متابعات

رقصة المزمار.. شجاعة وحماس

البلاد – جدة

باتت عروض الفنون الشعبية وجبة ترويحية وتثقيفية ممتعة، تؤكد أن المملكة تمتلك خليطاً متجانساً من الثقافات المتنوعة في العديد من المناطق والمحافظات، وهو ما أظهره مهرجان الجنادرية في وقت سابق، حيث يمثل التنوع الثقافي وتعدد الألوان في الفلكلورات الشعبية والرقصات إرثًا وميزة مهمة تفاخر بها المملكة، وتضعها إلى جانب ثروات طبيعية وثقافية في مقدمة الوجهات السياحية المتميزة على مستوى المنطقة؛ إذ تعد هذه الفنون والألوان الشعبية امتداد لزمن قديم توارثه الأجيال متضمنة أهازيج وكلمات وعروضاً مختلفة، ولجأت القبائل قديماً في الجزيرة العربية إلى استخدام الغناء بنبرات مختلفة، وبمصاحبة رقصات محددة لتخويف الأعداء وبث الرعب في قلوبهم، وتوارثت الأجيال ذلك؛ ليكون اليوم فلكلوراً وفناً شعبياً معبراً عن كل منطقة.

ومن الألوان الشعبية المميزة رقصة “المزمار” التي تعتبر من الرقصات التي تظهر الشجاعة والحماس، وتشتهر بها المنطقة الغربية “مكة، جدة، الطائف وضواحيها”، ويتنوع المزمار بين فرحي وحماسي، وجميعها تستخدم فيها العِصي، والعرضة الحجازية الحربية رقصة حربية تؤدى على سواحل المملكة من المدينة إلى القنفذة، وتحديدًا في “جدة، ينبع، رابغ، خليص، قديد، الباحة، الطائف، الليث”، وتلعب بالسيف والبنادق ويرقصها أبناء قبيلة حرب. أما لون “التعشير” فهي رقصة تراثية لقبائل هذيل في الحجاز، وُتعد فنًا من فنون الرجولة والفروسية والشجاعة، وتُستخدم فيها البنادق والبارود، ويؤديها الرجال بقفزاتهم وحركات الرقص واللعب بالبنادق، ثم يطلقون نار بنادقهم المعبأة بالبارود جماعياً على هدف يحددونه، وتحتاج إلى التركيز واليقظة والدقة في التصويب، إضافة إلى الخبيتي والمجرور، والمجالسي، والحرابي، والزهم، والزير.


ويزاول لون المزمار على شكل صفين متقابلين ومع المؤدين للرقصة عصي “الشون” على حلبة يدور حولها الراقصون، وتمتد فيه الأيادي بالعصي في شكل متناغم مع الإيقاعات السريعة، حيث تلتزم الرقصة بلباس محدد، وهو الثوب والعمامة الحجازية الألفي “البرتقالية اللون” ويوضع على الكتف المصنف اليماني أو الحلبي والحزام البقشة العريض على الوسط.

ويصاحب المزمار إيقاعات لآلات شعبية حجازية؛ مثل العلبة، وهي مزهر جلدي بإطار خشبي كبير دائري يوقع عليه العازف بيديه وهو جالس، والمرد وهو دف كبير، والنقرزان وهي طبلة مجوفة من الصفيح تضرب بعصاتين رشيقتين، والصدم وهو دف مستطيل الشكل، كما يصاحب المزمار غناء معروف بالزومال، ويكون غالباً مصحوباً بالأهازيج المنوعة.


ويتراوح عدد المشاركين في هذه الرقصة بين 15 مشاركاً و100 مشارك ينظِّمون أنفسهم في صفين متقابلين، وزيهم عبارة عن ثوب طويل أبيض. ولكل صف شخص يقوده، ويبدأ هذا ونظيره في الصف الآخر بالتصفيق والغناء بصوت عال عن الشهامة والكرم والحب؛ حالما يبدأ قرع الطبول.

ويردد الصف الأول من المؤدين الأغنية مع تصفيق قوي، ويتبعه الصف الثاني مكرراً الأغنية، وكأنه صدى للصف الأول. وينتقل اثنان من المؤدين إلى وسط الحلبة، وبيد كل منهما عصا يديرها ويفتلها بحركات سريعة ورشيقة أثناء رقصه ودورانه، ويكون ذلك أحياناً حول نار موقدة أو أشياء، ثم يلحق بهما مؤديان آخران. وقد تمكن السعوديون من ضم فلكلور المزمار الشعبي إلى قائمة اليونيسكو التمثيلية للتراث الثقافي، وذلك عن طريق عدد من العناصر التي «تجسّد التنوّع الكامن في التراث غير المادي وتزيد الوعي بأهميته»، وذلك وفقًا للبيان الذي أصدره المركز الإعلامي في الأمم المتحدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *