عندما يشعر الشخص بأنه محاط بكل أشكال الفوضى، قد يتساءل عن مصدر الفوضى هل في أفكاره الداخلية أم أنه محاط بفوضى مجتمعية خارجية؟ وقد لا يحدد مصدر الفوضى هل يمكن أن تكون فوضى فكرية أم مجتمعية؟
أدت الفوضى الفكرية الداخلية في الدول التي تشهد صراعات وعدم استقرار إلى اختلالٍ في أداء الوظائف والمهام الموكلة في بناء المجتمع، من خلال الصعوبة في تجميع الأفكار، وضعف القدرة في لملمة المشاعر، والسيطرة على الأحاسيس، وبوجود هذه الفوضى تفقد تهدئة النفسية ولا يحدد الميول، ولا تكبح جماح العواطف، و تشتت الآراء فتضعف القدرات، فلا يتحكم في الأنانية والعنصرية حتى وصلت هذه المجتمعات إلى مرحلة وأمرنا فوضى مع أنفسنا.
كذلك سببت الفوضى المجتمعية لديهم؛ الافتقار من تطبيق النظام العام للمنظومة المجتمعية التي يشترك الجميع فيها، فقد نجد فوضى في توحيد الهُوية السياسية بالطرق الديمقراطية، وفوضى في التكوين المجتمعي حيث تمنع من ممارسة الأدوار الحقيقية في حماية الحرية واحترام الخصوصيات والمحافظة على الاستقرار المُجتمعي، والتعصب القبلي، والتنمر الأسري، والعنف النوعي.
وكذلك فوضى في اكتمال الدائرة الاقتصادية، فهي متدنية من حيث مستوى التنمية الإنتاجية، وفوضى في الحصول على تحقيق الحق الإنساني من الخدمات الصحية التي هي بحاجة أولًا إلى وقاية وعلاج، كما نجد فوضى في مؤسسات التعليم العالي التي أنهكت بزيادة نسبة البطالة عند الخريجين دون مراعاة سوق العمل، كما امتدت الفوضى في صعوبة توفير الملاذ الإسكاني في عدم توفر المباني السكنية والإصابة بحالة من السكون الفكري في الأذهان، كذلك نجد فوضى التلوث البيئي، إذ إن الفوضى لوثت الفكر قبل البيئة هناك ، وأصبحت الحاجة إلى زراعة أفكار عصرية لترشيد الأفكار التقليدية بأفكار تقدمية إنتاجية، وتنتهي الفوضى لتمتد إلى النوع الأكثر خطرًا بأنهم وصلوا إلى فوضى أخلاقية تراجع بسببها الصدق والأمانة، وتقدمت على إثرها المصلحة والأنانية وأصبح الأمر فوضى بينهم.