اجتماعية مقالات الكتاب

حين تشعر..إقرأ

لا أحد منا يملك حياة مثالية، فغالبًا نمر بأيام سيئة وأخرى نكاد فيها نلمس السماء لشدّة سعادتنا، لكن نحن الذين نجد سلوان الحزن في صدورنا بالقراءة سريعًا ما نشعر بالرضا، فحين تغلق الحياة أبوابها في وجه أيامنا؛ نفتح نافذة الوقت ونقرأ، وحين تهب ريح الفراق لتجتثّ جذوع طمأنينة أن أحدًا كان بجانبنا؛ فنبحث عن بطلًا يغرسها ويعيدها لقلوبنا خسائرها، نمسك بكتاب ثم نقرأ، وحين نصاب بالخوف؛ أي خوفٍ كان ونفقد معه يقينًا كان يشعّ فينا، نتوضأ ونرتِّل آيات من القرآن لتغمرنا السكينة لأننا كنّا نقرأ.

أحب أني اقرأ، أن أشارك أحدهم كتابًا أعجبني أو حدثني عن مقولة أعجبته تضمّنت فائدة، ثم تناقشنا في حقيقتها حين نبحث عنها عن طريق الأنترنت في محرك البحث ونكتشف صحتها، أحب أني أقضي وقتي بالقراءة ولو كان مقالًا أكسر به وقت الانتظار والملل، أحب قضاء وقت الفراغ في شرب الشاي وقراءة كتاب، أحب اكتشاف الكتب وما تحويه بين أغلفتها من قصص ورحلات لا تنسى ، وبأننا نكون في أماكن كثيره في وقت واحد، وكيف تنجح في إيصال مشاعر شخص آخر حين كتب ما يدور في عقله عن طريق الحبر ثم إلينا، وأحب طلاقة لسان من يقرأ وانسجام الكلمات في الحوار معه لأنه يقرأ، أحب أن نتعافى بالقراءة كعلاج لأرواحنا من أوبئة النفس والأيام.

للقراءة دهشة لا يحظى بها إلا من تمرّ الكلمات تحت عينيه، هادئة، عذبه كقطرة ماء تروي عطش عقله بعد مدة من الجفاف الذي أصابه بسبب الإنشغال عنها بالحياة، أو من يمسك بكتاب كان ينتظره منذ زمن وصار بين يديه، أو البحث عن معنى كلمة قيلت ضمن سياق الحديث، دهشه لا يكون وقت للتفكير فيما يكدِّر صفو النفس والمكان، بل العكس تمتدّ لمن نهديه كتاباً أو يٌهدى إلينا، يا لسعادة من أدرك تلك الدهشة.

ليس شرطًا أن تكون القراءة عن طريق الإمساك بكتاب واختيار زاوية واعتزال العالم للقراءة، فللناس طرقهم وأساليبهم في ذلك، منهم من يفضِّل الورق ومنهم من يفضِّل الأجهزة الالكترونية ، ومنهم من يستمع للكتب، خلال وقت الانتظار أو في الطريق أو ما يفعله المكفوفون الذين يجدوا أن الإستماع للكتب فيه سلوى لهم، وفي الحقيقة فهم أكثرنا ملاحظة وتركيزًا واستمتاعًا فيما يقرأوه، فلا تجد كفيفًا يقرأ إلّا ولديه كم هائل من المعرفة التي يقول أنه قرأها حين استمع لكتاب، لذلك حين تعرف أحدًا منهم يقرأ فحافظ عليه لأجلك.

‏‪@i1_nuha

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *