إحدى المقربات مني تعرض إبنها لأزمة قلبية أسأل الله له ولكل مرضى المسلمين الشفاء التام ،أزمة على إثرها لازم السرير الأبيض في مستشفى الملك عبد العزيز بالطائف وبمشاعر الأم المتألمة والقلقة على الإبن البار والقريب من نفسها ،استقبلت اتصالات تتمني له السلامة من كثير من المقربين منها وبعضهم مقربين مني إلا أنه لم يردها اتصالي حيث لم أعلم بما ألمّ بابن العم العزيز -شفاه الله-، فاتصلت عليّ تخبرني وكلها ثقة أن تأخري في السؤال ليس إلا لعدم علمي لهذا اتصلت بي ، تلك الثقة التي جعلتها تقول لا يمكن أن تقصر “أم رعد” في السؤال إلا لعدم علمها هي الثقة التي نتمنى وجودها بين الأهل والأحبة كما أنه راودتني تبريرات عدة لأولئك المقربين الذين قاموا بالواجب ولم يبلغوني فربما حالت بينهم وبين إعلامي بذلك مشاغل لديهم أو ربما اعتقدوا أنني علمت، من يدري ؟
عموماً حالات الثقة وتلمُّس الأعذار ، ما أجملها من حالات بين ذوي القربى وأصدقاء العمر، فهي ثقة لازمة للعلاقات حتى تستمر صحيحة معافاة ، وللود حتى يظل مزهراً مزدهراً بالحياة ، فلو حصل التقصير لا يمكن أن يُفسر بعدم اهتمام أو قلة محبة أو نقص تقدير أو ربما ينتج عنه سوء فهم يؤدي لزعزعة العلاقات أو حدوث سوء في الفهم يؤدي للقسوة.
كان بإمكان قريبتي هذه ،ألا تستفسر عن تأخري في مشاركتها تمنّي السلامة لابنها ،وبدوري أنا لن اتصل لأني لم أعلم مما يثقل النفوس ، ولو اتصلتُ متأخرة قد لا تتقبل معذرتي . وهذا ما يحدث في بعض العلاقات ومع بعض الأشخاص سواء أقارب أو أصدقاء ممّا يبني تفسيرات على المجهول وقد تتسع الفجوة لسبب لا يستحق. لكنها قطعت الشك باليقين فظنها الطيب بي أني لا أتأخر عن واجب ، كما هي ثقتها في محبتي، جعلها تتصل رغم انشغالها ،ورغم قلقها على إبنها، ووجودها معه لتخبرني متسائلة عن عدم اتصالي لتجدني بالفعل لم أعلم.
العلاقات الإجتماعية أشبه بالبنيان تحتاج لصيانة مستمرة كيلا تتصدّع خاصة تلك العلاقات المتينة الضاربة في العمق علاقات الأهل والأقارب وأصدقاء العمر . وقد شبّه الرسول عليه الصلاة والسلام العلاقات بذلك فقال مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كالبنيان …الخ الحديث) ومن أهم وسائل صيانة العلاقات ،عدم التسرع في الأحكام وإعطاء فرصة للتثبُّت والتأكد ممّا يعتري العلاقات من شكوك وسوء ظن .ومن أهم وسائل الحفاظ على العلاقات قوية ومستديمة ، هو إغلاق أبواب النميمة والوشاية ، وافتراض حسن النية:
يقول الله عزّ وجلّ: (ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) ، فعدم التبيُّن والتثبُّت ،يُورِث الندم .وممّا يحفظ العلاقات من الإنهيار والتصدُّع، الوضوح والمواجهة والاعتذار عند الخطأ والتسامح والتجاوز عن الصغائر ومالا يرقى للمظالم.
ومع هذا تظل علاقات ذوي النفوس الراقية ، متسمة بالإحترام والأدب والتفكير الراجح مهّما كانت الخصومات أو الإختلافات. ودمتم.
@almethag