اجتماعية مقالات الكتاب

سياحة شتائية

تركب سيارتك وتأخذ الطريق المتّجه من محافظة الأسياح نحو الشرق إلى مدينة قبة ثم تمرّ عبر الطريق البرّي الذي يتقاطع بالقرب من قرية سامودة مع قطار البضائع الذي ينقل المعادن من منجم حزم الجلاميد ومنجم الزبيرة إلى معامل التكرير في رأس الزور شمال مدينة الجبيل. ثم تأخذ الطريق الاسفلتي الذي ينقلك بعد سامودة إلى مناطق الربيع في الشمال حيث يدخل عبير الخزامى إلى سيارتك وتملأ عينك المروج الخضراء والزرقاء التي تمتد نحو الأفق يميناً حيث الطبيعة الجبلية لأودية وتلال منطقة “المحوى” نحو اليمين وصحراء الدهناء الفاتنة نحو اليسار.

الطريق ذو المسار الواحد يعجّ بمئات السيارات التي تسلكه ذهابا وإيابا متنقّلين فيه بين قرى صغيرة مثل الحدقة ورغوة ومروراً بمدينة لينه الهادئة على ضفاف صحراء الدهناء التي تنتهي تقريباً هنا، ثم إلى الطريق نحو رفحاء والعويقيلة وعرعر شمالاً. جنباً إلى جنب مع العدد الهائل من السعوديين، يلفت انتباهك مئات السيارات الكويتية والقطرية التي ترتاد هذا الطريق بكثافة إلى الدرجة التي تعتقد فيها أنك بالقرب من مركزي حدود الرقعي بالقرب من الكويت أو مركز سلوى بالقرب من قطر في حين أنها تبتعد مئات الأميال عنهما. ماذا هناك؟ وما سر هذه الإقبال الكبير الذي تراه الآن في كل ناحية من هذا الطريق؟

شيئان مهمان جذبا هذا العدد الكبير من الجمهور في الخليج العربي هما الكمأ (أو الفقع كما يُسمّى محلياً) الذي بدأ بالظهور وانتشر الآن، والعنصر الآخر المهم وهو اللون الأخضر والأزرق الذي ملأ هذه الأمكنة وحوّلها إلى مناظر جميلة تجذب هواة الرحلات والمتنزّهين الذين يبحثون عن الاسترخاء بعيداً عن ضجيج المدن وضوضائها.

تحوّلت مدينة لينة التاريخية الصغيرة، التابعة لمحافظة رفحاء وتبعد عنها 100 كم تقريباً إلى الجنوب منها، إلى مدينة صاخبة حيث سوق الكمأ الذي ملأ الشارع الرئيس فيها بالسيارات بسبب الإقبال الكبير من الزوّار على شراء هذا الفطر النادر الذي يبدأ بيعه صباحاً ويصل إلى ذروته مع ساعات الغروب.

هذا العدد الكبير من الزوار خلق موسماً نادراً وسوقاً رائجة للكثير من النشاطات التجارية التي يحتاجها هذا النوع من الزوّار مثل المخيّمات ذات الخدمات الأساسية والتي يحتاجها الزوّار وخاصة العائلات إذ إنه يندر وجود شقق وفنادق خدمية قريبة من المكان.
كما أن هذا العدد الكبير فرض الحاجة الملحّة لتوفير خدمات النظافة وإزالة النفايات من قبل البلديات المشرفة على المكان إذ يبدو أن الحاجة قائمة إلى توفير هذه الخدمة على فترتين في اليوم الواحد.

بقي شي آخر ملفت للانتباه وهو الحاجة هنا إلى استغلال هذا العدد الكبير من الزوار من داخل المملكة ودول الخليج في ترويج السياحة هنا بالمملكة بإقامة المشاريع الموسمية وتقديم الخدمات التي يحتاجها الزوار. وقد أحسنت هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله صنعاً في إقامة فعاليات شتاء درب زبيدة في سوق لينة التاريخي.
في المملكة مقوّمات سياحية جذّابة كبيرة تنتظر الاستغلال.

khaledalawadh@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *