ما أن سجل اللاعب الأرجنتيني غونزالو مونتيل ركلة الجزاء الحاسمة التي توجت الأرجنتين باللقب الثالث في نهائي كأس العالم قطر 2022، حتى انهالت الشتائم العنصرية في منصات التواصل الاجتماعي على اللاعبين الفرنسيين من أصول أفريقية الذين أهدروا ضربات الجزاء. فجأة أصبح هؤلاء اللاعبون الذين كانوا أبطالاً في طريقهم إلى النهائي، دخلاء أفارقة ولا يستحقون الجنسية الفرنسية، بل والسبب في نكسة المنتخب الفرنسي.
ذات الموقف تعرض له اللاعبون راشفورد وسانشو وساكا، لاعبو المنتخب الإنجليزي من أصول إفريقية، بعد إهدارهم لضربات الجزاء في نهائي أمم أوروبا 2020، والذي خسر فيه المنتخب الإنجليزي النهائي لصالح إيطاليا على ملعب ويمبلي الشهير.
ونذكر أيضا كيف تعرض لاعب إيطاليا الأسمر بالوتيلي للعنصرية في الملاعب الأوروبية. ولن ينسى الجميع الغضب الشديد للاعب الكاميروني صاموئيل إيتو في الملاعب الأوروبية عندما هدد بالانسحاب من المباراة باكياً بسبب الهتافات العنصرية. وكذلك اللاعب البرازيلي داني الفيس الذي قامت الجماهير بإيقاع موزة عليه، وهي تشبيه له بأنه قرد، إلا أنه قابل هذا الموقف بكل برود وقام بأكلها.
الأمثلة على العنصرية في الملاعب كثيرة جداً، ولن يتسع هذا المقال لسردها. هناك من الجماهير من يستخدم العنصرية من واقع إيمانه بأنها مبدأ حياته، وهناك من الجماهير من يلجأ للألفاظ العنصرية كسلاح ضد الفريق الآخر لتشتيت الانتباه وإرباك الخصم، دون أن يؤمن بالعنصرية كمبدأ. وقام الاتحاد الدولي لكرة القدم بحملات عديدة لمحاربة العنصرية في الملاعب، وفرضت عقوبات صارمة ضد من يقوم بها.
من وجهة نظري المتواضعة التي تقبل الخطأ والصواب، فإن العنصرية متفشية في ملاعب كرة القدم منذ فترة طويلة، وظلت وصمة عار في اللعبة. للأسف، من المستحيل القضاء تماماً على التمييز ضد اللاعبين من أصول أفريقية؛ لأنه متأصل بعمق وغالباً ما يدعمه أشخاص أو منظمات قوية خلف الكواليس. العنصرية متجذرة ويصعب محاربتها عندما لا يتم محاسبة مرتكبيها. ستستمر العنصرية في كونها مشكلة في كرة القدم الأزلية إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء حقيقي ضد السلوك العنصري، علنا وسرا. يمكن أن يشمل ذلك سياسة عدم التسامح مطلقاً مع التمييز، والشفافية أثناء جلسات الاستماع التأديبية، وتثقيف الأجيال الشابة حول العنصرية في الميدان.
أشد الناس تفاؤلا، يرى أن العنصرية الموجودة في كرة القدم يمكن معالجتها بفاعلية بجهود متضافرة من قبل كل من الجماهير والمنظمات. وهذا رأي لا اتفق معه أبداً لأنه مهما تضافرت الجهود فلا يمكن القضاء عليها كمشكلة في كرة القدم، أو في الرياضة عامة. العنصرية في كرة القدم هي مشكلة موجودة منذ أجيال، وللأسف يبدو أنها وجدت لتبقى. بغض النظر عن عدد الحملات أو العقوبات التي تفرضها الهيئات الإدارية، لا تزال حوادث العنصرية تحدث وسوف تتكرر مستقبلاً. يجب أن يكون هناك تحول ثقافي عبر الأندية والبطولات والمشجعين على حد سواء، وهذا أشبه بالمهمة المستحيلة. حتى ذلك الحين، ستظل العنصرية في كرة القدم صعبة التصدي لها وجهاً لوجه.