المقصود بتنظيم الأسرة هنا هو التحكم في مواعيد وعدد مرات الإنجاب، لتتناسب مع ظروف الأسرة وصحة الأم ومسؤولياتها نحو كل طفل من أطفالها، إن مسؤولية الأبوين عن أبنائهم تتعدى مسؤولية إنجابهم إلى تأمين الحياة السليمة لهم، بتأمين صحتهم ودينهم، بل وحتى مستقبلهم بعد ارتحال الأبوين، الحديث الذي يشمل نصيحة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: إنك أن تذر أهلك أغنياء خير من أن تذرهم فقراء يتكففون الناس، فقد نهى رسول الله سعداً أن يوصي بأكثر من ثلث ماله، حتى لا يتضرر ورثته. وهناك إشارات في القرآن الكريم تحبذ تفرغ المرأة لرعاية طفلها (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً ) والآية (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ).
كما أن فهمنا لمسألة الخصوبة يدلنا على أن الإرضاع الطبيعي يقلل كثيراً من خصوبة المرأة، بل إن من تعتمد على الرضاعة الطبيعية فقط دون إدخال غذاء خارجي للطفل يمتنع عليها الحمل لمدة ستة أشهر، وذلك إن لم تحدث الدورة خلال تلك الفترة. نخلص مما أسلفنا إلى أن الامتناع عن الحمل في فترات يصبح ضرورة أكثر منه خياراً. وهذا ما أدى بالناس إلى ابتكار وسائل لمنع الحمل منذ مئات الأعوام. بعض النساء كن يضعن أعشاباً مهروسة يخلطنها بالزيت أو العسل في العضو التناسلي، وفي بعض المجتمعات شاع استخدام نوع من الأعشاب البحرية تشبه الإسفنج، يوضع عليها محلول الليمون حتى تتشبع به، ثم تستخدم لتكون حائلاً يمنع مرور الحيوانات المنوية. كما كان العزل يمارس في المجتمعات الإسلامية المبكرة لمنع الحمل، وفي القرن السادس عشر الميلادي عرف الناس الواقي الذكري.
ومع الوقت زادت الحاجة إلى وسائل أكثر فعالية مما سبق، في بداية ستينات القرن الماضي شاع استخدام حبوب منع الحمل. تعددت موانع الحمل لتكون عالية الكفاءة، آمنة على الصحة، سهلة الاستخدام، كما تستعيد المرأة قدرتها الاخصابية بمجرد توقفها عنها. لذلك فإن مانع الحمل المثالي هو الذي لا يتداخل مع طبيعة الحياة الزوجية وتلقائيتها وتحقيقها للإحصان.