متابعات

العلاقات السعودية والهندية تنمو تدريجياً

نيو دلهي : البلاد

في ظل تطور المشهد الجيوسياسي المتغير، تشهد العلاقات الثنائية بين الهند والمملكة العربية السعودية مرحلة مزدهرة من التعاون والنمو وهي الروابط التاريخية التي تمتد لآلاف السنين وبجانب الإتفاقيات الإستراتيجية الأخيرة والزيارات رفيعة المستوى كلها تؤكد على قوة الإتصال والروابط فيما بينهما حيث يعتبر إنشاء الممر الإقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (  IMEEC ) علامة بارزة في تعزيز الإتصال العالمي والتنمية الإقتصادية على حد سواء .

كما تؤكد الزيارة الرسمية التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ، ولي العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء إلى الهند عقب قمة مجموعة العشرين على العلاقة القوية والطويلة الأمد بين البلدين المجاورين يربطهما ببحر العرب في حين بدأت حقبة جديدة في العلاقات السياسية بين الهند ودول الخليج العربي بزيارة وزير الشؤون الخارجية الهندي جاسونت سينغ إلى عاصمة المملكة الرياض في شهر يناير من عام 2001م .

بالإضافة إلى ذلك أن زيارة رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي إلى الرياض في أبريل 2016م عززت روح التعاون بين البلدين والتي تمتد إلى مجالات السياسة والإقتصاد والأمن والدفاع وفي أثناء زيارته قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بمنح رئيس الوزراء الهندي وسام الملك عبد العزيز وهو أعلى وسام مدني في المملكة العربية السعودية مما يؤكد على التزام المملكة العميق بعلاقتها مع الهند. وبناء على هذا الزخم ، جاءت زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الهند في شهر فبراير من عام 2019م بإعتبارها خطوة مهمة أخرى إلى الأمام .

وفي 28 و 29 من شهر أكتوبر لعام 2019م، زار رئيس الوزراء الهندي مودي الرياض مرة أخرى وخلال هذه الزيارة تم التوقيع على إتفاقية هامة تسمى اتفاقية مجلس الشراكة الإستراتيجي (SPC ) حيث انشئت هذه الإتفاقية مجلساً رفيع المستوى لرصد وتوجيه العلاقة بين الهند والمملكة العربية السعودية وفي الوقت نفسه تم توقيع 12 مذكرة تفاهم وإتفاقية خلال تلك الزيارة ثم زار وزير الشؤون الخارجية الهندي الدكتور جايشانكار المملكة العربية السعودية خلال الفترة من 10 إلى 12 سبتمبر 2022م .

ومن خلال هذه الزيارة عقد الدكتور جايشانكار عدة لقاءات مهمة وتم توقيع مذكرة تفاهم بشأن آلية المشاورات بين الهند ومجلس التعاون الخليجي  حيث سلم الدكتور جايشانكار خلال لقائه مع ولي العهد رسالة موجهة من رئيس الوزراء الهندي إلى ولي العهد السعودي لزيارة الهند وتلبية لهذه الدعوة زار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان برفقته وزير الطاقة السعودي ورئيس اللجنة الوزارية للإقتصاد والإستثمار في مجلس الشراكة الإستراتيجية السعودي الهندي ، الهند في 21 أكتوبر 2022م .

من المهم أن نذكر في هذا السياق، ان مذكرة التفاهم التي تحدد مبادئ الممر الإقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا ( IMEEC ) وهو نموذج يعزز التنمية الإقتصادية والنمو من خلال قنوات اتصال جديدة مما يجمع بين قارتين بسهولة آسيا و أوروبا حيث تشمل الجهات الفاعلة السيادية في هذا الجهد السعودية والإتحاد الأوروبي والهند ودولة الإمارات العربية المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية حيث يمتلك الممر الإقتصادي IMEEC ناتجاً محلياً إجمالياً ضخماً يبلغ 47 تريليون دولار أمريكي وهو ما يقرب من نصف الإنتاج الإقتصادي العالمي مما يشكل قوة غير مسبوقة للتقدم العالمي .

يذكر أنه من حيث حجم التبادل التجاري ، تحتل الهند مكانة ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية في حين تحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الرابعة كشريك تجاري للهند حيث بلغ إجمالي التجارة الثنائية بين البلدين 52.76 مليار دولار أمريكي خلال السنة المالية 2022-2023م وخلال الفترة نفسها شهدت واردات الهند من المملكة العربية السعودية زيادة ملحوظة بنسبة 23.47% لتصل إلى إجمالي مبلغ قدره 42.03 مليار دولار أمريكي بينما بلغت صادرات الهند إلى السعودية 10.72 مليار دولار أمريكي مسجلة نمواً كبيراً بنسبة 22.48 % مقارنة بالعام الماضي .

وفي يناير 2022م، كان هناك حوالي 2783 شركة هندية مسجلة في المملكة العربية السعودية إما كمشاريع مشتركة أو كيانات مملوكة بالكامل وكان لهذه الشركات استثمارات تقدر بحوالي 2 مليار دولار أمريكي وبحلول مارس 2022م، قامت المملكة العربية السعودية بالإستثمار المباشر في الهند بمبلغ قدره حوالي 3.15 مليار دولار أمريكي حيث تشمل بعض المجموعات السعودية البارزة في الهند بما في ذلك كل من شركة آرامكو ، وسابك والزامل ، إي-هوليديز، ومجموعة البترجي بالإضافة إلى ذلك قام صندوق الإستثمار العام ( PIF ) بإستثمار حوالي 4.6 مليار دولار أمريكي في الشركات الهندية الناشئة مثل ( Delhivery, FirstCry, Grofers, Ola, OYO, Paytm, and PolicyBazaar) من خلال صندوق الرؤية التابع لشركة سوفت بنك .

وتجدر الإشارة إلى أن التعاون في مجال الطاقة يلعب دوراً مهماً في العلاقة الثنائية بين الهند والمملكة العربية السعودية حيث تعتبر المملكة العربية السعودية شريكاً حيوياً للهند في ضمان أمن الطاقة وفي السنة المالية 2022-2023م ظلت المملكة العربية السعودية ثالث أكبر مصدر للهند للنفظ الخام والمنتجات البترولية. وفي الختام ، فإن المشهد الجيوسياسي المتغير قد مهد الطريق لشراكة مزدهرة بين الهند والمملكة العربية السعودية بينما يواصلان التقدم في هذا الديناميكية العالمية والبلدين ليس فقط يعززان تعاونهما التجاري والطاقي بل يعززان أيضاً روح التعاون التي تمتد إلى مختلف المجالات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *