اجتماعية مقالات الكتاب

عندما تكون الكلمة كالرصاصة

الكلمة عندما تخرج من اللسان، كالرصاصة تصيب في مقتل، وخصوصاً إذا أتت من أقرب الناس إليك.
والكلمة القاسية لها أثر سلبي على الكل، سواء كان إبناً أو أخاً أو أختاً أو زوجة أو حتّى صديق.
لهذا أحاول في هذا المقال، أن أُسلِّط الضوء على الأثر السلبي للكلمة السيئة على الأبناء ، لما لها من قوة تدّميرية هائلة على شخصية الطفل.

إنه لموقف مؤلم ذلك الذي شاهدته وأنا أتجول في أحد الأسواق : فها هو ذا أحد الآباء يعاتب إبنه على أمر ما، ومن غضبه عليه، ينعته بصفة أحد الحيوانات. شاهدت الإبن وهو يطأطئ رأسه في انكسار واضح بسبب هذه الكلمة القاسية والتي قيلت في وجهه أمام الملأ. ‏
لا أنكر أن هذا الموقف هزّني بشدِّة ، فالكلمات القاسية لها أثر سلبي على الكل،حيث يؤدي التوبيخ المفرط إلى تحّطيم احترام الطفل لذاته وثقته بنفسه لدرجة كبيرة ، إذ لا يمكن أن نجبر الطفل على التصرف بطريقة معينة ، وتوبيخه عندما يفشل في القيام بما نريد نحن .

لا ينبغي أبداً أن نخاطب أبناءنا بكلمات قاسية، أو أن نصفهم بأشياء لا تليق بهم ، ذلك أنه عندما تصدرهذه الكلمات القاسية من أقرب الناس:( أب أو أم أو اخ أكبر)، فإن الطفل نظراً لبساطة تفكيره ،قد يبدأ في تصديق هذه الكلمات ، وهذا يدمّر شخصيته ويمسحها تماماً. قد يصدِّق فعلاً أنه أحمق لايفهم أو غبي لا يستوعب، في وقت يظن فيه الأب أن ابنه صغير وسوف ينسى، ولكن على العكس من ذلك، فالطفل يدرك ويفهم كل شيء ،كما أن الأب يظن أن ضرر هذه الكلمات لا يستمر لفترة طويلة ،ولكنها في الحقيقة تظل كامنة في صدره لفترة طويلة وتؤثر على نفسيته وتستمر معه إلى مرحلة المراهقة والرجولة، ولا غرابة في ذلك، فكثير من الرجال الآن وهم في أعمار متقدمة ،لا زالوا يتذكرون مواقف ضرب أو توبيخ آبائهم أو أمهاتهم لهم رغم مرور عقود طويلة ،بل تجد منهم من يفعل الشيء ذاته مع أبنائه رغم علمه التام بآثاره التدّميرية.

إن علينا كآباء وأمهات، أن نتجنّب إظهار الغضب أمام أطفالنا مهّما كانت الظروف والأسباب.
علينا أن نأخذ وقتاً كافياً للتنفيس عن الغضب بعيداً عن أبنائنا ، وأن نناقشهم بهدوء ونسدي لها النصح والإرشاد.
قد يبدو هذا مستحيلاً على من تعوَّد على أن ينفِّس عن غضبه تجاه أقرب الناس إليه، بما فيهم أبناؤه، ولكن عليه أن يحاول جاهداً التخلُّص من هذه العادة السيئة.

علينا أن نفكر جيّداً في العواقب المترتِّبة على مثل هذه الألفاظ على نفوس أطفالنا وما قد يشعرون به بعد ذلك ،فالطفل يظل طفلاً بحاجة دائماً إلى التوجيه، والتوجيه لا يأتي بالتوبيخ المبالغ فيه لأتفه الأسباب أو التنابز بالألقاب .
ليس بالضرورة أن يكون أمثال هؤلاء الآباء سيئين، ربما هم يكِنّون حباً كبيراً لأبنائهم، إلّا أنهم يرون أن هذه هي الطريقة المثلى للتوجيه.
علينا ألا نستغرب من هذا ،فهناك من الآباء من يرى أن في تحّقيره لإبنه ووصفه بأبشع الألقاب، وسيلة تحّفيزية، تحفّز إبنه لتغيير الصورة السلبية التي ارتسمت عنه في ذهنه ، متناسياً الأثر المدمّر على إبنه.
والله عزّ وجلّ يقول في محكم التنزيل: “وقولوا للناس حسنا”.

jebadr@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *