مقالات الكتاب

المتحف السعودي الأولمبي الرياضي..  الإرث المفقود.. متى يرى النور؟

هاني البشر

تقف الرياضة العربية على أطلال تاريخ ضائع، وإرث مهمل، وإنجازات توارت في «سلة المهملات»، أو في «دواليب» أشخاص احتفظوا بها من دون يقدروا قيمتها، لنجد في نهاية المطاف، أن المتاحف الرياضية في الوطن العربي، ليست موجودة في أغلب دولنا، في ظل غياب ثقافة الاحتفاظ بالإرث الرياضي وإهمال المسؤولين، وربما يكون البعض قد استفاق من الغيبوبة، وطرح فكرة إقامة متحف أولمبي، وقد تنتظر الفكرة لسنوات طويلة، كي تخرج إلى حيز التنفيذ، من دون مراعاة أن المتاحف، هي ذاكرة الشعوب، وحلقة وصل بين الماضي والحاضر.

وهو عكس ما يحدث في كل أنحاء العالم، خاصة أوروبا التي تكتظ بالمتاحف الأولمبية، حيث صنعت التاريخ باهتمامها، في حين أن العرب الذين سبقوا العالم أصبحوا بلا تاريخ ولا إرث للأجيال.

– متحف رونالدو

أعلنت هيئة الترفيه عن تدشينها متحفًا رياضيًا باسم” CR7″ ضمن فعاليات موسم الرياض 2023؛ حيث صمم المتحف ليتناول شخصية النجم العالمي”  كريستيانو رونالدو” ويضم المتحف مقتنيات نادرة للاعب، ومحاكاة عن مسيرته الرياضية؛ سواء مع الأندية أو المنتخب البرتغالي.

كما أن للنجم البرتغالي متحفًا آخر يقع  في مدينة فونشال البرتغالية، مسقط رأس كريستيانو رونالدو نجم نادي النصر وقائد منتخب البرتغال.

المتحف الذي تم افتتاحه في عام 2013 يضم نسخًا من الألقاب الفردية والجماعية، التي حققها كريستيانو في مسيرته مع سبورتنج لشبونة ومانشستر يونايتد وريال مدريد ويوفنتوس ومنتخب البرتغال، وأيضا ناديي أندورينيا وناسيونال ماديرا اللذين لعب لهما حين كان ناشئًا.

– متحف ليجيند

وكذلك ستطلق هيئة الترفيه في منطقة البوليفارد سيتي متحف “ليجيند” لأساطير كرة القدم؛ وسيحتوي على أكثر من 30 ألف قطعة نادرة عن أساطير الساحرة المستديرة، الذين تركوا بصمة مازالت عالقة بأذهان الجماهير الرياضية حول العالم.

– متحف الرياضة السعودية

إذا كنا قادرين على إقامة متاحف رياضية عن نجوم عالميين مثل النجم العالمي رونالدو في نسخة موسم الرياض 2023، عبر متحف ” CR7″  ومن قبله أقمنا متحف ” ميسي” ضمن موسم الرياض 2022، فماذا ينقصنا لكي يكون لدينا متحف رياضي يؤرخ ويوثق للرياضة السعودية وإنجازاتها في مختلف الألعاب الرياضية، ويوفر رحلة تعليمية وتفاعلية استثنائية؛ توثق أهمية الرياضة السعودية، والاحتفاء بدور المملكة العربية السعودية رياضيًا، واعتزازنا بالرياضة؛ بصفتها نشاطًا ثقافيًا أساسيًا، خاصة مع استضافة المملكة اليوم لأهم الأحداث العالمية مثل” رالي داكار السعودية، والفورمولا 1، وفورمولا E، ونزال الدرعية، ونزال البحر الأحمر، ناهيك عن السوبر الإسباني والإيطالي، ومؤخرًا السوبر الأفريقي، بخلاف إرثنا الرياضي العريق بكرة القدم، فنحن أبطال آسيا ثلاث مرات، وأبطال الخليج وأبطال العالم للناشئين 89، ومن أكثر المنتخبات العربية والآسيوية وصولًا لأكبر محفل عالمي في كرة القدم( كأس العالم)، وغيرها من البطولات المختلفة في كل الألعاب.

