متابعات

الجودة والساعات المحددة تحققان النوم الصحي.. تحذير من السهر والضوء الأزرق

البلاد – ياسر خليل

يلعب النوم دَوْراً رَئِيساً في صحة الفرد وهو بنفس أهمية الأكل والشرب والتنفس، إذ تحتاج جميع المخلوقات الحية إلى النوم، والذي يعتبر الوظيفة الرئيسة للمخ في بداية الحياة، حيث ينتظم بحسب نظامي توازن النوم واليقظة والساعة البيولوجية، وهما ما يفسران اختلافات أنظمة النوم بين الناس، وعند بقاء الشخص مستيقظاً لمدة طويلة، يقوم هذا النظام بتنبيه الجسم بحاجته إلى النوم، ويساعد الجسم على أخذ قسط كاف من النوم خلال الليل ليستعيد نشاطه خلال النهار.


ويؤكد مدير مركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز البروفيسور سراج عمر ولي، أن مركز طب وبحوث النوم هو مركز متخصص في دراسة وتشخيص، ومن ثم علاج اضطرابات النوم السائدة في مجتمعنا، مبيناً أن أهم ما يميز المركز وجوده في مستشفى جامعة الملك عبدالعزيز، ما يتيح للطبيب المعالج الاستعانة بجميع الموارد البشرية والتشخيصية الموجودة في المستشفى لضمان تلقي المريض رعاية شاملة، وعلى أعلى مستوى من الجودة، إذ يتضمن أربع غرف مجهزة بأحدث الأجهزة في مجال طب النوم، إضافة إلى خدماته التشخيصية والعلاجية، فإن المركز يهدف لنشر الوعي الصحي عن اضطرابات النوم في المجتمع، وذلك عن طريق عقد المنتديات والفعاليات التثقيفية، والعمل على إنتاج كوادر صحية مدربة من أطباء وفنيين في مجال طب النوم لخدمة مجتمعنا والرقي به، ومن ثم مجاراة المراكز العالمية.


وأشار إلى أن المركز يسعى إلى تحقيق أهداف عديدة، منها خدمة المجتمع بتوفير مركز متطور لتشخيص وعلاج اضطرابات النوم، وتقييم حجم التأثير الصحي للسهر على المجتمع، والعمل على الحد من الحوادث، خصوصاً المرورية الناتجة فرط النوم بعد التشخيص والعلاج، ورفع مستوى الوعي الصحي باضطرابات النوم لدى الأطباء وطلبة وطالبات الطب خاصة والمجتمع عامة، وإعداد فنيين وأطباء من الشباب السعودي في مجال طب النوم.
ولفت إلى أنه يتم تقييم الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في نومهم، أو الذين قد تم تحويلهم على استشاري اضطرابات النوم في عيادة النوم، حيث يقوم الاستشاري بسؤال المريض عن تاريخه المرضي ونمط نومه، وبعدها يتم فحص المريض، وبناء على ذلك يقرر الطبيب ما إذا كان المريض بحاجة للخضوع إلى فحص النوم الليلي. وفي حال خضوع المريض لفحص النوم، يناقش الاستشاري معه نتائج الفحص، ويعرض عليه الحلول والعلاجات المتاحة، وتتضمن العلاجات: استخدام أجهزة الضغط الإيجابي المستمر والأدوية وتغيير عادات وسلوكيات النوم. وأما بالنسبة للأشخاص الآخرين الذين لا يحتاجون إلى فحص نوم ليلي، فهؤلاء سيتم العلاج المناسب لهم وفقاً لتشخيصهم السريري.


أما استشاري أمراض الجهاز التنفسي واضطرابات النوم نائب مدير مركز طب النوم الدكتور فارس الحجيلي، فيقول: النوم يعد من أهم حاجات الإنسان، وبفقدانه أو باختلال توازنه تختل كثير من وظائف الجسد، وقد تغيب عن كثيرين أهمية النوم الصحي الهادئ، رغم أن الإنسان يقضي ثلث يومه في النوم في أغلب الأحيان، ويرتبط النوم الصحي بشكل كبير بتوازن وصفاء الذهن، ويقظة وسلامة العقل والوظائف الحيوية.
وتابع: يحتاج الإنسان البالغ من 7 إلى 9 ساعات من النوم يومياً، وتختلف الحاجة إلى عدد ساعات النوم من شخص لآخر، حسب المرحلة العمرية، فالأطفال يحتاجون إلى وقت أطول من النوم لتغطية حاجات الجسم خلال مراحل النمو، وهناك اعتقاد سائد بأن النوم عبارة عن حالة من الخمول في وظائف الجسم العقلية والجسدية، والواقع الذي تم إثباته في كثير من الدراسات العلمية يخالف ذلك تماماً، حيث ثبت أن هناك كثيراً من الأنشطة المعقدة على مستوى المخ تحدث في وقت النوم، بل إن بعض الوظائف الحيوية تكون أكثر نشاطاً خلال النوم، كما أن بعض الوظائف تحدث خلال النوم فقط، وتختفي تماماً في حالة الاستيقاظ، وبعض هذه الوظائف تختص بإعادة بناء الأنسجة وإفراز بعض الهرمونات وغيرها من التغييرات.

