عندما نقول إن الاختلاف في وجهات النظر لا يُفسد للود قضية ، نحن بذلك نؤكد أن هناك بوادر ترسبات سوف تبني أسواراً ضخمة من الدوافع في النفس البشرية نتيجة التفاعل المباشر مع ذلك الاختلاف سواء كان النقاش حاداً أو هادئاً نوعاً ما لنصل في كلتا الحالتين إلى قراءة نوايا من يختلف معنا بطريقة أو بأخرى.
فالبعض يبحث عن أساليب التأثير بالمنطق والفلسفة، والبعض الآخر يسعى إلى امتلاك استراتيجية الإقناع بالأدلة والبراهين، وهناك من يتجنب الخوض في متاهة الأخذ والرد ليس من باب ضعف الحجة بل من أجل احترام الرأي الآخر، باعتبار أن هناك أموراً ليس بالضرورة أن نصل فيها إلى نقطة التقاء بحكم أن المبدأ مختلف أصلاً ولا ضرورة إلى التكيف مع معطياته ،
في حين يظل الاستمرار والتكرار لنوع معين من الخبرات هو الأساس في تكوين العاطفة حسب ما يظهر من الاستعداد الوجداني الذي يدفع صاحبه إلى القيام بسلوك يرى أنه الأصلح ، فمثلاً ردود الفعل الغاضبة التي تُضاف من القراء عبر (أضف تعليق) وكأنها أيقونة تفريغ شحنات سالبة تحتفظ بالموجب منها بعض الإضافات تجاه موضوع ٍنسجت تفاصيله أفكار كاتب حدد الهدف بدقة وأراد إيصال فكرة معينة بطريقته الخاصة، ورسم ملامح مقاله بأبعاد تُسلط الضوء على ما شعر بأنه ذو أهمية، وبلور وجهة نظره التي قد لا تتفق مع أحدهم بشيء من الدبلوماسية.
كل أولئك الذين لا يتمتعون بكبح جماح الغضب وضبط النفس ولا ينتمون إلى البيولوجية الإنسانية، يرتكبون الأخطاء في حق الغير ويصرون على الانتقام وخلق أجواء من القلق والتوتر وعدم التكيف والانسجام حيث الإصرار على استمرارية الخطأ وتجنب الاعتذار حتى لا يمس الكرامة شيء من العتب، وفي كثيرٍ من الأحيان تشاهدهم يتمتعون بتصفية الحسابات دون أرق، فلا احترام ولا تقدير ولا حنين إلى صحوة الضمير، وإذا أردت مواجهة أحدهم بالحقائق وطرحت عليه بعض الأسئلة التي تُثير المخاوف يُجيبك: أنا لست ملاكاً حتى أتعامل بمثالية مطلقة، أنا إنسان.
بالرغم أن الله كرم الإنسان على سائر المخلوقات وتوج ديننا الحنيف تعاملاته بكل رُقي، وماذا إذن؟ يا من تؤكد أنك إنسان. أين موقع علاقاتك الإنسانية من الإعراب لديك في جملة تصرفاتك التي قسوت بها على من حولك؟ نترك المكنونات النفسية الصريحة تقرأ ملامح الأعماق في نطاق العيش بالواقع المحسوس.
قطرة:
إن الاتصال في العلاقات الإنسانية يتشابه بالتنفس للإنسان، كلاهما يهدف إلى استمرار الحياة.
( فرجينيا ساتير)
tsfhsa@