متابعات

الهند وطناً ثاني أقدم مسجد في العالم

نيو دلهي : البلاد

  أن مسجد شيرامان ( Cheraman  ) في منطقة كودونغالور تابعة لولاية كيرلا في جنوب الهند يعتبر أقدم مسجد في شبه القارة الهندية بل يعتبر أيضاً ثاني أقدم مسجد في العالم ويزعم أنه تم بناء المسجد في عام 629 م أي أثناء حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويُعد جزءاً لا يتجزأ من التاريخ الثقافي الغني لولاية كيرلا والذي يجسد حرية حركة الثقافات في الهند القديمة.

يقع مسجد شيرامان على طول طريق شبه ريفي هادئي ولا يوجد دليل واضح عن آثاره العظيمة وللوهلة الأولى ، قد يبدو الأمر غير معتاد لأنه ليس كمسجد تقليدي بقباب ومآذن وهو لا يبدو أكثر من منزل تقليدي تجد في جميع أنحاء كيرلا بسقف مبلط وأبواب خشبية ومزخرفة وبداخل المسجد تجد القبلة نحو الكعبة المشرفة وسجاد الصلاة مثل المساجد الأخرى.

 ومن جهة ثانية ، كانت منطقة كودونغالور في جنوب الهند مركزاً تجارياً للعالم بالحركة بسبب موقعها بالقرب من الميناء القديم ” موزيريس” يعود تاريخه إلى القرن الرابع قبل الميلاد حيث كان سوقاً حيوياً للتجارة مع الشرق والغرب ويعتبر بوابة الهند للثقافات والشعوب المتنوعة وبالتالي يظهر كمهد لعدة حضارات في حين أن مملكة شيرا (Chera kingdom ) كانت تروج التجارة مع الشرق الأوسط وأوروبا منذ عصر هارابان ( Harappan  ) وهم كانوا يتاجرون تقريباً كل شيء بدءاً من التوابل حتى الأحجار الكريمة.

يذكر أن الفلفل الأسود الهندي كان محشو في موميا الفرعون المصري الشهير التي يبلغ عمرها 3000 سنة وتفيد التقارير أن قصور نبوخذناصر Nebuchadenazzar ( القرن السابع قبل الميلاد) ومعبد زيغورات “أور” (Ur) في بلاد ما بين النهرين ( العراق ) حالياً من القرن السادس قبل الميلاد كانا يستخدمان خشب التكوية (  teakwood) من جنوب الهند وكان لدى بحارة العرب علاقات تجارية وثيقة مع ملوك شيرا حيث لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لإنتشار النبأ في مالابار عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام فقام مجموعة من العرب بقيادة الشيخ صاحب الدين المدني بزيارة ولاية كيرالا وهم طلبوا الإذن بالرسو في الميناء.

كما اشار التاريخ إلى أن الملك تأثر بشخصية الشيخ المدني والذي أعرب عن رغبته الشديدة أن يلتقي بالنبي الكريم ثم بعد ذلك اعتنق الملك الإسلام امام النبي صلى الله عليه وسلم وأدى الحج وكان الملك في طريقه العودة مع الفريق لنشر الإسلام في كيرالا ولكنه تعرض للمرض أثناء الرحلة وتوفى ودُفن شيرمان في ظفار ( الآن صلاصة ) في سلطنة عُمان لكنه ترك رسالة لأبنائه استقبال فريق المبشرين وتقديم لهم كل التعاون اللازم .

أصلاً تم تسليم رسالته في النهاية إلى أقاربه وهم حكام مالابار الحاكمين عن طريق اصدقاء مالك بن دينار ومالك بن حبيب الذين زارا كودونغالور مع رفاقهما منحهم حكام المحليون إذناً ببناء مسجد في المنطقة حيث لاحظت الباحثة أنجالي موهان العاملة على كتاب يسمى ” جامع شيرامان جمعة مسجد : التاريخ والثقافة ” علماً أنه على الرغم من بعض الخلافات حول صحة قصة التحول لا يوجد هناك أي اعتراض تثير الشكوك حول التفاصيل.

من المعلوم أن مسجد شرمان يتميز أيضاً من مساجد خاصة تفتخر بوجود رخام أبيض خاص يعتقد أنه تم جلبه من مكة المكرمة حيث تولى مشروع التراث الموزاري ( MHP  )  مهمة تجديد مسجد شيرمان في محاولة لإستعادة الهيكل التراثي افتتحه الحاكم عارف محمد خان مشروع اعمال التجديد في 10 نوفمبر 2019م علماً أن المسجد قبل التجديد فقد بعض النكهة الكلاسيكية الفريدة من نوعها بسبب اضافة بعض القباب والمآذن في السبعينات والتسعينات حيث اعتمدت حكومة ولاية كيرالا مشروع التراث الموزاري كجزء من محاولة الدولة للحفاظ على ثقافتها القديمة فلا شك فيها أن استمرار وجود المسجد يعتبر بمثابة شهادة على التراث الثقافي الغني في كيرلا وأهمية الحفاظ عليه للأجيال القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *