اجتماعية مقالات الكتاب

رفيق السفر الصالح

بعد فترة انقطعت فيها عن السفر، قررت قضاء إجازتي السنوية في جنوب مملكتنا الحبيبة، وبالأخص في قريتي بمدينة بلجرشي، كنت قد قررت وعائلتي أن تكون رحلة تعافي من دوامة الحياة العملية والمدن والزحام، خصوصاً وأن لدينا منزلاً هناك فلم تكن هناك خطة محدّدة لكيفية قضاء الرحلة أو أين سنذهب كنا سنكتفي بالراحة في البيت.

ورغم أني سافرت كثيرًا سواء داخليًا أو للخارج، لكن أسبوعًا فقط قضيناه في قريتنا وددت لو أنه لم ينته قط، ففي رحلات الاستجمام يجب-بعد اختيار مقر الإقامة المناسب- اختيار الرفيق الذي لا يجعلك تشعر بالملل، فسابقاً كانت رحلاتي برفقة اشخاص مثالية حدّ الهوس، من مكان المبيت الذي يجب أن يكون على درجة عالية من التقييمات، أو الطعام الذي يستنزف نصف مبلغ الرحلة، أو خطط في كيفية قضاء اليوم الذي لم أكن أعود فيه سوى بجسد منهك وشعور بعدم الرضا.

السفر يقتضي أولًا المغامرة أي زيارة كل الأماكن واكتشافها دون تخطيط لبعضها أو الشعور بالتردد والخوف، بدءاً من المعالم المعروفة في تلك المنطقة وانتهاءً بالمشي في الطرقات والأزقة ومخالطة أهلها وتجربة الأكل من شوارعها مع شيء من الحذر في كل ذلك، وهذا ما كنت أفتقده في سفراتي الماضية برفقاء سفر كانوا يتجنبوا خوض تلك المغامرات، بعكس هذه الرحلة التي خضت فيها تجارب عديدة برغم قلة أيامها جعلتني أعود لمدينة سكني وعملي بنفسية سعيدة وبمزاج رائق طيلة الوقت.

فرفيق السفر سواء كان صديقًا أو عائلة يشعرك بحب نفسك أولًا في رحلتك، يساعدك على قضاء أياماً فيها لا تنسى، فعظم رحلات السفرلها أهدافها التي نسافر لأجلها، أغلبها تكون للمتعة والاستجمام، ولهذا حين نختار الرفقاء الذين يشعرونا بتحقيق تلك الأهداف بكل حب وتفاهم، نعود منها بشعور مختلف كلياً نتذكره بعد عودتنا ضمن ذكريات تلك الرحلة.

وهذا ما شعرت به بعد عودتي من رحلتي بأني أحضرت معي ذكريات برفقة عائلتي نتحدث فيها معظم الوقت ونتذكرها ونحن سعداء.

لكن ما فاجأني جدًا خلال رحلتي ، ذلك التطور الذي شهدته منطقة الباحة متمثلة في محافظاتها خلال فترة وجيزة من غيابي عنها، فاتساع الشوارع، وكثرة المنتزهات والحدائق والأماكن العامة التي لا يكفيها أسبوع واحد لزيارتها كلها، بالإضافة لتوفر الخدمات التي تبذلها البلديةعلى مدار الساعة لتحسينها، ما أنعش السياحة فيها وجعلني لا أتعجب من ازدحامها بالمصطافين من جميع أنحاء المملكة، بل وبعض دول الخليج، وهذا أمر جعلني أردد لمن حولي، أن السفر للخارج للبحث عن المناظر الطبيعية فكرة خاطئة، فمملكتنا بها من المناظر الخلابة -ما يغنيني بصورة خاصة- عن البحث عنها في الخارج، فالسفر للخارج يكون للإكتشاف ومعرفة حضارة وتاريخ المكان المراد السفر إليه،وهذا هي فكرتي الدائمة عن السفر إلى الدول الأخرى.

‏‪@i1_nuha

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *