اجتماعية مقالات الكتاب

الأدب والإنسان

هناك مقولة شائعة للفيلسوف والمفكر العربي الكبير عبد الوهاب المسيري مفادها أن الأدب (الشعر والقصة وتوابعهما) يكاد يكون التخصص الوحيد الذي يتعامل مع الإنسان على أنه إنسان.

تقترب هذه المقولة من الصحة عندما نطيل النظر في حملة الكراهية والإساءة التي يشنّها الشاذّون في العالم الغربي ضد الكاتبة الشهيرة، صاحبة هاري بوتر، جي كي رولينغ والتي تنتمي لنفس الفكر والثقافة الغربية التي يحملها هؤلاء، بل ويمكن أن نقول أيضاً نفس اللون الذي تحمله وهو العنصر الأبيض.

بدأت مشكلة هذه الكاتبة في عام 2019م واستمرت حتى هذه اللحظة مع هؤلاء الشذّاذ عندما كتبت تغريدة في تويتر تعبّر فيها عن دعمها لفكرة عدم تغيير الجنس الطبيعي الذي وُلِد عليه الإنسان لأنها تعتقد أن هؤلاء المتحوّلين أو الشاذّين ينتهكون خصوصية المرأة ويضايقونها في أماكنها الخاصة كالسجون ودورات المياه في الأماكن العامة على سبيل المثال لا الحصر.
لا شك أن هذا الإتجاه الذي أخذته رولينغ ،هو اتجاه يصبّ في مصلحة الإنسان في نهاية الأمر والذي نبع من إمتهانها للأدب من خلال القصة أو الرواية التي عرفها الناس من خلالها.

الأدب يساعد على صناعة المعنى الذي يضيع عندما ينتشر في المجتمع مثل هذه الظاهرة الشاذة التي تعادي الإنسان وتقوّض فطرته التي فطره الله عليها.

بدأت حملة شرسة ضد هذه الكاتبة تتهمها بالعنصرية وانتهاك حقوق الإنسان ووصل الأمر إلى تهديدات بالقتل بلغت من الكثرة إلى الدرجة التي قالت فيها هذه الكاتبة أنه يمكن تغطية جدران المنزل بها. وقد اتصلت بالفعل بالشرطة بعد أن وضع أحدهم عنوان منزلها في تويتر. ولم يكتف هؤلاء بذلك، بل طالبوا بمقاطعة أعمالها وأي شيء يرتبط باسمها.
المفارقة الساخرة هي أن أبطال سلسلة هاري بوتر الشهيرة التي صنعتهم منذ أن كانوا أطفالاً إلى أن أصبحوا راشدين وأغنياء بسبب تلك الأدوار التي لعبوها في قصصها الشهيرة ، قد هاجموها بسبب موقفها هذا ووقفوا في صفّ أعدائها ومن هؤلاء دانيال رادكليف الذي لعب دور هاري بوتر، وإمّا واتسون التي لعبت دور هيرمايني في جميع أفلامها السبعة التي بدأت في الظهور منذ عام 2001م وحتى عام 2011م.

لكن هذا لم يوقف هذه الكاتبة من متابعة التعبير عن رأيها ضد هذا التيار الجارف في الفكر الغربي وأصرّت على المضي قدما في التعبير عن رأيها دون أن تتأثّر أعمالها الروائية والسينمائية والتلفزيونية إذ إنها خلال المستقبل القريب ستتحوّل رواياتها السبع إلى مسلسل تلفزيوني في سبعة مواسم.

ربما تكون هذه الكاتبة هي الأفضل في تاريخ الأدب من حيث أرقام المبيعات التي وصلت إليها إذ باعت 500 مليون نسخة من كتب سلسلة هاري بوتر السبعة، وتفوقت في ثروتها على الملكة إليزابيث بعد أن كانت لا تستطيع شراء حليب لإبنتها.
تشير إحصائية الصندي تايمز في عام 2021م إلى أن ثروتها زادت خلال الأزمة التي تعرضت فيها إلى الإساءة والتجريح والمقاطعة ووصلت إلى 850 مليون جنيه إسترليني مع سجل تبرعات مليونية كبيرة لمنظمات خيرية.
الأدب هو أقرب التخصصات إلى الحياة التي نعيشها والإنسان الذي يحترم ويتعاطف مع أخيه الإنسان.

khaledalawadh@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *