اجتماعية مقالات الكتاب

عوضاً عني

في بعض الأحيان تجد نفسك في زاوية بعيدة عن الجميع حتى وأنت بينهم، تنظر لمن حولك ،فتجد البعض منهم يكبر ويكبر حتى يصبح أضخم منك بكثير، وآخر يصبح متناهٍ في الصغر، تنظر إلى يديك فلا تراهما، وترفع رأسك للسماء ، فترى الفضاء كاملاً حتى لو كنت داخل حجرة سقفها منخفض، ترغب في الضحك وأنت تشعر بالحزن، وتدمع عيناك وأنت سعيد، تتغير الملامح والتعابير وحتى مفهومك لنفسك، فلا تعلم :هل أنت سعيد أم شقي؟ هل أنت ناجح أم فاشل؟ هل لا زلت تعتقد أن السحاب وسائد من القطن الأبيض يمكن الاستلقاء عليها، أم أدركت أنها مجموعة من الغازات تتحول فيزيائياً لماء؟ هل إيمانك بأن “ساحرة سندريلا” هي شخص طيب مستمر، أم أنك تدرك أن السحر حتى لو كانت أهدافه نبيلة فهو أمر سيء؟ هل لازلت تحب “جيري” مع كرهك للفئران فقط لأنه ذكي ولديه حنكة؟ هل ستطالب بإطلاق سراح “روبن هوود” على الرغم من سلبه للأموال وسرقتها بحجة أنه يعطيها للفقراء والمحتاجين؟

ستحاول جاهداً أن تجد تفسيراً لكل تلك التصورات التي تنظر بها للآخرين ، وكيف أصبحتَ داخل دوامة كبيرة لا تعرف كيف ستتمكن من الخروج منها !

دوامة الحقيقة والواقع ، وهي دوامة ليس لها قاعدة محدّدة فلكل واحد منّا تصوراته التي يرى من خلالها الأمور قد يحملها على محمل الجدّ أو يتعامل معها على أنها أضغاث أحلام.
هل تصدق أنني اشتقت كثيراً لتلك الأيام التي كان فيها المقياس الوحيد لكل ما هو حولي، هو مقدار قبولي ومحبتي له، تماماً كما فعلت ( بو ) في الفيلم الكرتوني ( شركة المرعبين المحدودة) عندما سرَها منظر ( شلبي ) ولونه الجميل واستحوذ على محبتها، لم تلتفت لحجمه المهيب ،ولا كونه أفضل المرعبين كفاءة في تخويف الصغار، فهي لم تر سوى الجانب الذي يهمها منه ، وهو قلبه الحنون الذي لم يدفعه للتبليغ عن
وجودها والتخلص منها ،ليتني أستطيع أن أحيا بمنطقها فلا يشغلني القصد من وراء الفعل سواء كان هذا الإستنتاج خاطئاً أو له مبررات عقلانية أخرى تتنافى مع شعوري نحوه.

في النهاية ، “روبن هود” تم القبض عليه لفعلته ، ولم يُنظر للسعادة التي حقّقها لعدد كبير من الفقراء، ولو فكرت أن أسترخي على إحدى السحابات ، قد أقع وقد ألقى حتفي، إلا أنني لن أنسى ابتسامة “روبن هود”، ولا منظر السحاب ،وسيبقى عالقاً في ذهني عندما أشعر برغبة في الخروج من دائرة الواقع ،والعيش في فقاعة خيال تسير بي عالياً لبرهة من الوقت، استرجع من خلالها ،ما فقدته من براءة الطفولة ونقاء النفس.
قد لا أرغب بالرجوع حينها، يجب عليك أن تقنعني بالعودة بأسباب تجعل من رجوعي أمراً مقبولاً، وإلّا احصل لك على فقاعة أخرى والحق بي، فهناك جمالٌ لن تراه وأنت في مكانك.

eman_bajunaid @

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *