التسويف من المماطلة ، وهو تأخير المهام الأساسية وتأجيل الأمور وتأخير الأشياء حتى اللحظة الأخيرة أو حتى بعد الموعد النهائي والمماطلة هي “التأجيل من يوم لآخر” أو “مؤجل حتى الصباح”.
يمكن أن يتخذ التسويف أشكالاً عديدة على الرغم من أننا غالبًا ما نربطها بالتهرب الدائم من تنفيذ المهام الضرورية وتأجيل مهام الأعمال أو الواجبات اليومية.
ورغم من أننا جميعا نُسوف قليلا في القيام بواجباتنا، فإن الأمر لا يتحول إلى مشكلة سوى عندما يصبح جزءا من نمط مزمن وسائد، يجعلنا نؤخر ونؤجل إنجاز المهام والواجبات عن المواعيد النهائية المحدّدة لنا لإكمالها.
“إن شاء الله بُكره”، عبارة مفضّلة لدى ملوك التسّويف ،كأن يقول لك أحدهم : (إن شاء الله بكرة أروح البنك وانتهي من الموضوع) و( إن شاء الله بكرة اتواصل مع فلان) و(إن شاء الله بكرة أقدم أوراقي للجامعة)، علماً بأنه لايوجد أي شيء يعيق هذا الشخص من إتمامها الآن. ولكن قد يكون تأجيلها مقبولاً إذا تمت في اليوم التالي الذي حدّده، ولكن للأسف في اليوم التالي يتم تأجيله لليوم الذي يليه، أو إلى أجل غير مسمّى.
إنهم المسوِّفون، أو كما يسمّيهم البعض “المماطلون”، ومن منا لا يعرف أحد المسوِّفين على الأقل ممّن يعشقون تأجيل عمل اليوم إلى أجل غير مسمّى وبدون سبب.
كثيراً ما كنت أحاول ومازلت أدفعهم للخروج من دوامة التسّويف لأنها تُغرِق الإنسان في المشاكل وتُورِثه عادات سلبية تضرّ به .
أحد الذين كنت أحاول مساعدتهم في التخلُّص من هذه العادة ،لا يعلم لماذا يتهرب من أداء المهام ودائماً ما يؤجلها ، ما أثّر على أدائه ،وتسبّب في فصله من وظيفته. وتسبّب هذا بدوره ،في دخوله في نوبة إكتئاب حادّة و فقدان ثقته بنفسه، فهو لا يدري لماذا لا يستطيع إنهاء المهام أو إعداد التقارير المطلوبة في الوقت المناسب رغم عدم صعوبتها. وقد أدّى هذا بالتالي إلى تراكم المهام لدرجة أن شُلّ تفكيره.
أخصائيو علم النفس يعزون أسباب التسويف لعدة عوامل منها الخوف من الفشل في أداء المهام، إذ يتجنّبها الشخص حتّى لا يفشل. ومنها أيضا عدم الثقة في النفس لتأدية هذه المهام.
قد يكون الإنسان مشتّت الذهن بسبب الأجهزة الإلكترونية أو إدمانها، لدرجة أنه يهرب إلى تلك الأجهزة حتى يتجنّب تأدية المهام. أو أن يكون هذا الإنسان غير منظَّم من الأساس، وعليه لا يُتَوقع من إنسان غير منظَّم أن يؤدي المهام في وقتها ، علماً بأن من مساوئ التسّويف ، إيجاد شخصية سلّبية، قلِقة على الدوام ، ومتوتِّرة تشعر بالذنب دائماً.
إن التغلُّب على التسّويف ، ليس بالأمر الصعب ،خاصةً إذا ما طبّقنا قاعدة :”ما أنت فاعله غداً إفعله الآن”، في حين أنه ليست هناك وصفة طبية لتطبيق هذه المقولة سوى بالعزيمة والإصرار وقوة الإرادة ،أمّا باقي الأمور التنّظيمية ، فيسهل تطبيقها والتأقلم معها ، كإنشاء خطط مكتوبة للمهام مثل: التعامل مع ما يشتِّت الإنتباه، ووسائل التواصل الإجتماعي والبدء بالأمور البسيطة ،والتي إن تم الإنتهاء منها ،تكون حافزاً لإنجاز مهام أخرى، وتعّزيز الثقة في النفس ،وإرسال رسائل إيجابية بالقدرة على تنفيذ المهام.
المكتبات ومواقع الإنترنت تزخر بالعديد من المعلومات عن طرق التخلُّص من التسّويف وتنّظيم الأمور الحياتية ومن المؤلم فعلاً أن نرى في جيل الشباب من أصابه هذا المرض في سن مبكِّر.
وقد يستغرق الإنتهاء من مهمة بسيطة ،أسبوعاً كاملاً بدلاً من دقائق معدودة .
إن بقاء هذه المشكلة دون حلّ ،يخلق العديد من المشاكل التي تؤثر على مستقبلنا.
وللتخلُّص من التسويف والمماطلة، لامفرّ من العمل بنصيحة جيمس شيرمان السياسي الأمريكي، الذي كان رئيسًا بارعًا للجان الكونغرس :(دع التسويف وابدأ العمل )،عنوان كتابه الذي ألّفه في هذ ا الخصوص، على نهج كتاب :(دع القلق وابدأ الحياة) لمؤلفه الكاتب الأمريكي ديل كارنيجي.
jebadr@