اجتماعية مقالات الكتاب

أول بينالي للفنون الإسلامية.. فخر للمسلمين

لم نكن نستشعر جمال تفاصيل صالة الحجاج في مطار الملك عبدالعزيز بجدة حتى الآن، عندما يستضيف البينالي أول معرضٍ للفنون الإسلامية في العالم هذا العام تحت عنوان “أول بيت”.

سعدت بحضور الافتتاح المليء بالاحتفاء، الذي جمع عدداً كبيراً من الشخصيات في الوسط الفني المحلي والدولي. إن تنفيذ المعرض في المكان الواسع لتحويله إلى مساحة ثقافية هائلة أبرزت هيبة الصالة، التي صممها المكتب الهندسي الأميركي” سكيدمور أونز أند ميريل”.. والتي حازت على جائزة” آغا خان” الهندسي في عام 1983م.

إن اختيار الموقع لإقامة هذا المعرض الضخم يرمز إلى التقاء الناس من أنحاء العالم لبدء رحلتهم الروحانية عند بوابة الحرمين.
لا شك أن تنظيم المعرض يتمتع بمستوى عالمي لم نكن نراه من قبل في المشهد الفني في المنطقة. لقد زرت العديد من معارض الفنون الإسلامية في متاحف مختلفة حول العالم؛ مثل متحف اللوفر في باريس، وقسم الفن الإسلامي في متحف فيكتوريا وألبرت بلندن، ومتحف الفن الإسلامي بالدوحة، والمجموعات الفنية المتنوعة في متاحف إسطنبول، ولكن ما يميز معرض البينالي في جدة، هو أنه يقدم الأعمال بطريقة غير تقليدية، وليس بحسب التسلسل التاريخي، فهناك أعمال فنية معاصرة، مع آثار تاريخية قديمة بجوارها. طريقة تصميم الصالات ليست لعرض الأعمال الفنية فقط، وإنما تخلق تجربة فريدة من نوعها من خلال مسار يمشي به الزائر بهدف تحريك المشاعر الوجدانية لاستشعار جمال الفن، بالإضافة إلى استحضار جمالية الطقوس الدينية والعبادات. إن المزيج بين الفن والروحانية أدى إلى تصميم مبتكر للتعرّف على الدين من منظور مختلف، فأغلب الناس عندما يُقدمون على العبادات؛ مثل الوضوء والصلاة وسماع الأذان، فليس بالضرورة أن يركز على الجانب الجمالي في المعاني ودلالتها.

استطاع الفنانون أن ينقلوا مفاهيم وطقوساً بشكل مرئي من خلال الوسائل المختلفة من مواد وإضاءات وألوان ومؤثرات صوتية مع إدخال عنصر المفاجأة في رحلة الزائر؛ بهدف التأمل وإثارة الدهشة.

من أروع المقتنيات والقطع النادرة؛ المصاحف النادرة وأول باب للكعبة في الدولة السعودية والمنسوجات والستائر التي صنعت للحجرة الشريفة في الحرم النبوي.

إن الفن الإسلامي يعكس ثراء المجتمعات المسلمة المتنوعة: العربية والشرقية في عصور مختلفة، فالزائر المسلم يشعر بالفخر، في حين يتعرف الزائر غير المسلم عليها باحترام وتقدير.

إن الفن مساحة حرة للتعبير- ليس فقط للفنان، بل للجمهور أيضاً؛ حيث إن كل إنسان يتفاعل ويرى الفن بشكل مختلف عن الآخر. وجود تجربة كهذه يوقظ لدينا الفضول وحب الاستطلاع، فهناك معلومات كثيرة قد لا نعلمها من التاريخ الإسلامي ومع اكتشافها في المعرض قد يدفعنا الإلهام نحو البحث والمعرفة خارج النطاق التقليدي. كما أنها منصة للفنانين من جنسيات مختلفة تعزز التبادل الثقافي والفكر يبينهما.

نجح هذا المعرض في تقديم تجربة جميلة، وتروية عطشنا الثقافي في وقت نرى افتقاراً فنياً وتاريخياً في المنطقة- للأسف- بعد هدم متاحف سوريا والعراق، واستهداف متحف القاهرة في عام 2014م.

layanzd@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *