صحيح، تعتمل عميقاً في وجداننا مشاعر حُبٍّ دافَّقة تجاه وطننا العزيز الغالي، يصعب إفراغها في حروف مهّما امتلك الإنسان من ناصية اللغة، لأن الوطن هو الذي دفعنا لهذا طوعاً بما وفَّره لنا من رعاية وحفظ للكرامة وحماية للإستقلال وأمن وأمان واطمئنان واستقرار منقطع، بل رفع رأسنا عالياً بين سائر خلق الله، وبيَّض وجهنا. ولهذا أصاب أخي (دايم السيف) كبد الحقيقة عندما أنشد فينا بكل عزٍّ وفخر:
(ارفع راسك انت سعودي
طيبك جاوز كل حدودي
مالك مثيلٍ بالدنيا
غيرك ينقص وانت تزودي
فارس وأجدادك فوارس
واصبحت لبيت الله حارس
مغروس بالمجد وغارس)
وإذ تفعل بلادنا هذا كله وغيره كثير مما يستحيل حصره، فلأنها دولة رسالة وقافلة خير قاصدة إلى الأبد بإذن الله، ويد خير طولى، تجاوز خيرها (الحدودي) كما أكد أخي الأمير خالد الفيصل. فمنذ أن تم تأسيسها عام 1727م، وهذا هو الأساس الذي نشأت عليه، وقدَّم قادتها الكرام البررة على مر التاريخ، أرواحهم الغالية ودماءهم الزكية ثمناً لتحقيق غاياتها السامية من رعاية للحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وتوفير رعاية فائقة لضيوف الرحمن وخدمة للمواطنين واهتمام بشؤون العرب والمسلمين حيثما كانوا، وقد أكد هذا المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود في أكثر من مناسبة، إذ يقول: (إننا – آل سعود – لسنا ملوكاً، ولكننا أصحاب رسالة).
فبصرف النظر عمَّا تضطلع به بلادنا من أجل راحة مواطنيها وعزتهم وحفظ كرامتهم، وهو بالطبع واجب كل دولة مسؤولة تجاه مواطنيها، لاسيَّما في هذا العهد الميمون الزاهر الذي وفَّرت فيه الدولة حياة سبعة نجوم لكل شرائح المجتمع؛ أقول بصرف النظر عن هذا الواجب، لا تفتأ بلادنا حرسها الله، تحمل همّ العرب والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، بالقدر نفسه الذي تعمل به بجدّ لخدمة مواطنيها؛ بل ربَّما أكثر أحياناً، لأن ذلك هو لُحمة رسالتها وسُداها، التي اختصها الله سبحانه وتعالى بها حين شرَّفها بأن جعل بها أول بيت وُضِع للناس، كما جعل فيها مثوى خاتم رسله وأنبيائه للناس كافة.
وقطعاً ما قامت به دولتنا في هذا الجانب على تعاقب عهودها، وما تقوم به اليوم، أصبح معلوماً لدى الجميع بالضرورة.
والحقيقة الأمثلة على هذا كثيرة، خاصة في عهد هذه الدولة المباركة التي نتفيأ اليوم ظلالها الوارفة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد المكرم الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهدنا القوي بالله الأمين أخي العزيز الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، رئيس مجلس الوزراء -حفظهم الله ورعاهم- وسدَّد على طريق الخير خطاهم.
واليوم في قمة القمم التي عقدت بمدينة جدة في التاسع عشر من هذا الشهر، كانت قضايا العرب والمسلمين حاضرة بقوة، من فلسطين حتى موريتانيا.
أما في جانب الأعمال الخيرية، فكانت قوافل السعودية دوماً أول الواصلين حيثما كان هنالك نداء إستغاثة.
وهكذا تراكم عمل الخير في دولة الرسالة حتى صار عملاً مؤسسياً تحت مظلة (مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية) الذي تم تأسيسه عام 2015 للتنسيق مع المنظمات والهيئات العالمية بهدف تقديم المساعدات للمحتاجين حول العالم، وقدَّم خدماته حتى اليوم لأكثر من أربعين دولة.
واليوم، وأنا أكتب مقالي هذا، تترأس السعودية القمة العربية الثانية والثلاثين التي، كانت قمة القمم بحق، إذ عرض عليها (32) مشروع قرار سياسي، اقتصادي واجتماعي، يناقش كل المشاكل العربية على امتداد وطننا العربي.
وبعد، لا غرو أن يتسابق العالم، حتى دوله (العظمى) لخطب ود السعودية، والتعبير عن ذلك قولاً وفعلاً.
صحيح، الحديث ذو شجون، ولهذا أجدني أختم هنا مردداً مع أخي العزيز (دايم السيف) الشاعر الفحل:
(اقول ارفع راسك انت سعودي)
واليوم أقول: رفعت الرأس يا سعودي.
متمنياً من الإخوة قادة الدول العربية وضع يدهم في يد القيادة السعودية، والعمل معها بروح المسؤولية نفسها، فالعبء ثقيل وإن كانت السعودية أهلاً له. وألاَّ ينسوا أن يد الله مع الجماعة، مبتهلاً إلى الله العلي القدير باسمه الأعظم، أن يجعل رأس ولي أمرنا مرفوعاً عالياً إلى الأبد، وكذلك رأس ولي عهدنا، مثلما رفعوا رأسنا وبيّضوا وجهنا، وملؤنا بالفخر والإعتزاز.