اجتماعية مقالات الكتاب

القيم الإنسانية .. إلى أين؟

لعل ما نعيشه في عصر الانفتاح الهائل وتأثير وسائل التواصل السريعة واللهاث المادي الكبير، أدّى ذلك إلى اضمحلال بعض القيِّم الإنسانية عند الكثيرين ، وحدوث إختلال واضح وبروز تصرفات معيبة، لا يعبأ أصحابها بالدّين ولا يهتمون بالمجتمع ولا يقيمون وزناً للأخلاق التي نادت بها الأديان السماوية ورسّخها الدّين الإسلامي الحنيف بنصوص الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.

لكن الملاحظ أن هناك أشخاصاً يندفعون مع الباطل تحركهم العواطف وتلهبهم العصبية فلا يتورّع أحدهم من استخدام عبارات الشّتم والسّباب والقذف والتزوير والإدعاء وإطلاق الألفاظ الخادشة للحياء والإساءة للآخرين دون وجه حق، لأنه اختلف مع آخر حول موضوعات ليست ذات قيمة وأهمية. أو دخل متضامناً مع جماعة معينة يميل إليها في أمور لا يعلم عن أساسها وإنما من زاوية “وما أنا إلا من غزيّة إن غوت غويت وإن ترشد غزيّة أرشد” أو بمفهوم المثل الشعبي: “مع الخيل يا شقراء”
كما أن بعضهم ينحصر همّه فيما يقوم بتصويره وكأن ما يقدّمه سبقاً يحسب له ويشكر عليه فبدلاً من أن يتدخّل بالخير لوقف الخصام أو إنهاء النزاع بين طرفين مختلفين ، نجده يتنحّى جانباً يتابع بنشوة ما يفضي إليه الموقف ، وتكون سعادته كبيرة إذا تصعّد الموقف واحتدم النقاش ليسارع بالتصوير والنشر في وسائل السوشل ميديا وكأنه جاء بمغنم كبير .

كما أن بعضهم يستسهلون نقل وإعادة أي أخبار وموضوعات أو مقاطع مصوّرة قد تكون مفبركة أو مسيئة بحق الآخرين أياً كانوا، مع أن نقلها خطأ كبير وإثم عظيم وكأن الأمر عادي ولا غبار عليه، وهذا بالتأكيد من ضياع القيّم والشّيم خاصة إذا غاب الصدق والأمانة والآداب وانعدم الضمير . فبعض القيم تندرج في قول الحق والتعاون الإيجابي ومساعدة المحتاجين واحترام الناس والإحساس بمشاعر الآخرين والعمل على نشر الخير وكفّ الشرّ والبعد عن الظّلم والامتلاء بالرّأفة والرّحمة والعطف والشّفقة يسبقها الإحسان.

والقيم الإنسانية هي المبادئ السّامية والأخلاقيات الفاضلة والتعاملات الصّادقة تمثل مجموعة الأحكام الصادرة من العقل والتي توجّه الإنسان نحو الفضيلة وترشده دوماً إلى الفعل الصائب وضبط السلوك من خلال الإلتزامات الأخلاقية التي تحقّق التوافق الإجتماعي المطلوب .
والقيّم السامية في مجملها تمثِّل حالة النضج التي تجعل الشخص يتصرف دائماً بحكمة واتزان ويتعامل مع الجميع بذوق واحترام ، لأنها من دلالات الوعي التي ترفع مكانة الفرد وتزيد الثقة به من الجميع.

alnasser1956@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *