جدة – ياسر خليل
بين حين وآخر نجد بعض الأطفال يقلدون المقاطع التي تبثّ في مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف نيل الإعجاب أو من باب الفضول، أو إثبات الذات، وللأسف كثيرًا ما تكون هذه المقاطع غير مقبولة اجتماعيًا ولا تشكل أي أهداف إيجابية، بل مجرد مشاهد مزاح من العيار الثقيل أو مقالب مؤذية للطرف الآخر.
“البلاد” طرحت قضية تقليد الأطفال لبعض المقاطع التي تبث في مواقع التواصل الاجتماعي على طاولة الاخصائيات الاجتماعيات، إذ تقول الأخصائية الاجتماعية غيداء عبد الرزاق: “للأسف هناك العديد من المشاكل الاجتماعية والنفسية التي تترتب على التقليد ومنها الضغط الاجتماعي، إذ يشعر الأطفال بالضغط من قبل أقرانهم لتقليد سلوكيات غير ملائمة أو غير مناسبة، وقد يكون هناك رغبة للانتماء إلى مجموعة أو الحصول على الموافقة الاجتماعية، مما يدفعهم إلى التقليد، وأيضًا التنمر والتمييز فقد يتعرض الأطفال الذين يقلدون سلوكيات غير مقبولة أو غير مألوفة للتنمر والتمييز من قبل أقرانهم، وقد يؤدي ذلك إلى انعدام الثقة بالنفس والشعور بالعزلة الاجتماعية”.
وتضيف : من المشاكل المترتبة ايضاً انخفاض التقدير الذاتي، لكون التقليد يؤدي لسلوكيات غير ملائمة إلى انخفاض التقدير الذاتي لدى الأطفال، وقد يشعرون بالندم أو الحزن على تقليدهم لأمور قد تكون ضارة أو غير ملائمة، ومن المشاكل ايضاً القلق والاكتئاب فقد يعاني الأطفال من القلق والاكتئاب نتيجة لتجربتهم لسلوكيات خاطئة أو تعرضهم للانتقادات والتنمر، وقد يؤثر ذلك على صحتهم النفسية ويؤثر على سعادتهم وراحتهم العامة، وبجانب كل ما سبق هناك الانفصال عن الذات ، فقد يفقد الأطفال هويتهم الفردية وقدرتهم على التفكير بشكل مستقل إذا كانوا يقلدون سلوكيات الآخرين بدون تقييمها بناء على قيمهم الخاصة.
وتنصح غيداء بضرورة تكريس الوعي لدى الأطفال بتجنب التقليد لكل ما يشاهدونه في مواقع التواصل الاجتماعي لأنه قد يترتب عليه انعكاسات سلبية لا يحمد عقباها.
من جانبها تقول الأخصائية الاجتماعية مروج محمد شاهيني: “التقليد أصبح سمة منتشرة في منصات التواصل الاجتماعي، فبعض الأطفال يقلدون مشاهد يترتب عليها مشاكل عديدة على صحتهم وسلامتهم، ولا شك بأن التواصل الاجتماعي عن طريق شبكات التواصل هو حلقة الوصل بين المجتمعات ولكن مع انطلاق العالم نحو التواصل الإلكتروني والاعتماد على المواقع الإلكترونية بدأت تظهر مشكلات عديدة في الآونة الأخيرة ومنها تقليد الأطفال لكل ما هو موجود في مواقع التواصل الاجتماعي، وزاد الوضع سوءًا عند إعطاء أولياء الأمور الأجهزة الإلكترونية لتهدئة الطفل والاطلاع على مواقع السوشيال ميديا بدون أي رقابة وبذلك اُنشئ طفل خال من التبصُّر”.
وتابعت مروج: “لابد من زيادة وعي الأطفال وتثقيفهم بمخاطر التقليد وذلك عن طريق زيادة ثقة الطفل بنفسه وتوعيته بخصوص المقاطع المنتشرة وإيضاح إنها مجرد فعل وانتشر وإننا لا نقلد كل ما نرى ونسمع، عدم تركهم بمفردهم على مواقع التواصل الاجتماعي لابد من وجود رقيب وثواب وعقاب، فالتقليد يجعلهم يمارسون أفعال وأقوال لا تناسب فئتهم العمرية لذلك وجبت ضرورة الاعتدال في استخدام الأجهزة الإلكترونية والتواصل في موقع التواصل الاجتماعي بوقت محدد”.
وتؤكد مروج أن مخاطر التقليد تزداد أكثر عندما يقلد الأطفال مقاطع خطيرة قد تهدد سلامتهم وهم أساسًا لا يدركون العواقب، فقد يكون دافعهم الفضول، وهنا يأتي دور الأسرة في توعيتهم بمخاطر التقليد.
إلى ذلك تقول الأخصائية الاجتماعية سارة الصويّان: “تقليد الأطفال لمشاهد المقاطع المصورة يعكس تفاعلهم في التواصل الاجتماعي ، وفي هذا السياق يمكن النظر إلى عدة أسباب وراء توجه الأطفال نحو تقليد ما يشاهدونه وهي: أولاً، الأطفال يقلدون ما يشاهدونه بدافع الفضول الطبيعي ورغبتهم في الاستكشاف، مما يساعدهم على فهم العالم واكتساب مهارات جديدة، وثانيًا، وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر بشكل كبير على تصورات الأطفال، حيث تقدم لهم نماذج مختلفة للتقليد، سواء كانت إيجابية أو سلبية”.
وأردفت: “الأطفال يقلدون للبحث عن الانتماء والقبول من أقرانهم، حيث يشكل الشعور بالتوافق وكسب الإعجاب أهمية في هذه المرحلة العمرية، ويستخدمون التقليد أيضًا كوسيلة للتعبير عن الذات واستكشاف هويات مختلفة، مما يساعد في تطوير فهمهم لذاتهم”. وخلصت سارة إلى القول: “يمكن أن يكون للبيئة دور في تشجيع أو كبح جماح هذا السلوك، فالأطفال في بيئات تعزز الإبداع والتفكير النقدي قد يظهرون تقليدًا أكثر وعيًا واختيارًا، بينما قد يميل الأطفال في بيئات أقل تحفيزًا إلى تقليد سلبي أو غير نقدي”.