ونوه الحجيلي بأن الإنسان يمر خلال نومه بمراحل عدة، لكل منها دور مهم في وظائفه الحيوية، فهناك المرحلتان الأولى والثانية، وهما ما يطلق عليهما النوم الخفيف الذي يبدأ مع بداية الدخول في النوم، تليهما بعد ذلك مراحل النوم العميق، التي لها دور بالغ الأهمية لاستعادة جسم الإنسان لنشاطه، وينتج عن النقص في النوم العميق شعور بالإرهاق والتعب خلال ساعات النهار، وبعد ذلك يدخل الإنسان في مرحلة الأحلام، أو ما يسمى بمرحلة حركة العينين السريعة، وهي المرحلة التي تحدث فيها الأحلام، ويستعيد فيها الذهن نشاطه وحيويته.


وفي السياق حذرت استشارية طب النوم الدكتورة رنيا الشمراني، من سهر الأطفال لساعات طويلة وراء الإلكترونيات، مبينة أن استخدام الوسائط الرقمية بين الأطفال أصبح في تزايد مستمر، إذ إن هناك ضوابط وقواعد لاستخدام هذه الوسائط الرقمية ينصح بالبدء بها في عمر مبكر كما توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، فيجب أن تأخذ هذه الضوابط في الاعتبار عمر كل طفل، صحته، شخصيته، ومرحلة نموه، كما يجب على جميع مقدمي الرعاية الآخرين، مثل جليسة الأطفال أو الأجداد، واتباع هذه القواعد باستمرار، حتى لا تكون هناك انعكاسات سلبية مؤثرة، وخصوصاً على النوم، فليس هناك أدنى شك بأن الأطفال تأثروا كثيراً بهذه التقنيات التي أصبحت الآن بالنسبة لهم خير صديق وجليس.

وقالت الدكتورة رنيا: يحتاج جميع الأطفال والمراهقين إلى نوم كاف من 8-16 ساعة، حسب العمر، والنشاط البدني.


من جانبه أوضح الدكتور وائل عبد الله العمودي، استشاري طب النوم، أن النوم يعتبر ركناً أساسياً من هرم الصحة الذي يرتكز أيضاً على الرياضة اليومية، والاهتمام بالحمية والغذاء والوزن الصحي، والصحة النفسية.
وخلص الدكتور العمودي إلى القول، إذا كان الفرد لا يزال يشعر بعدم الراحة في النوم أو تغير جودته مقارنة بالماضي فعليه بمراجعة الطبيب المختص باضطرابات النوم للاستشارة وعمل الفحوصات اللازمة.


إلى ذلك يقول استشاري طب الأسرة، وطب اضطرابات النوم للبالغين والأطفال، الدكتور وائل يار: النوم الجيد يعتبر وقاية من الكثير من الأمراض، كالأكل الصحي، وجودة النوم لا تقاس بعدد الساعات فقط، مشيراً إلى أن النوم 7-9 ساعات يَوْمِيّاً هو الحد المعروف والمثبت عِلْمِيّاً أنه كاف للبالغين كلهم.
وقال إن الاكتئاب والحزن والقلق والضغط النفسي تؤثر على جودة النوم، موضحاً أن من الأمور التي قد تغيب على الإنسان هي أهمية تعرضه لضوء الشمس صباحاً.
وأوضح أن كثيراً من اضطرابات النوم تأتي للأشخاص الذين يعملون بمكاتب أو بيئة عمل بلا نوافذ، والعلاج بالضوء قد يتغلب على الكثير من المشاكل، كما أن التعرض للضوء مهم عند الاستيقاظ لضبط الساعة البيولوجية بشكل منتظم، والعلاج بالضوء صباحاًً يُستخدم لتعديل الساعة البيولوجية لمن يُواجهون صعوبات بالنوم للاستيقاظ لأعمالهم مبكراً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *