البلاد ـ العلا
تكتنز العلا بين تضاريسها مجموعة من أهم المواقع الأثرية في شبه الجزيرة العربية، ومزيج فذٍّ بين جمال الطبيعة من جبال ووديان، وتاريخ يعود إلى آلاف السنين، لتصبح سجلاً للحضارات وحاضنة تاريخية للنقوش القديمة الموجودة على متون جبالها بخطوط مختلفة، ضمت النبطية واللحيانية والدادانية والثمودية والمعينية.
بالإضافة إلى الخطوط العربية والنقوش الإسلامية، مشكلة مزيج فريد بين الطبيعة والتاريخ، ومن المواقع الأثرية المتفردة في محافظ العُلا قلعة موسى بن نصير التاريخية أو “قلعة العُلا”، التي تقف شامخة لتحكي مكانة محافظة العُلا التاريخية على مر العصور، واحدة من أقدم القلاع في المحافظة التي أنشئت في القرن السادس قبل الميلاد، حيث روعي في بنائها أن تكون في موقع مرتفع يتوسط بيوت أهالي البلدة القديمة، التي تتكون من 900 بيت، بهدف حمايتهم، والإشراف على الطريق الرئيس لقوافل الحج.
كما يعود سبب تسميتها بهذا الاسم، حسب ما ذكر بعض المؤرخين، بأن القائد العربي المسلم موسى بن نصير أقام فيها، ولذلك سمّيت باسمه، حيث يُعدّ موسى بن نصير من أهم القادّة العسكريين في عهد الخلافة الأموية، وشارك في العديد مِن الفتوحات الإسلاميَّة، والغزوات، وعُرِّفَ بالشجاعة والإقدام.
وتتكون القلعة من الحجار الرملية، وسور خارجي يُحيط بقمة الجبل، فيه عدد من فتحات المراقبة والرماية، وتبلغ مساحتها قرابة 180 مِتْراً مُرَبَّعاً، وارتفاعها 45 مِتْراً عن مستوى البلدة القديمة، ويمكن الصعود لها عبر درج حلزوني يحوي أكثر من 300 درجة من الحجارة المرصوفة بإتقان جُمعت من المناطق المحيطة.
ومرّت القلعة بمراحل تجديد عديدة عبر العصور، وفي الوقت الحالي تعمل الهيئة الملكية لمحافظة العُلا، على تأهيلها مجدداً، بإشراف عدد من الخبراء في مجال الآثار، راعوا أثناء التنفيذ أن تكون بمواد طبيعية، وفق طريقة البناء المعروفة قديماً، مع الحفاظ على الهوية المعمارية، وفقًا لمبادئ اليونسكو والمعايير الدولية لصيانة وترميم الآثار والمواقع.
يشار إلى أن محافظة العُلا، أَيْضاً تضم معالم تاريخية إنسانية، يظهر من بينها موقع “الحِجر “الذي بنته إبداعات الحضارة النبطية، وسُجِّل الموقع بوصفه أول موقع تراث عالمي لليونسكو في المملكة العربية السعودية، وتضم كذلك مملكتي لحيان ودادان الأثريتين خلال زمنين متعاقبين، في المدة ما بين القرن التاسع قبل الميلاد، حتى نهاية القرن الثاني أو بداية القرن الأول قبل الميلاد، إضافة إلى “البلدة القديمة”، التي كانت ملتقى قوافل الحجاج منذ أكثر من ألف عام. واجتمعت في “العُلا” عوامل الجذب التاريخي والجغرافي، فهي واحدة من أهم الأماكن الأثرية في العالم التي تحكي معالمها تاريخ حضارات إنسانية، وتمتاز بجمال طبيعي وتراث إنساني نوعي، يجعلها في مستهدف رئيس أكبر متحف حي في العالم، ولتوفر وجهة فريدة تجربة سياحية عالمية مميزة وفق ما تعمل عليه الهيئة الملكية لمحافظة العُلا.