اجتماعية مقالات الكتاب

الحب الصادق والاحترام توأمان

في بوتقة الحُب ، ومحراب الإحترام ، تتلاشى كل التفاصيل المنفرة ،وتذوب الخلافات ،وتتلاقى الخطوط المتوازية التي كان من المستحيل أن تتلاقى ، ذلكم هو (الإحترام) ،فلا يكون هناك ما يزعج ، ولا يؤثر في النفوس ،أو يكسر القلوب ،حين تُربط المحبة الصادقة بين القلوب ،وتعنون كل تعاملاتها بالأخلاق الفاضلة والودّ والتفاهم .

لاشك ستكون العلاقات على مستوى من الرقي ويعمّ الدفء ، وأعذروني لو ركّزت كثيراً على العلاقات ، فبعض المشاهدات مؤلمة ، وبعض التعاملات بعيدة عن الاحترام سواء بين الإخوة والأخوات أو بين الأهل والأقارب أو بين الأزواج أو الجيران . ومن خبرتي في الحياة ، من تعاملاتي لم أجد أطيب من الإحترام في العلاقات فمهّما كانت الإختلافات في وجهات النظر ،ومهّما تباينت الأفكار، تبقى فضيلة الإحترام هي القيمة الأكبر في مجريات الحياة.

لن أتطرق بإسهاب لعلاقة الأبناء بوالديهم ، فهذا حديث ذو شجون . وعدم احترام الوالدين أحدهما أو كلاهما ، أمر يهدّد الحياة الآمنة في الدنيا والآخرة . فمن أراد أن يسعد ، فليُسعد والديه ، ويتفانى من أجلهما كما أمر بذلك الله عزّ وجلّ :(وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا). في العلاقة مع الوالدين وبالذات عند الكبر ، يمتزج الذل بالرحمة . تخيلوا مزيج هاتيْن الصفتيْن فيهما ضعف وقوة تفسيرها خاص بالوالدين منتهى الإعجاز الأدبي .

الإسلام اهتم كثيراً بالعلاقات وآدابها ، وركّز كثيراً على الأخلاق الكريمة والفضائل الطيبة ومن ضمنها الإحترام والتوّقير لمن هم أكبر سناً وأرفع علماً ، وقال عليه الصلاة والسلام :(ليس منا من لم يوقِّر كبيرنا ويرحم صغيرنا) فالإحترام فضيلة تبقى معه الروابط متماسكة قوية ، وعدمه سبب جوهري لهشاشة العلاقات أو القطيعة أو الانحدار لمستوى هابط لا يليق بكل من يعتز بنفسه ويقدرها وبالأحرى يحترمها. الإختلافات وتباين وجهات النظر بين الناس ، ظاهرة صحية طبيعية تبقى ما بقيت الحياة . والطبيعي أن تستمر المحبة والتواصل والآداب مهّما اختلفنا لكن من غير الطبيعي أن نجد علاقات تتفكّك ،واحتراماً يتلاشى بسبب اختلاف وجهات نظر . وغير الطبيعي أيضاً أن نجد أبناء وبنات يستهينون بأقاربهم الكبار بناء على خلافات بين أهلهم . لماذا لا يكون الاحترام هو العنوان الرئيسي والقاعدة التي لا تُخترق في حالات الرضا والخصومة؟ لماذا يتفرَّق الأخوة بسبب تباين آراء؟ ألا يحتكمون للفضائل التي تقول نختلف لكن لا نفترق ؟، وتقول أيضاً نختلف لكن لا يتدخل الصغار في اختلافنا ؟ ولايقلِّل أحد منهم احترامه لمن لهم حق عليه؟ لماذا ينسى البعض في خلافاتهم أخلاقيات التعامل وآداب الخلاف؟ لماذا ينحدر الحوار في شكله ومضمونه لمستوى غير لائق بين الأهل والأحبة والموضوع أساسه اختلاف وجهات نظر؟

المملكة اهتمت بموضوع الحوار ، وعملت له مركزاً خاصاً له جهود جبارة في إثراء الحوار الراقي، وتبنّت بخصوصه القيّم الدينية والأخلاقية ، لكن هل ياتُرى واكبت مدارسنا وبيوتنا ودورنا العلمية والدينية هذا المعنى؟
أعتقد هناك تقصير في غرس قيمة الإحترام ، هذه الفضيلة العظيمة المرتبطة بصدق المحبة إرتباطاً وثيقاً ودمتم.

@almethag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *