الارتفاع المتزايد في درجات حرارة المدن له تأثير مباشر وغير مباشر على صحة الإنسان. حيث سٌجلت أرقام قياسية من إصابات ضربات الشمس والوفيات المصاحبة لها في العديد من دول العالم وبصفة خاصة في دول أوربا والشرق الأقصى. وقد أوضحت عدد من الدراسات إن معدلات درجات الحرارة في المدن والمناطق الحضرية هي في الغالب مرتفعة مقارنة بمثيلاتها من المناطق الريفية المجاورة، ويعود السبب في هذا الى ما يسمى بظاهرة الجزر الحرارية والتي تتولد من خلال معدلات الامتصاص والانبعاث للطاقة الحرارية للإشعاع الشمسي لمواد البناء والإنشاء. وكما وجد من خلال دراسات تقنيات الاستشعار عن بعد لقياس درجات الحرارة، مدي كفاءة ومساهمة المناطق الخضراء في المدن والمناطق الحضرية لخفض درجات الحرارة والحدّ من معدلات الانبعاثات الحرارية مقارنة بمثيلاتها غير الخضراء. فمن خلال عمليات البخر نتح التي تحدث في النبات واستهلاك الطاقة الحرارية لتحويل الماء من الحالة السائلة الى الغازية لتبريد المجموع الخضري وكذلك ما توفره الأشجار من ظلال والتي تحدّ من ارتفاع درجة الحرارة للأرضيات المنزرعة بها وكذلك من خلال التأثير لديناميكية حركة الهواء والتبادل الحراري في مناطق المسطحات الخضراء، وجد أن جميعها وسائل فعّالة ومستمرة على مدار اليوم لخفض درجة الحرارة في أماكن تواجدها والمناطق المحيطة بها. فمن خلال دراسة حديثة في مدينة طوكيو باليابان، أظهرت نتائج قياسات درجات الحرارة خلال فترة الظهير بفصل الصيف، إن سطح مناطق المسطحات الخضراء أقل بمعدل 19 درجة مؤية عن درجة حرارة الاسفلت المجاورة للموقع وكذلك أقل بمدي 15 درجة مؤية عن درجة حرارة الممرات الخرسانية المجاورة للمسطحات الخضراء، وكذلك أن درجة الحرارة في المنطقة بارتفاع 1 م من المسطح الأخضر تنخفض بمقدار لا يقل عن 2 درجة مؤية مقارنة بالمناطق الأخرى. وكما لوحظ عند عمل القياسات الحرارية المختلفة بعد غروب الشمس تحول مناطق المسطحات الخضراء الى ما يطلق عليه علمياً (جزر التبريد) وهذا على غرار ما ينتج من الاسفلت والمواد الخرسانية من طاقة حرارية. وفي دراسة أخري في نيجيريا لقياس معدل استهلاك الطاقة لفترة 6 أشهر خلال موسم الصيف لمبينين متماثلين (سكن طلابي) أحدهما تم تشجير المحيط الخارجي له والآخر غير مشجر، وجد أن درجات الحرارة التراكمية داخل المبني غير المشجر ترتفع بشكل سريع ويزداد معدل سخونتها مع تقدم اليوم مقارنة بالمبني المشجر ممّا زاد استهلاك الطاقة الشهرية لتبريد المبنى بواقع 218 دولار أمريكي. وفي دراسة أخري في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية لعدد 460 وحدة سكنية، وجد أن زراعة الأشجار في الجزء الغربي والجنوبي من المنازل خفّض من استهلاك فاتورة الكهرباء بنسبة لا تقل عن 5 % بسبب الحدّ من درجات الحرارة ووجود حاجز طبيعي يحدّ من صول الإشعاعات الحرارية الي داخل الوحدات السكنية، بينما زراعة الأشجار في الجزء الشمالي من الوحدات السكنية تسبب في نتائج عكسية وارتفاع معدل استهلاك فاتورة الكهرباء بواقع 1.5 %. أعمال البنية التحتية الخضراء للمدن والتي تتمثل في إنشاء الحدائق وزراعة الأشجار في الطرقات وبداخل الأحياء واستخدام تقنيات أسطح المباني الخضراء، هي وسيلة طبيعية مستدامة للحدّ من ارتفاع درجات الحرارة والحفاظ على صحة الإنسان. وقد أصبحت هناك حاجة لوجود معيار للتوازن الحراري مع الاستمرار في أعمال التشييد والبناء ووجود الإجراءات التصميمية والتركيبة النباتية للحصول على أفضل الممارسات حسب طبيعة المدينة وكثافاتها السكانية والمكانية.