرفته أو إدعاء خبرته بمجال معين،
غالبًا ما يكون لدى المؤثر عدد كبير من المتابعين من الأشخاص الذين يهتمون كثيرًا برأيه لأنهم يرون أن لديه القدرة على إقناع الناس بأفكاره، ويمكن أن يتفق معظمنا على أن سنوات مراهقتنا كانت وقتًا سعينا فيه لمعرفة من نحن وإكتشاف ماهيتنا، وبكل تأكيد جميعنا مررنا بتقليد شخصيات أو الإستماع لأنواع مختلفة من الموسيقي أو التأثر بأصدقائنا في المدرسة، وكأننا نتبنى ببطء جانباً من هويّتهم، لكن مع تواجد منصات التواصل الإجتماعي، إختلف الأمر، وأصبح من السهل علي أي شخص التأثير علي مجموعة من البشر بشكل أسرع من الواقع ، لأن مواقع التواصل ،أتاحت لكل فرد الحق في أن يقتبس شخصية ما ، أو يطرح أفكار لا تمثله علي أرض الواقع ، للحصول علي عدد كبير من المتابعين والتأثير فيهم، لقد جعلت منصّات وسائل التواصل الاجتماعي البعض، يشعر بالدونية لدرجة أن بعضهم أصبح يشعر أنه بحاجة للحصول على موافقة الآخرين بشأن مظهره ، أو ماذا يأكل، أو كيف يرتدي ملابسه حتّي ولو لم تكن ملائمة لذوقه، أو أين يتوجه خارج المنزل ، وما هي سوي طريقة سامة لتعيش حياتك، كذلك لعبت عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا، دورًا كبيرًا في انخفاض الصحة العقلية لمعظم المستخدمين لتلك المواقع، بسبب تأثير بعض الشخصيات التي تظهر أنها مثالية، بالرغم من أنها قد تعاني علي أرض الواقع من إضطرابات نفسية معقّدة، تترجم في الأفكار التي يقومون بطرحها علي المتابعين ويتأثرون بها بشكل غير مباشر، تمجيد المؤثرين وإتباعهم، يجعل المتلقي لا يحب نفسه ولا يقبل هويته عندما يقال له أنه جيد، لأنه يري المؤثر يبالغ في تصوير حياته وأفكاره ونجاحاته الإلكترونية، وكلها أشياء صغيرة لا تتعدي كونها منشوراً علي موقع لا يمتّ للواقع، وهو بمثابة النهاية للمتابع الذي يمقت حياته ويصل لطريق مسدود لا يستطيع الخروج منه، فالمراهقون معرّضون بشكل خاص للمعلومات الخاطئة والتضليل، لأنهم في فترة تكوينية ستؤثر بقوة على حياتهم البالغة.
NevenAbbass@