المحليات

إعلان جدة.. خارطة طريق للخروج من الأزمة السودانية

البلاد – جدة

في التعامل مع الأزمات، عادة ما تترجم النتائج الإيجابية الطيبة، مقدماتها الجادة والجهود المخلصة، خاصة في أزمة؛ كالتي يشهدها السودان الشقيق، وسط قلق واهتمام دولي وإقليمي واسع، فكانت المملكة بقيادتها الرشيدة، حفظها الله، وكما هو نهجها الحميد ومواقفها المشرفة الوجهة المؤثرة، ومركز الجهود الكبيرة لحلحلة تلك الأوضاع الخطيرة، والعمل على إطلاق مسار تفاوضي تمهيدي بين وفدي القوات المُسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع، فجاء “إعلان جدة ” ترجمةً للجهود والمساعي الحميدة من المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية؛ انطلاقًا من حرصهما على تجنيب جمهورية السودان مآلات الوضع المُتفجر.

يشكل الإعلان الختامي لمباحثات جدة التمهيدية، الذي تم التوقيع عليه بين طرفي الصراع في السودان خارطة طريق مُثلى؛ للخروج من الأزمة الحالية وتبعاتها، ويعود ضمان نجاحه في مدى التزام الطرفين بما تضمنه من خطوات أولية؛ تهدف إلى وقف الأعمال العسكرية مؤقتًا وبناء الثقة واعتماد الحوار سبيلًا لحل الإشكالات القائمة لحقن الدماء، وهذا جانب مهم يؤكد عِظم المسؤولية على طرفي الأزمة لإنقاذ السودان من منزلقات خطيرة تستوجب الالتزام التام عمليًا بما تم التوقيع عليه من قبلهما، عقب مباحثات جدة، بما يُمهد الطريق أمام إحراز تقدم إيجابي في الأزمة الحالية، وصولًا إلى عودة الحوار السياسي، الذي يُعيد للسودان أمنه واستقراره ويحافظ على سلامة مؤسساته وترابه وقراره.

التزامات مهمة
حظي “إعلان جدة” باهتمام واسع داخل السودان، وعلى المستويين الإقليمي والدولي، لأهمية هذه الخطوة والرعاية السعودية الأمريكية لها، باتجاه وقف القتال بين طرفي الصراع، وحقن الدماء، والتزام حرصهما على مصالح بلدهما، حيث ورد في هذا البند: ” نتفق على أن مصالح وسلامة الشعب السوداني هي أولوياتنا الرئيسية ونؤكد التزامنا بضمان حماية المدنيين في جميع الأوقات، ويشمل ذلك السماح بمرور آمن للمدنيين لمغادرة مناطق الأعمال العدائية الفعلية على أساس طوعي في الاتجاه الذي يختارونه.

أيضا تأكيد الطرفين على مسؤوليتهما عن احترام القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.. وانطلاقًا من ذلك أبديا التزامًا يتضمن التمييز في جميع الأوقات بين المدنيين والمقاتلين، وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، والسماح لجميع المدنيين بمغادرة مناطق الأعمال العدائية وأي مناطق محاصرة طوعًا وبأمان.

كما أبدى الطرفان الالتزام بحماية الاحتياجات والضروريات التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، والتي يمكن أن تشمل المواد الغذائية والمناطق الزراعية والمحاصيل والثروة الحيوانية. كما يُحظر النهب والسلب والإتلاف، والالتزام بالإجلاء والامتناع عن الاستحواذ واحترام وحماية كافة المرافق الخاصة والعامة؛ كالمرافق الطبية والمستشفيات ومنشآت المياه والكهرباء، والامتناع عن استخدامها للأغراض العسكرية، واحترام وحماية وسائل النقل الطبي، والامتناع عن أي شكل من أشكال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة.

العمليات الإنسانية
ومن البنود المهمة على الصعيد الإنساني والإغاثي، اتفق الطرفان على ضرورة السماح باستئناف العمليات الإنسانية الأساسية وحماية العاملين والأصول في المجال الإنساني، ويشمل ذلك احترام المبادئ الإنسانية الأساسية، المتمثلة في الإنسانية وعدم التحيز والحياد واستقلال العمليات الإنسانية، والسماح بالمرور السريع للمساعدات الإنسانية دون أي عوائق وتسهيله، بما في ذلك المعدات الطبية والجراحية، وضمان حرية الحركة للعاملين في مجال الإغاثة التي تعد لازمة لأداء مهامهم.

إن هذا الإعلان وما يرتبط به من آمال صادقة، يجسد الجهود المخلصة للمملكة انطلاقًا من مكانتها وسعيها الدؤوب لإخراج السودان الشقيق من محنته، ويدلل على أهمية المبادرة السعودية الأمريكية التي أثمرت مفاوضات جدة التمهيدية، وما أكدت عليه الرياض وواشنطن بأن هذه نجاح هذه الخطوة التي انتظرها الشعب السوداني الشقيق ومعه العالم منذ بدء الأزمة ، يتوقف على مسؤولية التزام طرفي الصراع بما ورد في الإعلان، ليستعيد السودان وشعبه استقراره ودوره على كافة الأصعدة، وحماية شعبه العزيز ومقدراته وتحقيق تطلعاته في حاضر تتوفر له مقومات الاستقرار، وتطلعاته نحو مستقبل واعد من النماء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *