كنت مع أحد أصدقائي في رحلة خارجية وكنا نتحدث بألم عن أوضاع العمل وكيف هو مزعج ومرهق ومليء بالعقبات .وفي هذه الأثناء وصلني خبر ترقيته إلى وظيفة مرموقة وسعدت أنني أول من يزفّ إليه الخبر. وعندما علم بذلك ، وضع يديه داخل جيوب بنطاله واعتدلت قامته وتغيّرت ملامح وجهه فأصبحت أكثر إشراقا ورأيت في عينيه بريقاً نفّاذاً وتغيرت نبرات صوته وأصبحت كلماته أكثر تفاؤلاً وحماساً وأملاً وتطلعاً الى مرحلة مشرقة في العمل . ليس ذلك فحسب بل إنتقلت عدوي تلك المشاعر والأحاسيس الى نفسي أيضا .
هذا الخبر كان كافياً لإفراز شلال من هورمون الدوبامين في دماغه بوصفه المسؤول عن الجوانب البيلوجية للموصِّلات العصبية التي تساعد على جلب الشعور والإحساس بالسعادة والتفاؤل وتحّسين الذاكرة وتنظيم إيقاع المزاج والمساعدة على النوم العميق الهادئ وجلب أنماط السلوك الإيجابية الخ ..ولكن إيقاع الحياة وظروفها بإيجابياتها وسلبياتها لا تمنح الإنسان الكم الكافي والمتواصل من التكريم الذي يفرزه الدوبامين في الدماغ حتى يعيش هانئ البال مرتاحاً وسعيداً وإيحابياً فيما يؤديه من نشاطات ووظائف في الحياة ولذلك يجب على الإنسان أن يكافئ نفسه على الدوام .
ولهذا نشاهد التعلّق الشديد للكبار والصغار بمواقع التواصل الإجتماعي والألعاب والمسابقات الإلكترونية وصور السيلفي بهدف البحث عن مديح أو كلمة طيبة أو إنجاز وتفوق .
كل ذلك سيعطينا جرعة مكثّفة من ذلك الهورمون السحري والذي مع كثرته يمكن أن يتحوّل الى إدمان وتكون له مضار شديدة .
يقول صديقي الأستاذ حسن الطيب أحد التنّفيذيين الكبار في الخطوط السعودية سابقاً إن أستاذه الجامعي بعد أن إستكمل طباعة كتابه عن :” مكافأة النفس ” ،ذهب إلى البقالة واشتري تفاحتين وشموعاً له ولصديق مقرّب جداً منه واحتفلا تلك الليلة بأكل التفاحتين بمناسبة هذا الإنجاز العظيم مكافأة لنفسه .
وأخيرا ، مكافأة النفس ليست بالأمر المرهق أو الصعب بل هي أبسط الأشياء المحبّبة الى النفس كحضور حفل موسيقي أومشاهدة فيلم سينمائي أو القيام برحلة برية أو بحرية أو دعوة صديق أو قضاء يوم في ممارسة هواية خاصة أو حتي ممارسة التأمل والنوم العميق .