لماذا لا نتطلّع إلى بناء متحف يكون شاهدًا على شغف السعودية الكبير بالرياضة، وطموحها لإلهام المجتمع ودفعه لممارسة الأنشطة البدنية، وأن يكون أكثر حماسًا واهتمامًا بالرياضة، ونحن اليوم في مرحلة رؤية 2030 الملهمة، ونطمح في رفع نسبة الممارسين للرياضة لتحقيق جودة الحياة.

الاهتمام بالمتاحف اليوم أصبح مطلبًا ثقافيًا ودليلًا على حضارة المجتمعات، فقد باتت المتاحف مكانًا يجمع بين الثقافة والتعليم والتراث والمعرفة والسياحة.

– ذاكرة المجتمع وتاريخه

تُعد المتاحف أوعية حافظة لذاكرة المجتمع وتاريخه وموروثه الثقافـي والاجتماعـي والرياضي كذلك، وتضطلـع بـدور مهـم فـي غـرس الشـعور بالانتمـاء وترسـيخ الهويـة الوطنية؛ حتى للأطفال من خلال الزيارات الطلابية التي تنفذها المدارس، ما يتيح للطلبة والطالبات فرصة تنمية تفكيرهم العلمي والإبداعي؛ لتوعيتهم بالثقافة المتحفية وتزويدهم بالخبرة، وتثبيت الموقف التعليمي، وتعزيز البعد الحضاري لديهم، مما يسهم فــي إعداد أجيال واعية بتراثها الحضاري، تعتز به وتحافظ عليه.

لذلك ينبغي على وزارة الرياضة واللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية إنشاء متحف رياضي متكامل، ومجهز بشكل حضاري يحفظ المقتنيات، ويعرض المواد التراثية والصور التاريخية التي تحكي تاريخ الحركة الرياضية بالمملكة، وتشجيع السياحة الرياضية المتحفية، وأفضل مكان له أن يكون بالقدية، فهو مشروع ترفيهي رياضي ثقافي سعودي؛ يستحق أن يكون فيه متحف أولمبي رياضي.

فقبل عامين، زار رئيس الفيفا السيد جياني إنفانتينو مبنى الاتحاد السعودي لكرة القدم، وأخذ جولة في متحف إنجازات الكرة السعودية، الذي كان صغيرًا جدًا داخل المقر، ولا يرتقي لمكانة الكرة السعودية، وكذلك حديث رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم ياسر المسحل، عن حضور الملك المؤسس عبدالعزيز- طيب الله ثراه- لمباراة في المنطقة الشرقية في عام 1947 أمر هام، ربما لا يعرف عنه الكثير، ويحتاج لإبراز هذا الحدث، وأن المملكة تضع الرياضة ضمن أولوياتها منذ عقود مضت؛ لذلك الحاجة اليوم ملحة، لأن يكون لدينا متحف متكامل، يشكل مركزًا وطنيًا ودوليًا؛ يقوم بنشر المعرفة وتشجيع الأبحاث الأكاديمية وتسليط الضوء على تاريخ الرياضة، وتراثها في مملكتنا الحبيبة.

– متاحف الأندية الرياضية

عشاق الساحرة المسديرة كرة القدم، يعتزون كثيرًا بملاعب أنديتهم التى يشجعونها، ويحفظون عن ظهر قلب تاريخ كل بطولة، وكل لاعب مميز، أثر أو تسبب فى مكسب مهم لفريقه؛ لذا يهتمون كثيرًا بكل تفاصيل وتاريخ أنديتهم، وعليه يحبون من وقت لآخر مشاهدة النسخ الأصلية من كأس تتويج أو ميدالية تفوق فريقهم، وتعد هذه حالة متميزة توثق تاريخ كرة القدم، وأبرز الأحداث التي مرت بها على مر.

 فمتاحف كرة القدم فى العالم أحد المعالم السياحية التوثيقية التى لا تقل أهمية عن غيرها من المتاحف الأخرى، وتضم أوروبا وأمريكا اللاتنيية عددًا كبيرًا من المتاحف لأهم المنتخبات والمنظمات والأندية وأقوى البطولات فى العالم.

– متحف الفيفا بسويسرا

يعتبر المتحف الأهم على قائمة المتاحف الأوروبية لكرة القدم. فجولة واحدة بداخله تروي لك تاريخ اللعبة الأكثر شعبية في العالم، منذ بدايتها في القرن العشرين- إلى يومنا هذا.

 يحتوي المتحف على كافة كؤوس منافسات كأس العالم، وقطع تذكارية خاصة بكل نسخة من المونديال؛ بدءًا من انطلاقها في 1930. كما ترى هناك وثائق نادرة شكلت تاريخ اللعبة خلال القرن العشرين، ونحو 1000 معروضة حصرية، و500 شريط فيديو يروي قصة تطور هذه اللعبة في العالم كله.

– متحف الكرة البرازيلية

متحف كرة القدم البرازيلية، هو الفضاء الذي يركز على المواضيع الأكثر اختلافًا، التي تنطوي على الممارسة والتاريخ والفصول الرائعة في تاريخ الكرة البرازيلية، التي غزت العالم بروعتها ونجومها الأفذاذ. تم بناء الفضاء الثقافي الرياضي على مساحة 6900 م2 في مدينة ساو باولو، داخل استاد البلدية باولو ماشادو دي كارفالو، باكامبو، في المنطقة الغربية من المدينة. وقد افتتح يوم 29 سبتمبر عام 2008م. وهو واحد من المتاحف  الأكثر زيارة.

الغرض الرئيس للمتحف الترفيه عن الزوار وتقريبهم من تاريخ كرة القدم البرازيلية حتى صارت جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الشعبية عند البرازيليين.

 كما يضم المتحف أول مكتبة عامة متخصصة في كرة القدم في البرازيل.

 – متحف استاد فرنسا

يقع فى أكبر ملاعب فرنسا، حيث يلعب المنتخب الفرنسي غالبية مبارياته المحلية في ضاحية سانت دينيس Saint-Denis التي تبعد 8 كم عن متحف اللوفر الشهير. كما يوجد في فرنسا أيضًا المتحف الوطني للرياضة في مدينة نيس، وإن كان ليس مخصصًا للعبة كرة القدم فقط، لكنه يحتوي على عدد من أثمن القطع الخاصة بتاريخ اللعبة.

– متحف ريال مدريد

يتخصص هذا المتحف في تاريخ النادي الملكي، حيث يمكن للزائر مشاهدة صور أساطير النادي الملكي، وكافة الكؤوس التي حصل عليها اللاعبون على مر التاريخ، بالإضافة إلى عدد من الكرات والأحذية تعود لنجوم النادي السابقين. كما يحتوي المتحف على شاشات تعرض أبرز الأهداف التي سجلها النادي على مر التاريخ. ويبلغ عدد زوار المتحف نحو المليون سائح سنويًا.

– متحف برشلونة

يُعتبر متحف برشلونة واحدًا من أكبر المتاحف الرياضية في أوروبا؛ حيث  تبلغ مساحته 3550 متر مربع، ويقع بجانب ملعب النادي. خلال زيارتك هناك ستحصل على فرصة لرؤية كافة الكؤوس التي حصل عليها النادي في الدوري الأسباني و تشامبيونز ليغ، بالإضافة إلى أعمال فنية لنحاتين ورسامين نشأوا في إقليم كتالونيا. كما يحظى زوار الملعب بفرصة ستسعد قلوب مشجعي النادي الكتالوني، وهي زيارة المنطقة المخصصة للاعبين ودخول الملعب من الممر المخصص لهم، بالإضافة إلى دخول المنطقة المخصصة لميسي

– المتحف الوطني لكرة القدم في مانشستر

يعد من أكبر المتاحف في العالم؛ إذ يتكون من 6 طوابق، ولكل طابق نكهة وروح مختلفة، يحتوي المتحف على عدد من الألعاب التفاعلية وقاعات لاستقبال المشاهير وغرفة بث إذاعي، بالإضافة إلى عدد كبير من القطع الخاصة باللعبة من جميع أنحاء العالم، ومن أشهر معروضاته القميص الذي ارتداه النجم الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا في مباراته الأسطورية ضد المنتخب الإنجليزي في كأس العالم سنة 1986.

– متحف سنغافورة

سنغافووورة 2

تشهد سنغافورة واحدة من أكبر الاحتفالات بكرة القدم، عبر العديد من الأنشطة وعرضها في متحف لكرة القدم.

متحف سنغافورة يضم العديد من الأنشطة الكروية، ويعيد الحضور إلى تاريخ كرة القدم، بداية من كرات كأس العالم منذ 1930، حتى النسخة الحالية الأخيرة التي احتضنتها قطر 2022.

 كما تم تخصيص شاشات من أجل مشاهدة منافسات بطولة كأس العالم، بالإضافة إلى العديد من الأشياء التي ترتبط بذكريات كرة القدم الرائعة من صور ومجلات وتذاكر. إن الرحلة إلى متحف سنغافورة الرياضي تشبة القيام برحلة في الذاكرة، التي لا يجب أن تُنسي.

– متحف بيليه

افتتحت مدينة ساو باولو البرازيلية متحف اللاعب بيليه بعد الإغلاق بسبب جائحة كورونا، وذلك بحضور العديد من الزوار الذين وجهوا التحية إلى رمز كرة القدم البرازيلي الراحل.

 يضم المتحف أكثر من 2500 قطعة مرتبطة بمسيرة بيليه الرياضية، منها جوائز وكؤوس وقمصان وصور له مع قادة العالم والمشاهير.

وبيليه الذي يعتبره الكثيرون أعظم لاعب كرة قدم على الإطلاق، صعد سلم النجومية في نادي سانتوس لكرة القدم، حيث لعب في الفترة ما بين 1956 إلى 1974. وخلال هذه الفترة، قاد بيليه البرازيل إلى الفوز بثلاث بطولات لكأس العالم.

– متحف الكرة الألمانية

يقع المتحف في مدينة دورتموند، وتم افتتاحه عام 2015، ويستعرض تاريخ الكرة الألمانية ومنتخب “الماكينات”.

فبعد كأس العالم 2006 في ألمانيا، قرر الاتحاد الألماني وضع تمويل من أرباح كأس العالم، لإنشاء متحف وطني لكرة القدم الألمانية. وقد تقدمت 14 مدينة ألمانية بطلب لتكون مقراً لموقع متحف كرة القدم الألمانية، ولكن وقع الاختيار على مدينة دورتموند.

– متحف كرة القدم الإنجليزية

يقع المتحف الوطني لكرة القدم في مدينة مانشستر الإنجليزية، ويضم 2500 قطعة أثرية، وما لا يقل عن 140 ألف صورة وملصق ولوحة، معروضة في مبنى كبير من 4 طوابق.

وأغلب المعروضات في المتحف تخص كرة القدم الإنجليزية، لكن هناك أقسام لنجوم أجانب من خارج إنجلترا، أبرزهم الأرجنتيني ألفريدو دي ستيفانو أسطورة ريال مدريد.

– متحف مارادونا

يستعرض المتحف أحذية وملابس دييجو أرماندو مارادونا، أسطورة الكرة الأرجنتينية، ويقع بالقرب من نادي نابولي الإيطالي، الذي يعد مارادونا رمزًا له.

– متحف الكالتشيو

يضم المتحف الواقع في مدينة فلورنسا وسط إيطاليا، مجموعة كبيرة من التذكارات من تاريخ كرة القدم الإيطالية.

ويستعرض المتحف ألقاب منتخب إيطاليا في كأس العالم والأولمبياد وبطولة أوروبا، وقمصان بعض رموز اللعبة مثل” مارادونا وبيليه ودي ستيفانو، بجانب ملابس وشعارات “الأزوري” على مر التاريخ.

– متحف ليفربول

يقع متحف ليفربول داخل ملعبه التاريخي “أنفيلد”، وهو مخصص لاستعراض تاريخ “الريدز” وأمجاده في مختلف البطولات، بجانب مجموعة من قمصان ومقتنيات نجومه السابقين، وعلى رأسهم القائد السابق ستيفن جيرارد المدير الفني لنادي الاتفاق السعودي حاليًا، والمتحف مزود بنظام صوتي لإرشاد الزائرين، تم تسجيله بصوت فيل تومسون، أحد أساطير ليفربول.

ومع انتشار هذا العدد الكبير من المتاحف الرياضية حول العالم؛ ينبغي أن تتجه بوصلة وزارة الرياضة، بقيادة الأمير عبدالعزيز الفيصل، لضرورة إنشاء “المتحف السعودي الأولمبي الرياضي ” ليكون متكاملًا ومجهزًا بشكل حضاري، يحفظ المقتنيات الرياضية الثرية، والمواد الرياضية التراثية، والصور التاريخية، التي تحكي وتوثق تاريخ الحركة الرياضية بالمملكة، لتشجيع السياحة الرياضية من جهة أخرى، وليكون شاهدًا على شغف السعودية الكبير بالرياضة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *